مقالات

الدكتور احمد راسم النفيس يكتب..الباز أفندي المفهماتي الذي لا يفهم يرى (الحسين ظالما)!!

يعاني عالمنا الإسلامي من تزاوج الجهل مع الكبر والقهر وهي معضلة قديمة قدم التاريخ البشري (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)!!.

الآن ومع تفاقم أزمة الإرهاب الوهابي تكاثر عدد الجهال الذين يتناوبون على تفهيمنا ما يرون أنه يتعين علينا فهمه رغم كونه غير قابل للحكي ناهيك عن قابليته للاستيعاب والفهم!!.

يقول تعالى (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُواْ الْأَلْبَابِ)، وإذا لم نجد الحكمة عند أهل بيت النبوة ومنهم الحسين بن علي عليه السلام سيد شباب أهل الجنة؟!، فأين نجدها إذا؟!.

هل نجدها عند الباز أفندي الذي يقلب الكلام رأسا على عقب فيجعل الحق باطلا والباطل حقا زاعما أنه غير رأيه بسبب تضخم معرفته مستشهدا بكلام النفري (كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة).. دون أن ينسب القول إلى قائل لا يعرفه من الأساس ولا قرأ له ولا حتى سمع عنه!!.

الباز أفندي: لا رؤية ولا عبارة

الباز أفندي يعتقد أنه يفهم في كل شيء ولذا فقد نصب نفسه مفهماتي الأمة الإسلامية ومن الواضح أنه لم يقرأ لا تاريخ ولا سيرة وأن معلوماته في هذه المساحات لا تتجاوز خطبة الجمعة التي سمعها في الجمعية الشرعية وبعض النصوص التي قرأها في كتاب المدرسة قبل أربعين عاما!!.

يقول الباز أفندي في مقاله الذي يرشحه لنيل جائزة الجوكر (عندما خرج جده العظيم فى العام التاسع للهجرة قاصدًا بيت الله الحرام فى مكة، فرض عليه أهلها صلح الحديبية، كانت شروطه مجحفة، اعتبر عمر بن الخطاب موافقة النبى على هذه الشروط قبولا بالدنية فى الدين، لكن النبى أتم صلحه، وأخذ رجاله وعاد مرة أخرى، كان يمكن للنبى أن يدخل معركة ضد جحافل قريش ليثبت أنه على الحق، أو ليقول للعالم من بعده، ادخل معركة حتى لو هلكت فيها، ليثبت للجميع أن الحق لابد أن يدافع عنه حتى لو كان ضعيفًا، وليس مهما أن يكون قتالك وأنت ضعيف سببًا فى هلاكك وفناء من معك).

 كم هو مسكين وبائس لكن الأكثر منه بؤسا هو جمهوره الذي يسمع مثل هذا الكلام الفارغ فلا يفزع من كم الجهل المتضمن فيه وغيره من الروايات التي سعت لتمجيد الخليفة الثاني على حساب مقام النبوة، تعالى رسول الله صلى الله عليه وآله عن مثل هذه الهذيانات والخرافات!!.
وبينما يزعم الباز أفندي أن صلح الحديبية كان في العام التاسع للهجرة تقول كتب السيرة أن تحرك رسول الله صلى الله وآله نحو مكة من أجل العمرة جاء في ذي القعدة من العام السادس، ذلك التحرك الذي انتهى بإبرام صلح الحديبية الذي شكل انتصارا سياسيا باهرا وهزيمة مدوية لمعسكر الشرك القرشي.

لو فكر الأستاذ قليلا قبل يكتب هذا الكلام الفارغ لأدرك استحالة أن يكون صلح الحديبية في العام التاسع حيث تلاه بعد ذلك بعام عمرة القضية ثم فتح مكة الذي كان في العام التاسع ثم حجة الوداع لطلب من طاقم مساعديه أن يراجع هذه المعلومة قبل كتابتها ونشرها.

أما حكاية الشروط المجحفة التي يزعمون أن الرسول قد قبل بها على خلاف رأي عمر بن الخطاب فهي مزحة سمجة ومفبركة فالرسول أصلا لم يتجه نحو مكة بغرض الحرب بل من أجل هدف سياسي محض وكان أن نجح في تحقيقه عندما فرض على المعسكر الآخر الاعتراف به وأقر بحرية نشر الدعوة وكف الأذى عن مسلمي مكة المستضعفين.

الباز أفندي (صاحب الرؤية الواسعة) يردد نفس المقولات الخبيثة الفاشلة التي ترى أن صلح الحديبية كان (إعطاء للدنية) بينما يصف ابن شهاب الزهري ما جرى قائلا: ما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه إنما كان القتال حيث التقى الناس فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب أوزارها وأمن الناس كلهم بعضهم بعضا فالتقوا وتفاوضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه فلقد دخل في تينك السنتين في الإسلام مثل ما كان في الإسلام قبل ذلك وأكثر[1].

استحمار البشر ومن أبى فقد كفر!!

تلك هي أصل الحكاية، حيث يزعم من يزعمون محاربة الإرهاب أن صلح الحديبية كان نوعا من الدنية رضي به رسول الله ورفضه عمر بن الخطاب، بينما يروي ابن سعد في الطبقات قوله صلى الله عليه وآله (أما والله لا يسألوني اليوم خطة فيها تعظيم حرمة الله إلا أعطيتهم إياها).

دجل وهراء أن يصور البعض أن الرسول صلى الله عليه وآله خرج غازيا محاربا فأوقفته قريش فاضطر لإبرام هذا الاتفاق!!.

توجه الرسول صلى الله عليه وآله نحو مكة محرما مصطحبا معه الهدي معلنا أنه لا يريد حربا قائلا (لا تَدْعونى قريش اليوم إلى خُطَّة يسألوننى فيها صِلة الرحم إلا أعطيتهم إياها)!!.

يزعم الفيلسوف المفهماتي أن عنوانه البائس (الحسين ظالما) انطلق (من تجارب الذين يحاربون الآن باسم الإسلام، مدعين العمل من أجل نصرته).

الذين يزعمون أنهم يحاربون من أجل الإسلام وتحديدا أولئك الذين ملئوا الدين خرابا وقتلا للأبرياء ينتمون لمدرسة (علام نعطي الدنية في ديننا)، مدرسة قتل الأسرى و(أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) وهي ذات المدرسة التي ينتمي إليها قتلة الإمام الحسين والتي يبدو أنها تعاني خوفا واضطرابا وقلقا من صعود المدرسة الحسين الاستشهادية وليست الانتحارية.

مدرسة استغباء الضعفاء وتجهيلهم وإعمال السيف قطعا لرقابهم ليس فقط لو قاوموا السيف بمثله، بل لو حاولوا التعرف إلى أئمة الحق الهداة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

رضينا بالذل إلا أن الذل لم يرض بنا!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏تموز‏ 13‏، 2019

‏ذو القعدة‏ 11‏، 1440هـ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى