مقالات

زكاة الفطرة وعنوانها الشرعي(بحث مفصل مع فتاوى العلماء)

قال تعالى : { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } البقرة : 110

في شهر رمضان المبارك الكثير من المؤمنين يحتاجون الى معرفة احكام زكاة الفطرة وعنوانها الشرعي .

ان الزكاة بصورة عامة، هي احدى الدعائم الاسلامية وهي مما تتعلق بالمظاهر الاجتماعية، وهي رمز التكافل بين ابناء الأمة الإسلامية، ولها فوائد جمة وقد وضعها الاسلام كمادة من دستوره الخالد، واوجب على كافة الناس الاخذ بها، كما انذر تاركيها بالعذاب.

عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر (عليه السلام) انه قال : ( ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوّقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب، وهو قول الله عزّ وجلّ : { سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يعني : ما بخلوا به من الزكاة . الوسائل : ج9ص22ح3 ، آل عمران : 180 . وعن ابي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : إنما وضعت الزكاة قوتا للفقراء وتوفيرا لأموالهم . الوسائل : ج9ص10 .

الزكاة لغة :

الزكاة كما جاء بلسان العرب : بمعنى الطهارة، والنماء، والبركة، فالزكاة طهرة للأموال، وزكاة الفطرة طهرة للابدان، وعن الامام الباقر (عليه السلام) انه قال : ( زكاة الارض يبسها )، يريد طهارتها من النجاسة كالبول بأن يجف ويذهب اثره .

وفي مجمع البحرين : الزكاة وهي اما مصدر (زكى) اذا نمى، لأنها تستجلب البركة في المال وتنمية وتفيد النفس فضيلة الكرم، واما مصدر (زكا) اذا طهر، لأنها تطهر المال من الخبث والنفس من البخيلة من البخل.

الزكاة في الاصطلاح الشرعي:

اخراج شيء من الاموال التي تتعلق بها الزكاة .

وفي عبارة أخرى: صدقة مقدرة بأصل الشرع ابتداء تثبت في المال او في الذمة للطهارة لهما فزكاة المال طهر المال وزكاة الفطرة طهر للأبدان. قال تعالى : { خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها }التوبة : 103

اشكال ورد : ان المعنى اللغوي لزكاة الفطرة هو النمو والزيادة، وفي الاصلاح الشرعي اخراج شيء من المال، والظاهر ان الاخراج ينقص المال؟

الرد : ان الزكاة هي من اكبر عوامل البركة، ومعنى البركة هو النمو والزيادة.

وقد ورد في الحديث : انما وضعت الزكاة قوتا للفقراء وتوفيرا لأموالهم. وهنا نضرب مثالا لتوضيح حصول الزيادة والنمو في حقّ المعطي للزكاة.

لو فرضننا ان شخصا غنيا يعمل في احد الموارد الزكوية، كالغلات الاربع، يعمل طول السنة يزرع  ويحصد، ثم يصرف وينفق مؤنة له ولعياله من ذلك. واذا صار يوم محاسبته لإخراج زكاته، له جميع ما صرفه وتنعم به، ومما زاد على ذلك كله، يخرج منه شيئا قليلا ويقدمه لمن يستحق من الاصناف الثمانية، ومنهم الفقير.

وفي هذه الصورة يشعر الفقير الذي يأخذ الحقّ من الغني بالاطمئنان والاستقرار النفسي، وبهذا الحقّ يعمل الفقير به ويكتسب مالا لينفق على نفسه وعياله، وحينئذ لن يبقى فقيرا محتاجا الى غيره. وهنا تتحقق معنى البركة والنمو والزيادة في هذا الحقّ المعطى.

فلو كانت الامة الإسلامية تأخذ بهذا المبدأ، وتعمل به وفق ما اراده الله تعالى لعباده لم يبق معوزا ولا محتاجا، ولم تكن هناك طبقية مالية ولا اجتماعية.

ان عامل الاقتصاد هو المقوّم للحياة، والناهض بها، وهو اساس الملك وترتقي به الامة، فالالتزام بالإسلام وبمبادئه وقوانينه الاقتصادية، يستقر الملك، وتسمو اخلاق الامة، وبذلك يسعد الجميع الفقير والغني معا.

العنوان الشرعي للزكاة :

اجمع العلماء كافة إلا من شذ من العامة على وجوب زكاة الفطرة، والاصل فيها الكتاب والسنة.

الكتاب :

قال الله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (*) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } الاعلى : 14 ـ 15 . وفي تفسير هذه الآية، ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) : ان المراد بالزكاة هنا : زكاة الفطرة.

السنة :

في الصحيح عن حماد بن عيسى عن حريز عن ابي بصير وزرارة قالا : قال ابو عبد الله (عليه السلام) : ( ان من تمام الصوم اعطاء زكاة الفطرة، كما ان الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) من تمام الصلاة، لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له اذا ترك متعمدا، ولا صلاة له اذا ترك الصلاة على النبي وآله، ان الله عزّ وجلّ قد بدأ بها قبل الصلاة حيث قال : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (*) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }). وسائل الشيعة : ج9ص318 .

وخطب امير المؤمنين (عليه السلام) يوم الفطر فقال : (… فاذكروا الله يذكركم، وادعوه يستجب لكم، وأدوا فطرتكم فإنها سّنة نبيكم، وفريضة واجبة من ربكم ) الوسائل : ج9 ص318

وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال : ( إنما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء، ومعونة للفقراء، ولو ان الناس ادوا زكاة اموالهم، ما بقي مسلم فقيرا محتاجا، ولا استغنى بما فرض الله له وان الناس ما افتقروا، ولا احتاجوا، ولا جاعوا، ولا عروا، الا بذنوب الاغنياء … ). الوسائل : ج9ص12ح6

على من تجب؟

قال الإمام الصادق (عليه السلام) : ( تحرم الزكاة على من عنده قوت سنة، وتجب الفطرة على من عنده قوت سنة ) المصدر السابق: ص 323

وقال (عليه السلام) : ( لا زكاة على يتيم ) المصدر السابق : ص326 .

وسئل لمن تحلّ الفطرة؟ قال (عليه السلام) : ( لمن لا يجد، ومن حلّت له لم تحلّ عليه، ومن حلّت عليه لم تحلّ له ) المصدر السابق : ص 322 .

اتفقوا الفقهاء على ان زكاة الفطرة تجب على من غربت عليه الشمس ليلة العيد، أي شمس آخر يوم من شهر رمضان، وهو بالغ عاقل غني غير مغمى عليه، فاذا انتفت احدى هذه الصفات فلا شيء عليه، كما لو غابت عليه هذه الشمس قبل ان يبلغ، او وهو مجنون، او مغمى عليه، او لا يملك قوته وقوت عياله بالفعل او بالقوة سنة كاملة.

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : والمشهور انه يعتبر اجتماع الشرائط آنا ما قبل الغروب ليلة العيد الى ان يتحقق الغروب، فاذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة، او مقارنا للغروب لم تجب وكذا اذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب لكن الاحوط وجوبا اخراجها فيما اذا تحققت الشرائط مقارنة للغروب بل بعده ايضا ما دام وقتها باقيا.

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : تجب زكاة الفطرة على مكلف بشروط التكليف : البلوغ، العقل، الحرية، الغنى، ويعتبر تحقق هذه الشرائط في اول جزء من ليلة عيد الفطر، فلا تجب على من بلغ او افاق او انعتق او صار غنيا بعد ذلك. ومن اغمي عليه اول الليل، ثم افاق وجبت عليه الفطرة على الاحوط.

على من تجب؟

وفي الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) : انه سأله عن صدقة الفطرة، فقال : على كل من يعول الرجل على الحر والعبد والصغير والكبير صاع من تمر او نصف صاع من بر والصاع اربعة امداد ). المصدر السابق . ص327

وسئل عن الرجل يكون عنده الضيف من اخوانه فيحضر يوم الفطر أيؤدي عنه الفطرة؟ قال (عليه السلام) : ( نعم، الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر او انثى، صغيرا او كبيرا، حرّ او مملوك ) المصدر السابق : ص327 .

قال الفقهاء :

يجب ان يدفع زكاة الفطرة عن نفسه، وعن كلّ من يعول سواء اعاله وجوبا ام استحبابا، حتى الضيف والمولود اذا وجد قبل غروب آخر يوم من شهر رمضان ولو بلحظة واحدة. وتسقط زكاة الفطرة عن كلّ من كان في عيال غيره  ليلة الفطرة، ولو على سبيل الضيافة.

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : يجب على من جمع الشرائط ان يخرجها عن نفسه وعن كل من يعول به، واجب النفقة كان ام غيره، قريبا ام بعيدا مسلما ام كافرا، صغيرا ام كبيرا، بل الظاهر الاكتفاء بكونه ممن يعوله ولو في وقت يسير، كالضيف اذا نزل عليه قبل الهلال وبقي عنده ليلة العيد وان لم يأكل عنده، وكذلك فيما اذا نزل بعده على الاحوط لزوما، واما اذا دعا شخصا الى الافطار ليلة العيد لم يكن من العيال، ولم تجب فطرته على من دعاه. م 1172

مقدار الفطرة وجنسها ؟

سئل الإمام الصادق (عليه السلام) ممّ تخرج زكاة الفطرة؟ فقال : (تخرج من كل شيء التمر والزبيب وغيره صاعا ) المصدر السابق: ص333 .

وقال (عليه السلام) : زكاة الفطرة واجبة على كلّ رأس … أربعة امداد من الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وهي صاع تام ) المصدر السابق: ص 339

وقال (عليه السلام) : ( الفطرة على كل قوم مما يغذون عيالهم من لبن او زبيب او غيره ) .

وقال (عليه السلام) : ( على كل من اقتات قوتا ان يؤدي من ذلك القوت ).

وسئل عن الفطرة يجوز ان يؤديها فضة بقيمة هذه الاشياء التي سماها؟ قال : ( نعم، ان ذلك انفع له، يشتري ما يريد) المصدر السابق : ص 347

قال الفقهاء :

الواجب في صدقة الفطر صاع من الحنطة او الشعير او التمر او الزبيب او الأقط ـ هو لبن مجفف لم تنزع زبدته ـ او الارز او الذرة او غير ذلك مما يصدق عليه القوت.

الافضل ان تكون من الحنطة والشعير والتمر والزبيب، لأن هذه الاربعة ذكرت في النص اكثر من مرة، لأنها كانت القوت الغالب في ذلك العهد، والافضل صرف الفطرة من كل ما يغلب في أي عصر من العصور، وهذا ما يشعر به قوله (عليه السلام) : (على كل من اقتات قوتا ).

والصاع تقريبا ثلاث كيلو غرامات، ويجزي ان يدفع بدلا عنها نقدا بمقدار قيمتها السوقية، بل هو افضل؛ لأنه أنفع، ويشتري الفقير ما يريد، كما قال الإمام (عليه السلام).

والضابط في جنس الفطرة :

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : ان يكون قوتا شايعا لأهل البلد يتعارف عندهم التغذي به وان لم يقتصروا عليه سواء اكان من الاجناس الاربعة، ( الحنطة والشعير والتمر والزبيب ) ام من غيرها كـ(ـالأرز والذرة ).

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : يجوز اعطاء زكاة من الحنطة او الشعير او التمر او الزبيب (الكشمش) والاحوط الأولى الاقتصار على هذه الاربعة.

وذهب السيد السيستاني الى القول: واما ما لا يكون كذلك فلأحوط عدم اخراج الفطرة منه وان كان من الاجناس الاربعة، كما ان الأحوط ان لا تخرج الفطرة من القسم المعيب، ويجزي دفع القيمة من النقدين وما بحكمهما من الاثمان، والمدار قيمة وقت الاداء لا الوجوب، وبلد الاخراج لا بلد المكلف، ومقدار الفطرة صاع وهو : اربعة امداد ، وهي تعادل ثلاث كليوات.

ولا يجزي ما دونها من الجيد وان كانت قيمته تساوي قيمة ثلاثة كيلو غرامات من غير الجيد، كما لا يجزي ثلاث كيلوات من الملفق من جنسين، ولا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله، ولا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر.  منهاج الصالحين السيد السيستاني ج1 العبادات : م 1177 و م 1178.

متى تجب زكاة الفطرة ؟

سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الفطرة متى هي؟ قال : ( قبل الصلاة يوم الفطر). المصدر السابق : ص355 .

وسئل عن المولود يولد ليلة الفطر؟ قال (عليه السلام) : ( ليس عليه فطرة، وليست الفطرة إلا على من ادرك الشهر ) المصدر السابق : ص352 .

قال الفقهاء :

لزكاة الفطرة وقتان : الأول : وقت وجوبها وشغل الذمة بها، والثاني: وقت اخراجها وادائها. ويتحقق الاول بمجرد دخول هلال شوال، فمن هلّ عليه هذا الهلال مستكملا لبقية الشروط فقد وجبت عليه، واصبح مسؤولا عنها، أما وقت الاخراج فيمتد من اول وقت الوجوب الى الزوال والافضل اداؤها قبل صلاة العيد. واذا لم يخرجها او يعزلها على حدة قبل الزوال اداها بعد الزوال من يوم العيد بقصد التقرب الى الله سبحانه دون ان يقصد بها القضاء او الاداء؛ لأن جماعة من كبار العلماء كالشيخ الصدوق والشيخ المفيد والمحقق الحلي قالوا بسقوطها بعد الزوال، (انظر: المقنع : ص212، المقنعة : ص249، الشرائع : ج1 ص161.) لأنها مؤقتة والمؤقت يذهب بذهاب وقته.

ويشعر بذلك قول الإمام الصادق (عليه السلام) : ( ان اعطيت قبل ان تخرج الى العيد فهي فطرة، وان كان بعد ان تخرج الى العيد فهي صدقة ) الوسائل: ج9ص354 .

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور، ويجوز تأخيرها الى زوال الشمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد، والاحوط لزوما عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها.

واذا عزلها جاز له التأخير في الدفع اذا كان التأخير لغرض عقلائي، فان لم يدفع ولم يعزل حتى زالت الشمس فالأحوط ـ وجوبا ـ الاتيان بها بقصد القربة المطلقة.

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : واذا عزلها ولم يؤدها الى الفقير ـ لنسيان او غيره ـ جاز اداؤها اليه بعد ذلك، واذا لم يعزلها حتى زالت الشمس، اداها بقصد القربة المطلقة من دون نية الاداء والقضاء.

هل يجوز تعجيل اخراج زكاة الفطرة قبل هلال شوال؟

قال الفقهاء :

لا يجوز تعجيلها قبل هلال شوال، لأنه اداء لما لا يجب بعد ان كان الوجوب مقيدا بالهلال، فتكون تماما كأداء الصلاة قبل وقتها، أجل يجوز ان تُعطى للفقير بعنوان القرض، ثم تحسب عليه من الزكاة بعد الوجوب.

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان، وان كان الاحوط استحبابا التقديم بعنوان القرض. م1179

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : يجوز اعطاء زكاة الفطرة بعد دخول شهر رمضان. وان كان الاحوط ان لا يعطيها قبل حلول ليلة العيد.

متى تتعين زكاة الفطرة ؟

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : اذا عزلها تعينت فلا يجوز تبديلها، وان أخر دفعها ضمنها اذا تلفت مع امكان الدفع الى المستحق. م1181

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : تتعين زكاة الفطرة بعزلها، فلا يجوز تبديلها بمال آخر، وان تلفت بعد العزل ضمنها اذا وجد مستحقا لها، واهمل في ادائها اليه.

هل تنقل زكاة الفطرة الى غير بلد المال ؟

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : الاحوط ان لا تنقل زكاة الفطرة الى غير بلدها اذا كان في البلد من يستحقها، ولو نقلها ـ والحال هذه ـ ضمنها ان تلفت. واما اذا لم يكن فيه من يستحقها ونقلها ليوصلها اليه فتلفت من غير تفريط لم يضمن.

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : يجوز نقل زكاة الفطرة الى الامام عليه السلام او نائبه وان كان في البلد من يستحقها والاحوط لزوما عدم النقل الى غيرهما خارج البلد مع وجود المستحق نعم اذا سافر عن بلد التكليف الى غيره جاز دفعها في البلد الآخر.  م1182

مصرف زكاة الفطرة :

سئل الإمام الصادق (عليه السلام) لمن تحلّ الفطرة؟ قال : ( لمن لا يجد شيئا ).

وقال (عليه السلام) : ( زكاة الفطر لأهلها إلا ان لا تجدهم، فإن لم تجدهم فلمن لا ينصب ). أي العداء لأهل البيت (عليهم السلام) الوسائل : ج9 ص358 ، ص360 .

قال الفقهاء :

ان مصرف زكاة الفطر هو بعينه مصرف الزكاة المالية ، لروايات اهل البيت (عليهم السلام) ، لأن صدقة الفطر من جملة الصدقات التي تشملها الآية الكريمة : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } التوبة : 60 . ولم يستثنوا من الاصناف الثمانية إلا المؤلفة قلوبهم، والعاملين عليها.

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : الاحوط لزوما اختصاص مصرف زكاة الفطرة بالفقراء والمساكين مع استجماع الشرائط المتقدمة في زكاة المال.

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : تصرف زكاة الفطرة فيما تصرف فيه زكاة المال.

هل تعطى زكاة الفطرة لغير المؤمنين عند عدم وجود المستحق؟

قال الفقهاء : بجواز اعطاء زكاة الفطر للمستضعفين المسلمين من غير الشيعة الاثني عشرية اذا لم يوجد احد من هؤلاء.

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : اذا لم يكن في البلد من يستحق الفطرة من المؤمنين يجوز دفعها الى غيرهم من المسلمين، ولا يجوز اعطاؤها للناصب.  م1184 .

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : اذا لم يكن من المؤمنين من يستحقها يجوز اعطاؤها للمستضعفين. وهم : الذين لم يهتدوا الى الحق لقصورهم دون عناد من سائر فرق المسلمين.

هل تعطى زكاة الفطرة غير الهاشمي الى الهاشمي ؟

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، وتحل فطرة الهاشمي على الهاشمي وغيره، والعبرة على المعيل دون العيال، فلو كان العيال هاشميا دون المعيل لم تحل فطرته على الهاشمي، واذا كان المعيل هاشميا والعيال غير هاشمي حلت فطرته على الهاشمي . م1183 .

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : لا تحل فطرة غير الهاشمي للهاشمي. والعبرة بحال المعطي نفسه، لا بعياله فلو كانت زوجة الرجل هاشمية وهو غير هاشمي لم تحل فطرتها لهاشمي. ولو انعكس الامر حلت فطرتها له.

هل تعطى زكاة الفطرة لشارب الخمر او تارك الصلاة ؟

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : لا تعطى زكاة الفطرة لشارب الخمر او تارك الصلاة او المتجاهر بالفسق على الاحوط.

ما هو الواجب اتجاه الارحام في مسألة زكاة الفطرة ؟

قال صاحب الجواهر (رحمه الله) : يستحب اختصاص ذوي القرابة لقول الإمام الصادق (عليه السلام) : ( لا صدقة وذو رحم محتاج ) ثم الجيران، لقوله (عليه السلام) : ( جيران الصدقة احق بها ). وينبغي ترجيح أهل الفضل في الدين والعلم، لقوله (عليه السلام) : (أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل ).

ثم قال صاحب الجواهر : والمقصود من ذلك ان القرابة والجوار والدين والفقه والعقل من المرجحات . ج15ص542ـ 543.

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : يستحب تقديم الارحام والجيران على سائر الفقراء وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل. م1187 قال السيد الخوئي (رحمه الله) : يستحب تقديم فقراء الارحام على غيرهم، ومع عدمهم يتقدم فقراء الجيران على سائر الفقراء.

هل تعتبر المباشرة في اداء الزكاة من قبل المالك ؟

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : يجوز للمالك دفعها الى الفقير بنفسه، والاحوط استحبابا والافضل دفعها الى الفقيه. م1185

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : لا تعتبر المباشرة في اداء زكاة الفطرة فيجوز ايصالها الفقير من غير مباشرة. والاولى اعطاؤها للحاكم الشرعي ليضعها في موضعها.

هل يجوز اعطاء زكاة الفطرة لواجبي النفقة ؟

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : لا يجوز اعطاؤها لمن يجب الانفاق عليه، كالولد والابوين والزوجة الدائمة، ولا بأس بإعطائها لمن تجب نفقته عليهم، فاذا كان الوالد فقيرا وكانت له زوجة يجب نفقتها عليه، جاز للولد ان يعطي زكاته لها.

هل تسقط زكاة من وجبت فطرته على غيره؟

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : من وجبيت فطرته على غيره سقطت عنه، وان كان الاحوط ـ وجوبا ـ عدم السقوط اذا لم يخرجها من وجبت عليه عصيانا او نسيانا، واذا كان المعيل فقيرا وجبت على العيال اذا اجتمعت شرائط الوجوب. م1174

هل يجب على الفقير اخراج زكاة الفطرة؟

قال السيد السيستاني (حفظه الله) : يستحب للفقير اخراجها ايضا، واذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله، ثم هو على آخر يديرونها بينهم، والاحوط استحبابا عند انتهاء الدور التصدق على الاجنبي، كما ان الاحوط استحبابا اذا كان فيهم صغير او مجنون ان يأخذه الولي لنفسه ويؤدي عنه. م1170

قال السيد الخوئي (رحمه الله) : يستحب للفقير اخراج الفطرة عنه ومن يعوله، فان لم يجد غير صاع واحد جاز ان يعطيه عن نفسه لاحد عائلته وهو يعطيه الى اخر منهم، وهكذا يفعل جميعهم حتى ينتهي الى الاخير منهم، وهو يعطيها الى فقير غيرهم.

ما هو اقل مقدار ما يعطى الفقير من زكاة الفطرة؟

لا يعطى الفقير اقل من صاع ـ أي ثلاث كيلو غرامات ـ لقول الإمام الصادق (عليه السلام) : ( لا تعط احدا أقلّ من رأس ) الوسائل : ج9ص362 .

هل تجب في زكاة الفطرة نية التقرب الى الله تعالى؟

تجب في هذه الزكاة نية التقرب الى الله، لأنها عبادة، وقبول العبادة يتوقف على نية التقرب الى الله تعالى.

وفي الختام :

نقول : ما اجل احكام الاسلام وما اعظمها، وما اجل مشرعها وواضعها، ففي حكم واحد كزكاة الفطرة تسد حاجة الفقير، وتعالج مسكنة المسكين، ويرفه على العاملين، ويؤلف القلوب، وينجي العبيد من الشدة، ويؤدي دين العاجز عن ادائه، وينشد به كل خير فلا يظلم من يعيش تحت ظله.

نسأل الله القدير ان يوفق الامة الاسلامية لتطبيق احكامه ونشر مبادئه، وان يجعل كلمة الاسلام هي العليا، وكلمة اعدائه هي السفلى، وان يعيد عليها هذا الشهر مقرونا بالخير والبركة خاليا من الدماء.

المراجع : منهاج الصالحين لآية الله العظمى السيد السيستاني (حفظه الله) . احكام مقتبسة من رسالة آية الله العظمى السيد الخوئي (رحمه الله) . احكام مقتبسة من كتاب فقه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى