مقالات

المعصية تنشأ من حب الراحة

ورد في الروايات عن الإمام الصادق عليه السلام: (أيما مؤمن مشى مع أخيه المؤمن فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله) ، وهذه من الروايات المعتبرة التي تؤكد أ همية التناصح بين المؤمنين . لعل من أهم الأشياء الواردة في أحاديث الائمة عليهم السلام الأمور التي تبين منشأ الطاعة ومنشأ المعصية ، فالروايات تبين كيف بدأت المعصية بحياة الإنسان وما هو أول ما عصي به الله تعالى ؟ بعض الروايات تذكر أن أول ما عصي به الله عز وجل ونشأت به المعصية هو حب الارحة ، فبعض الروايات تشير إلى أن رغبة الإنسان في عدم التعب هو أحد أسباب حدوث المعصية أي أن الإنسان يريد أن يرتاح . ولدينا ثقافة قرآنية مهمة يجب الالتفات لها لأن القرآن الكريم هو هدى للمتقين ، فالله تعالى يق ول أنتم وجدتم في هذه الدنيا بهدف واحد وهو الابتلاء الابتلاء ليس ً طبعا هو الهدف النهائي ولكن ، الهدف النهائي لا يتحقق من ء دون الابتلا ، فانتقال صفات الخير من القوة الى الفعل تت وقف على الابتلاء ، يعني أولياء الله تعالى عندهم قابلية الارتقاء والكمال نح وه عز وجل ، ولكن التكامل لا يكون دون ابتلاء. ولذا الإمام الصادق عليه السلام ينقل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل: (يا رسول الله ، من أشد الناس بلاء في الدنيا فقال : النبيون ثم الأمثل فالأمثل ، ثم علق الإمام عليه السلام بالقول: فمن سخف إيمانه وضعف والسخيف يعني الشيء الهش الضعيف ، ) بلاؤه ّ عمله قل فيقال الورقة سخيفة يعني ضعيفة جدا خلافا للشيء الغليظ الكبير . ف
قلت الابتلاء تنشأ من سخافة الايمان ، والروايات تقول أن هناك ملازمة بين وجود الإنسان وبين البلاء ، فالإنسان يريد أ ح ن يكون مرتا ا وغير مبتلى ، ورغبة الإنسان في الارحة تجعله

يسعى للتخلص من الابتلاء و ألا ف ، يكون موقه عند الابتلاء موقفا سليما والسبب هو حب الارحة ولذلك حب الار حة قد تكون صفة سيئة وخبيثة وقبيحةوليس دائما حب الارحة أمر جيد . كيف تكون صفة حب الارحة سيئة وخبيثة ؟ لأن ّ العشق يولد ال رغبة في التعب بعض الأحيان وبغض الارحة ، فإذا كنت عاشقا وتريد أن تذهب نحو المعشوق فإ احة لا تكون مهمة بالنسبة ن الر إليك بل لا تشعر بالتعب ، فالعاشق . وكأنك لم تبذل جهدا لأن هناك عشق ومحبة ، يتعب ولكن وكأنك لم تتعب فحب الارحة دليل على ضعف العشق أو إنعدام العشق لأنه لا يوجد تعلق بالمعشوق وهو الله تعالى ، والإنسان يبغض الارحة أحيانا ولا يريد أن يرتاح لماذا ؟ وقد خلوت بك و ، وقد خلا كل حبيب بحبيبه أنت المحبوب ، فالإنسان يريد أن يخلو بحبيبه وهو وفقدان العشق يخلق النعاس ، الله عز وجل ، فنفس العشق يؤدي إلى اليقظة ويخلق حالة اليقظة و ، يخلق التعب والارهاق والتارجع ، فالذي يوقظ العاشق عشقه ، فالعشق يوقظك من النوم و العشق يجعل الإنسان في حالة من السهر ، والذي يجعل الإنسان يسهر هو الحب و العشق و التعلق و الارتباط بالله تعالى ، فالعشق يخلق حالة عدم رغبة الانسان في التخلص من التعب في سبيل محبوبه ومعشوقه . ثم نجد إمامنا ومولانا الكاظم عليه السلام في وصيته الثابتة بسند صحيح لأحد أبنائه ينصحه بنصيحة من أجل الآخرة ، وهذه نصيحة الإمام المعصوم وليس نصيحة فلان أو فلان لذا يجب الانتباه لها ، فيقول له: (يا بني اياك والكسل والضجر ، فإنهما يمنعانك من حظك من الدنيا و الآخرة) ، فالضجر بمعنى الملل فإياك الكسل والملل . و مشكلة الضجر والكسل أنهما يترتب عليهما أمر خطير وهو عدم الحظ في الأمور الدنيوية البحتة : فالله عز وجل قال في محكم كتابه ، انية من الحياة النور ً { بل يمنعان أيضا ، فقط } ً ةَ ب ّ يَ ط ً اةَ يَ ح ُ هَّ نَ ي يْ حُ نَ لَ 1 ف ، فإذا كنت تريد حياة الصالحين الطيبة والنوارنية فلن تحصل عليها ، وحتى القرب من الله عز وجل لن تحصل عليه إذا كن ً ت مصابا بالكسل والضجر .
. 97 آية– سورة النحل 1

فالكسل والضجر أحد أسباب الابتعاد عن الله تعالى وسبب المعصية أ ً صلا ، وهما من أسباب عدم تحمل المسؤولية ومن أسباب ان الائمة عليهم الصلاة والسلام يشت كون من وضعهم في تلك الأيام ، فحب الارحة تولد الكسل والضجر . والإنسان لماذا يكسل ؟ لأنه يريد أن يرتاح وينام ، وواقعا بعض الأخوة لديهم عشق للنوم ، فإذا والبعض يقول لا ، نام ثمانية ساعات يقول لأنام بعد أربعة ساعات أخرى لأن النوم حلو وجميل يوجد ضرر ليكون هذا الشخص نائم ! ؟ ً ا هذه الصفات الائمة عليهم السلام لم يتركوها دون تعليق وقالوا أنه لا يوجد شيء بها ، بل الإمام قال لا ، يوجد فيها ضرر . وفي وصية الإمام الصادق عليه السلام لعبدالله بن جندب يقول له: أم النبي سليمان عليه السلام فبما مضمونه فإنه سبب لطول وقوفك يوم ، قالت لسليمان النبي: يا بني إياك وكثرة النوم القيامة، فسوف تقف ي وم القيامة وقوف طويل بسبب النوم ، لماذا ؟ لأن الله تعالى سيسألك لماذا نسيت كذا وكذا ولا يسألك فقط لماذا لم تصلي ، فقلة نشاطك تجعلك لا تتحمل المسؤولية ، والكسل يجعلك لا تقوم بما هو عليك حتى من الناحية الفكرية لن تستطيع ، التفكير بشكل صحيح ، فالاهتمام يؤدي إلى الانشغال الذهني والقلبي والحركة الفاعلة والمؤثرة و لكن هذا الكسل والضجر و حب الارحة سوف يجعلك تترك الكثير من الأمور المنوطة بك والتي إن تواجدت بها وتصديت لها ممكن أ د ن يكون وجوك بها مفيد ومؤثر وتصل من خلال هذه العناصر إلى الله تعالى ولا ن تكون محروم م هذه النعمة العظيمة . } ُ
المصدر: متابعات.

 

المصدر : ملتقى الوعي والتلاحم الشبابي .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى