أخلاق ودعاء

دعاء أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام في المناجاة في مسجد جعفى

اقرأ في هذا المقال
  • عن ميثم رضي اللّه عنه قال: أصحر بي أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب
  • لهي عَظُمَ جُرْمي اِذْ كُنْتَ الْمُطالِبَ بِهِ، وَ كَبُرَ ذَنْبي اِذْ كُنْتَ الْمُبارَزَ

عن ميثم رضي اللّه عنه قال: أصحر بي أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ليلة من الليّالي، حتى خرج عن الكوفة و انتهى الى مسجد جعفي، توجّه الى القبلة، فصلّى أربع ركعات، فلما سلّم و سبّح بسط كفيّه و قال:

اِلهي كَيْفَ اَدْعُوكَ وَ قَدْ عَصَيْتُكَ، وَ كَيْفَ لااَدْعُوكَ وَ قَدْ عَرَفْتُكَ، وَ حُبُّكَ في قَلْبي مَكينٌ، مَدَدْتُ اِلَيْكَ يَداً بِالذُّنُوبِ مَمْلُوَّةً، وَ عَيْناً بِالرَّجاءِ مَمْدُودَةً.

اِلهي اَنْتَ مالِكُ الْعَطايا وَ اَنَا اَسيرُ الْخَطايا، وَ مِنْ كَرَمِ الْعُظَماءِ الرِّفْقُ بِالْاُسَراءِ، وَ اَنَا اَسيرٌ بِجُرْمي مُرْتَهَنٌ بِعَمَلي، اِلهي ما اَضْيَقَ الطَّريقَ عَلى مَنْ لَمْ تَكُنْ دَليلَهُ، وَ اَوْحَشَ الْمَسْلَكَ عَلى مَنْ لَمْ تَكُنْ اَنيسَهُ.

اِلهي لَئِنْ طالَبْتَني بِذُنُوبي لَاُطالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ، وَ اِنْ طالَبْتَني بِسَريرَتي لَاُطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ، وَ اِنْ طالَبْتَنىِ بِشَرّي لَاُطالِبَنَّكَ بِخَيْرِكَ، وَ اِنْ جَمَعْتَ بَيْني وَ بَيْنَ اَعْدائِكَ فِي النَّارِ لَاُخْبِرَنَّهُمْ اَنّي كُنْتُ لَكَ مُحِبّاً وَ اَنَّني كُنْتُ اَشْهَدُ اَنْ لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ.

اِلهي هذا سُرُوري بِكَ خائِفاً فَكَيْفَ سُرُوري بِكَ امِناً، اِلهي اَلطَّاعَةُ تَسُرُّكَ وَ الْمَعْصِيَةُ لاتَضُرُّكَ، فَهَبْ لي ما تَسُرُّكَ وَ اغْفِرْ لي ما لا تَضُرُّكَ، وَتُبْ عَلَىَّ اِنَّكَ اَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدٍ وَ ارْحَمْني اِذَا انْقَطَعَ مِنَ الدُّنْيا اَثَري، وَ انْمَحى مِنَ الْمَخْلُوقينَ ذِكْري، وَ صِرْتُ مِنَ الْمَنْسِيّينَ كَمَنْ نُسِيَ.

اِلهي كَبُرَ سِنّي وَ دَقَّ عَظْمي وَ نالَ الدَّهْرُ مِنّي، وَ اقْتَرَبَ اَجَلي، وَ نَفِدَتْ اَيَّامي وَ ذَهَبَتْ مَحاسِني، وَ مَضَتْ شَهْوَتي، وَ بَقِيَتْ تَبِعَتي وَ بَلِيَ جِسْمي، وَ تَقَطَّعَتْ اَوْصالي، وَ تَفَرَّقَتْ اَعْضائي وَ بَقيتُ مُرْتَهَناً بِعَمَلي.

اِلهي اَفْحَمَتْني ذُنُوبي وَ انْقَطَعَتْ مَقالَتي، وَ لا حُجَّةَ لي، اِلهي اَنَا الْمُقِرُّ بِذَنْبي، الْمُعْتَرِفُ بِجُرْمي، الْاَسيرُ بِاِسائَتي، الْمُرْتَهَنُ بِعَمَلي، الْمُتَهَوِّرُ في خَطيئَتي، الْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدي، الْمُنْقَطَعُ بي، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدٍ وَ تَفَضَّلْ عَلَىَّ وَ تَجاوَزْ عَنّي.

اِلهي اِنْ كانَ صَغُرَ في جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلي فَقَدْ كَبُرَ في جَنْبِ رَجائِكَ اَمَلي، اِلهي كَيْفَ اَنْقَلِبُ بِالْخَيْبَةِ مِنْ عِنْدِكَ مَحْرُوماً وَ كُلُّ ظَنّىِ بِجُودِكَ اَنْ تَقْلِبَني بِالنَّجاةِ مَرْحُوماً، اِلهي لَمْ اُسَلِّطْ عَلى حُسْنِ ظَنّي بِكَ قُنُوطَ الْايِسينَ، فَلاتُبْطِلْ صِدْقَ رَجائي مِنْ بَيْنِ الْامِلينَ.

اِلهي عَظُمَ جُرْمي اِذْ كُنْتَ الْمُطالِبَ بِهِ، وَ كَبُرَ ذَنْبي اِذْ كُنْتَ الْمُبارَزَ بِهِ، اِلاَّ اَنّي اِذا ذَكَرْتُ كِبَرَ ذَنْبي وَ عِظَمَ عَفْوِكَ وَ غُفْرانِكَ، وَجَدْتُ الْحاصِلَ بَيْنَهُما لي اَقْرَبَهُما اِلى رَحْمَتِكَ وَ رِضْوانِكَ، اِلهي اِنْ دَعاني اِلَى النَّارِ مَخْشِيُّ عِقابِكَ فَقَدْ ناداني اِلَى الْجَنَّةِ بِالرَّجاءِ حُسْنُ ثَوابِكَ.

اِلهي اِنْ اَوْحَشَتْني الْخَطايا عَنْ مَحاسِنِ لُطْفِكَ فَقَدْ انَسَتْني بِالْيَقينِ مَكارِمُ عَفْوِكَ، اِلهي اِنْ اَنامَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الْاِسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ فَقَدْ اَنْبَهَتْنِي الْمَعْرِفَةُ يا سَيِّدي بِكَرَمِ الائِكَ، اِلهي اِنْ عَزَبَ لُبّي عَنْ تَقْويمِ ما يُصْلِحُني فَما عَزَبَ ايقاني بِنَظَرِكَ اِلَىَّ فيما يَنْفَعُنى.

اِلهي اِنِ انْقَرَضَتْ بِغَيْرِ ما اَحْبَبْتَ مِنَ السَّعْىِ اَيَّامي فَبِالْايمانِ اَمْضَيْتُ السَّالِفاتِ مِنْ اَعْوامي، اِلهي جِئْتُكَ مَلْهُوفاً وَ قَدْ اُلْبِسْتُ عُدْمَ فاقَتي وَ أَقامَني مَعَ الْاَذِلاَّءِ بَيْنَ يَدَيْكَ ضُرُّ حاجَتي، اِلهي كَرُمْتَ فَاَكْرِمْني اِذْ كُنْتُ مِنْ سُؤَّالِكَ، وَ جُدْتَ بِالْمَعْرُوفِ فَاخْلِطْني بِاَهْلِ نَوالِكَ.

اِلهي اَصْبَحْتُ عَلى بابٍ مِنْ اَبْوابِ مِنَحِكَ سائِلاً وَ عَنِ التَّعَرُّضِ لِسِواكَ بِالْمَسْأَلَةِ عادِلاً،وَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِكَ رَدُّ سائِلِ مَلْهُوفٍ وَ مُضْطَرٍّ لاِنْتِظارِ خَيْرٍ مِنْكَ مَأْلُوفٍ، اِلهي اَقَمْتُ عَلى قَنْطَرَةِ الْاَخْطارِ مَبْلُوّاً بِالْاَعْمالِ وَ الْاِخْتِبارِ اِنْ لَمْ تُعِنْ عَلَيْها بِتَخْفيفِ الْاَثْقالِ وَ الْاصارِ.

اِلهي اَمِنْ اَهْلِ الشِّقاءِ خَلَقْتَني فَاُطيلَ بُكائي، اَمْ مِنْ اَهْلِ السَّعادَةِ خَلَقْتَني فَاُبَشِّرَ رَجائي، اِلهي اِنْ حَرَمْتَني رُؤْيَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ وَ صَرَفْتَ وَجْهَ تَأْميلي بِالْخَيْبَةِ في ذلِكَ الْمَقامِ فَغَيْرَ ذلِكَ مَنَّتْني نَفْسي، يا ذَاالْجَلالِ وَ الْاِكْرامِ وَ الطَّوْلِ وَ الْاِنْعامِ.

اِلهي لَوْ لَمْ تَهْدِني اِلَى الْاِسْلامِ مَا اهْتَدَيْتُ، وَ لَوْ لَمْ تَرْزُقْنىِ الْايمانَ بِكَ ما امَنْتُ، وَ لَوْ لَمْ تُطْلِقْ لِساني بِدُعائِكَ ما دَعَوْتُ، وَ لَوْ لَمْ تُعَرِّفْني حَلاوَةَ مَعْرِفَتِكَ ما عَرَفْتُ، اِلهي اِنْ اَقْعَدَنىِ التَّخَلُّفُ عَنِ السَّبْقِ مَعَ الْاَبْرارِ فَقَدْ اَقامَتْنِي الثِّقَةُ بِكَ عَلى مَدارِجِ الْاَخْيارِ.

اِلهي قَلْبٌ حَشَوْتَهُ مِنْ مَحَبَّتِكَ في دارِ الدُّنْيا كَيْفَ تُسَلِّطُ عَلَيْهِ ناراً تُحْرِقُهُ في لَظى، اِلهي كُلُّ مَكْرُوبٍ اِلَيْكَ يَلْتَجِيُ وَ كُلُّ مَحْرُومٍ لَكَ يَرْتَجي.

اِلهي سَمِعَ الْعابِدُونَ بِجَزيلِ ثَوابِكَ فَخَشَعُوا، وَ سَمِعَ الْمُزِلُّونَ عَنِ الْقَصْدِ بِجُودِكَ فَرَجَعُوا، وَ سَمِعَ الْمُذْنِبُونَ بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ فَتَمَتَّعُوا، وَ سَمِعَ الْمُجْرِمُونَ بِكَرَمِ عَفْوِكَ فَطَمِعُوا، حَتَّى ازْدَحَمَتْ عَصائِبُ الْعُصاةِ مِنْ عِبادِكَ، وَ عَجَّ اِلَيْكَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَجيجَ الضَّجيجِ بِالدُّعاءِ في بِلادِكَ، وَ لِكُلٍّ اَمَلٌ ساقَ صاحِبَهُ اِلَيْكَ وَ حاجَةٌ، وَ اَنْتَ الْمَسْئُولُ الَّذي لاتَسْوَدُّ عِنْدَهُ وُجُوهُ الْمَطالِبِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَ الِهِ، وَ افْعَلْ بي ما اَنْتَ اَهْلُهُ اِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ.

و اخفت دعاءه و سجد و عفّر و قال:

اَلْعَفْوَ اَلْعَفْوَ – مائة مرّة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى