مقالات

الرسالة الإلهية

اقرأ في هذا المقال
  • من قوانين الله سبحانه أن جعل لكلِّ شيء أجراً ومقابلا
  • هذه سنّة الله وهي جارية أيضا في سائر المواضيع, ولا تستثنى النبوة من هذه السنة بل قد شملتها ونزل بها نصٌ صريح

من قوانين الله سبحانه أن جعل لكلِّ شيء أجراً ومقابلا, فهناك أجر لكلِّ عمل ولكلِّ تصرّف سواء كان حسناً أو سيِّئا (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) , والحقيقة أن هذا التقابل مما يدعو للعمل الصالح ويُرغِّب إليه.

كما أنه يُبعِّد عن السُّوء والباطل ويُنفِّر عنه, فإذا علم الإنسان بأن حسنته سوف تضاعف ويكون لها ثمر عظيم ونفع وفير فلا بدَّ أنه سيرغب في فعلها والإتيان بها, كما أنه إذا علم بأن هناك مراقبا ومحصيا لأخطائه وهفواته, وأن هناك عقابا لها وسيحلّ به الخزي والعار فذلك مدعاة إلى ترك العمل القبيح والابتعاد عنه,

هذه سنّة الله وهي جارية أيضا في سائر المواضيع, ولا تستثنى النبوة من هذه السنة بل قد شملتها ونزل بها نصٌ صريح قال تعالى:(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ) , فشمل الله بعنايته الخاصة نبيّنا الأكرم و أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام), وهذا الخطاب خاصٌّ بهم وإلى يوم القيامة وعلى امتداد الزمان, ومن نظائر هذا الخطاب مخاطبته سبحانه لنوح:( وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ) , وحكى تعالى عن هود قوله (يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ) , بينما اختلف الخطاب الإلهي لنبينا الخاتم (صلى الله عليه وآله) فصار أجر الرسالة والمشقة العظيمة التي تحمّل أعباءها الرسول مودّة قربى الرسول وأهل بيته, ومعناه أولا الإذعان بخلافتهم وولايتهم على المسلمين بعده والاعتراف بحقوقهم, ويدخل تحت العنوان المذكور تولّيهم والبراءة من أعدائهم وقاتليهم وظالميهم, ولا يخفى لطف هذا الأمر الإلهي كونه يصبُّ في مصلحة الناس أجمع على اختلاف معتقدهم ودينهم, فمودّة قربى الرسول معناها انصياع الأمة لأوامرهم ونواهيهم لأنهم قادة الأمة, وبالتالي فإن نتيجة إطاعة الأمة ضمانة تطبيق الشريعة الإسلامية بتفاصيلها على واقع الحياة, وبالنتيجة فهي تنطوي على السعادة المنشودة بتطبيق أحكام الإسلام وشمولها مفاصل الحياة المختلفة, كما أن مفهومها تحصيل التعاسة والخيبة والخسران والوصول إلى الحضيض بترك المودة ومفارقة أهل البيت (عليهم السلام) وتهميشهم وعدم متابعتهم, وفي الحديث: (إنّما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق) , ولمّا امتنع المسلمون كما في الأثر عن الإصغاء إلى الرسول حينما طلب منهم الاستماع إلى حديثه, ففي الأثر و بعد نزول الآية: (قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض لي عليكم فرضاً فهل أنتم مؤدُّوه ؟ فلم يجبه أحد, فقال : يا أيها الناس إنه ليس من فضة ولا ذهب ولا مأكول ولا مشروب فقالوا : هات إذاً, فتلا عليهم هذه الآية فقالوا : أما هذه فنعم) , فالمسلمون قبلوا بمفاد الحديث عن رسول الله ولكن على مضض وبعد إعراض, إذ لم يلتفتوا إليه ابتداءاً, بل استمعوا للرسول بعد ثلاثة أيام من توجيه النداء, والدليل عليه أيضا عدم اعتناء الناس بالعترة وذوي القربى تعاملاً وسلوكاً, والابتعاد عنهم, والجنوح إلى غيرهم, سواء في ذلك الجانب الفقهي, أو السياسي كما الميل إلى الملوك والحكّام لتحصيل لذّات الدنيا الحقيرة الفانية, وهذا ما نشاهده من قراءة للأحداث بعد ممات رسول الله (صلى الله عليه وآله), إذ زويت العترة الطاهرة عملا عن المجتمع بغية إطفاء نورها وطمس معالمها الكريمة, وجهد أعداء الدين في ذلك أيّما جهد وبكل ما أوتوا من قوة ومكنة وعلى الرغم من تلك المحاولات البائسة اليائسة ظلّت معالمهم شامخة وظلّ هديهم نورا يتألّق يهتدي به القريب والبعيد, وعلى مرّ العصور وتعاقب الأجيال (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى