مقالات

تعريف الامامة

فيما يتعلق بتعريف الإمامة هنالك اختلاف كثير في وجهات النظر، ولابدّ من وجود هذا الاختلاف، فالإمامة في نظر طائفة «الشيعة واتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام» من اصول الدين والاسس العقائدية، بينما تعتبر في نظر طائفة اخرى‏ «أهل السّنة» من فروع الدين والأحكام العملية.

فمن البديهي أن لا تتشابه نظرة الطائفتين إلى‏ مسألة الإمامة، وأن لا يكون لهما تعريف واحد لها.

من هنا نرى‏ أحد علماء السنة يعرِّف الإمامة هكذا: «الإمامة رئاسة عامة في امور الدين والدنيا، خلافة عن النبي صلى الله عليه و آله» (1).

واستناداً إلى‏ هذا التعريف، فالإمامة مسؤولية ظاهرية في حدود رئاسة الحكومة، وغاية الأمر أنّ الحكومة تتأطَّر بإطارٍ ديني، واتخذت طابع خلافة النبي صلى الله عليه و آله‏ «الخلافة والنيابة في أمر الحكومة»، وبطبيعة الحال يمكن انتخاب مثل هذا الإمام من قبل الناس.

واعتبر البعض أنّ الإمامة تعني : «خلافة شخص للنبي صلى الله عليه و آله في إقامة الأحكام الشرعية وحراسة الدين بنحوٍ تكون اطاعته واجبة على‏ جميع الامّة» (2).

وهذا التعريف لا يختلف عن التعريف الأول نوعاً ما، لأنّه يحتوى على‏ نفس المفهوم والمضمون.

كما أنّ ابن خلدون قد سار على‏ نفس هذا المعنى‏ في مقدمة تاريخه المعروف‏ (3).

ويقول المرحوم الشيخ المفيد في‏ «أوائل المقالات» في بحث العصمة ما يلي: «إنّ الأئمّة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام، وإقامة الحدود، وحفظ الشرائع، وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء» (4).

فطبقاً لهذا التعريف الذي يجاري ما يعتقد به اتباع أهل البيت عليهم السلام أنّ الإمامة أعلى‏ مرتبة وأشمل من الزعامة والحكومة على‏ الناس، بل إنّ جميع مسؤوليّة الأنبياء «سوى‏ استلام الوحي وما شابهه» ثابتٌ للائمة، من هنا فشرط العصمة المتوفر في الأنبياء متوفر في الأئمّة أيضاً.

لهذا فقد جرى‏ تعريف الإمامة في نظر الشيعة كما ورد في كتاب شرح احقاق الحق كما يلي: «هي منصبٌّ إلهي حائز لجميع الشؤون الكريمة والفضائل إلّا النبوة وما يلازم تلك المرتبة السامية» (5).

وبناءً على‏ هذا التعريف، فالإمام ينصب من قبل اللَّه تعالى‏ عن طريق النبي صلى الله عليه و آله، ويمتلك نفس الفضائل والخصائص التي يمتلكها النبي صلى الله عليه و آله‏ «عدا النبوة»، ولا ينحصر عمله في الحكومة الدينية فقط.

لهذا يعتبر الإيمان بالإمامة جزءً من اصول الدين لا من فروع الدين.

____________________
(1) شرح التجريد للقوشجي، ص 472.

(2) الشرح القديم للتجريد لشمس الدين الاصفهاني نقلًا عن توضيح المراد، تعليقة على‏ شرح تجريد الاعتقاد للسيد هاشم الحسيني الطهراني، ص 672.

(3) مقدمة ابن خلدون، ص 191.

(4) أوائل المقالات، ص 74.

(5) احقاق الحق، ج 2، ص 300 (الهامش الأول).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى