مقالات

الامام زين العابدين “ع”…حامل راية الاسلام بعد كربلاء

هو كلمة السر المحمدية وغصن الشجرة السرمدية، علم العارفين وزين العابدين، وقرة عين المحبين ، وزين الصالحين ووارث علم النبيين ووصي الوصيين وخازن وصايا المرسلين وإمام المتقين ومنار القانتين والخاشعين ،إمام الأمة وأبو الأئمة علي ابن الحسين “ع” سيد الساجدين .

نبذة عن حياة الامام (ع) :
ولد سليل بيت النبوة الامام علي بن الحسين “ع” في المدينة سنة٣٨ للهجرة ، والده سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين بن علي بن ابي طالب “ع” ووالدته السيدة شاه زنان بنت يَزدَ جُرد بن شَهرَيَار بن كِسرى، وزوجته السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى “ع”.

كان الإمام زين العابدين “ع” علم للعارفين ومنارة للحق ومثالاً كاملاً للخاشع المتبتل لربه والمحب الهائم به ، حيث كانت تأخذه عن نفسه جذبات يغيب فيها عن حسه وعن الدنيا كلها كما كان الحبيب المصطفى “ص”.

نهل عنه العلم والادب كبار أهل العلم الذين توافدوا الى مدرسته في المدينة ، فنقلوا عنه الحديث وعلوم الشريعة من تفسير القرآن الكريم والعلم بمحكمه وأحكامه وآدابه، والسُنّة النبوية الشريفة روايةً وتدويناً ، كما تأدبوا على يديه في مجالسه بآداب الإِسلام التي شحنها في أدعيته التي اشتهرت وانتشرت في عهده حتى أصبحت تشكّل لوحدها ظاهرة جديدة في تبني أسلوب روحي متين ، وسجل سابقةً علمية وتاريخية برسالة خالدةٍ استوعبت جلّ الحقوق التي لا يستغني الإِنسان عن معرفتها والعمل بها وسميت ” رسالة الحقوق”. كما جمعت أدعيته في “الصحيفة السجادية”، التي تمثل الآن بين أيدينا كنزاً ثميناً من المعارف الإسلامية.

وواجه الإمام السجاد “ع” أيضاً مقولات عقائدية تبنتها فرق إسلامية وتمحورت حولها واتخذت منها مناهج خاصة في فهم عقائد الإِسلام وتوجيه أحكامه، فما كان منه إلاّ أن وقف موقفه الواضح والمنسجم مع منهجه في التعليم والدفاع عن مبادىء الشريعة، فضمّن أقواله الحكيمة وأدعيته المشتهرة نصوصاً تجتث تلك المقولات من جذورها، ومن هذه المقولات عقيدتي الجبر والإرجاء اللتين روّج لهما الأمويون تبريراً لوجودهم في السلطة ولمشروعهم السياسي، وعقيدتي التشبيه والتعطيل في الصفات اللتين اتخذتهما فرق متناقضة بذرائع مختلفة.

عاش بعد أبيه الحسين “ع” أربعاً وثلاثين سنة، وهي مدة إمامته عليه السلام. فكان في سني إمامته بقية ملك يزيد وملك معاوية بن يزيد وملك مروان وعبد الملك. وسَمت روحه العظيمة إلى خالقها في الليلة الخامسة والعشرين من شهر محرم الحرام عام أربعة وثمانين هجرية بالسم على يد الوليد بن عبدالملك بن مروان لعنه الله عن عمر يناهز ٥٨ سنة ،بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها،وعباداتها، وجهادها، وتجرُّدِها من الهوى.

و تولَّى الإمام محمّد الباقر “ع” تجهيز جثمان أبيه “ع”، وبعد تشييع حافل لم تشهد المدينة نظيراً له، جيء بجثمانه الطاهر إلى مقبرة البقيع في المدينة المنوّرة، ودفن بجوار قبر عمِّه الإمام الحسن المجتبى “ع”.

الامام زين العابدين”ع” والثورة الحسينية
شهد الامام زين العابدين “ع” واقعة الطف في كربلاء مع والده الحسين “ع” ، وشاءت العناية الالهية بأن يكون عليل خلال تلك الفترة كي لا تخلو الارض من نسل آل محمد “ص” ، لقد شاء الله تعالى بأن يكون للامام زين العابدين “ع” الدور الريادي والعظيم بعد كربلاء ، ذاك الدور الذي ساهم في حفظ نهضة عاشوراء واستمرارية مدرسة كربلاء المقدسة إلى يومنا هذا.

فكان على الامام “ع” أن يتولى المواجهة والتصحيح، وقد كانت البداية في الشام حيث الدور الإِعلامي أكثر تأثيراً من قعقعة السيوف وطعن الرماح مع ما يستبطن من فضح وكشف واحتمال تصفية وقتل، حيث وقف الإمام السجاد “ع” في مجلس يزيد مسفّهاً الدعاوى الاموية التي حاولت تشويه نهضة الحسين “ع”، وتزييف أهداف ثورته، فيروح مندّداً بالعصابة التي حرّفت دين النبي صلى الله عليه وآله ويضع أُولى العناوين العريضة في المسيرة التبليغية الإِعلامية التي قادت وتقود مسيرة الإِحياء العظيمة هذه، برائدها الوحيد الحيّ الباقي، مؤكداً على الفرعونية الجديدة التي تتحكّم باسم الدين.

وقد روى الرواة كثيراً عن حزنه وبكائه فكان كلما قدم له طعام وشراب يقول: كيف آكل وقد قتل أبو عبد الله “ع”جائعاً، وكيف أشرب وقد قتل أبو عبد الله “ع” عطشاناً. وكان كلما اجتمع إليه جماعة أو وفد يردد عليهم تلك المأساة ويقص عليهم من أخبارها. وأحياناً يخرج إلى السوق فإذا رأى جزاراً يريد أن يذبح شاة أو غيرها يدنو منه ويقول: هل سقيتها الماء؟ فيقول له: نعم يا بن رسول الله إنا لا نذبح حيواناً حتى نسقيه ولو قليلاً من الماء، فيبكي عند ذلك ويقول: لقد ذبح أبو عبد الله”ع” عطشاناً.لقد كان يحاول في أكثر مواقفه هذه أن يشحن النفوس ويهيئها للثورة على الظالمين الذين استباحوا محارم الله واستهزأوا بالقيم الإنسانية والدعوة الإسلامية من أجل عروشهم وأطماعهم .

وحمل الامام رسالة عاشوراء … رسالة الجرح الثائر ، والدم المنتصر ، والألم المتمرد ، والإنتفاضة التي لا تهدأ ،ووجه أنظار الناس إلى الهدف السامي الذي قام من أجله أبوه الإمام الحسين “ع” وضحى بنفسه وأولاده وأهل بيته وأصحابه الكرام في سبيله، وهو إحياء الإسلام، والوقوف أمام المؤامرات التي أرادت القضاء على الإسلام.

فبالقدر الذي كان قيام سيد الشهداء الحسين “ع” مؤثراً في إحياء الإسلام والقرآن الكريم.. .كذلك كان قيام الامام زين العابدين “ع” بالحفاظ على استمرار وبقاء تلك النهضة له نفس التأثير في استمرارية المفاهيم الإسلامية وشريعتها، ولو لم تكن عملية استمرار النهضة المقدسة للإمام الحسين “ع” فان تلك النهضة سوف تحجم وتحد بزمانها وتنسى وربما تحرف وتغير عن واقعها الموجود عبر الإعلام المزيف والكاذب، حالها حال الكثير من النهضات والحركات الأخرى، ولكن عملية استمرار النهضة جعلتها حية وخالدة في كل عصر وزمان بكل تفاصيلها وأحداثها.

اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ سَيِّدِ الْعابِدينَ الَّذىِ اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَ جَعَلْتَ مِنْهُ اَئِمَّةَ الْهُدىَ الَّذينَ يَهدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ، وَ اصْطَفَيْتَهُ وَ جَعَلْتَهُ هادِياً مَهْدِيّاً، اَللّـهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اَحَد مِنْ ذُرِّيَةِ اَنْبِيائِكَ حَتّى تَبْلُغَ بِهِ ما تَقِرُّ بِهِ عَيْنُهُ فِي الدُّنْيا وَ الاْخِرَةِ، اِنَّكَ عَزيزٌ حَكيمٌ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى