مقالات

التجارة مع الله

قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر : 29] .

الملفت للنظر أنّ كثيراً من الآيات القرآنية الكريمة تشبّه هذا العالم بالمتجر الذي تُجّاره الناس ، والمشتري هو الله سبحانه وتعالى ، وبضاعته العمل الصالح ، والقيمة أو الأجر : الجنّة والرحمة والرضا منه تعالى (1) .

ولو تأمّلنا بشكل جيّد فسوف نرى أنّ هذه التجارة العجيبة مع الله الكريم ليس لها نظير ، لأنّها تمتاز بالمزايا التالية التي لا تحتويها أيّة تجارة اُخرى :

1 ـ إنّ الله سبحانه وتعالى أعطى للبائع تمام رأسماله ، ثمّ كان له مشترياً!.

2 ـ إنّ الله تعالى مشتر في حال أنّه غير محتاج ـ إلى شيء تماماً ـ فلديه خزائن كلّ شيء.

3 ـ إنّه تعالى يشتري «المتاع القليل» بالسعر «الباهض» «يامن يقبل اليسير ويعفو عن الكثير» (2) ، «يامن يعطي الكثير بالقليل».

4 ـ هو تعالى يشتري حتّى البضاعة التافهة { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة : 7].

5 ـ أحياناً يعطي قيمة تعادل سبعمائة ضعف أو أكثر «البقرة ـ 261».

6 ـ علاوة على دفع الثمن العظيم فإنّه أيضاً يضيف إليه من فضله ورحمته { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } [النساء : 173] (الآية موضوع البحث).

ويا له من أسف أنّ الإنسان العاقل الحرّ ، يغلق عينيه عن تجارة كهذه ، ويشرع بغيرها ، وأسوأ من ذلك أن يبيع بضاعته مقابل لا شيء.

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول : «ألا حرّ يدع هذه اللّماظة لأهلها ، إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلاّ الجنّة ، فلا تبيعوها إلاّ بها» (3).

_____________________

1.الصف 1 ، والتوبة 111 ، والبقرة 207 ، والنساء 74.

2.بحار الانوار ، ج68 ، ص75.

3.نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، جملة 456.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى