أدب وشعر

علامات بزوغ المحجوب للشاعر الكبير المرحوم عبدالله البردُّوني


علامات بزوغ المحجوب
عبدالله البردّوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأن إليكَ القضيَّهْ
ومنهى المنى الآدميَّهْ

تغاوي مسوخاً، لها
ألوف العيون الذكيَّهْ

وأيدٍ بروقيةٌ
وأوردةٌ مدفعيَّهْ

•••

لذا تُسكت النار عنك
بإيماءةٍ معنويَّهْ

بسرِّية الورد في
جيوب الرياح الرخيَّهْ

بأوطار دنيا تلوحُ
سوى هذه الدنيويَّهْ

•••

تطلُّ على غفلةٍ
مِن الشمس شمساً فتيَّهْ

ترى كل عين ولا
تراك سوى الأريحيَّهْ

كحلم الكرى تنمحي
تُرى كالسماء الجليَّهْ

•••

لأنك مهوى الهوى
ومجنى الوعود الهنيَّهْ

وذكرى شباب العجوز
وحلم الفتى والصَّبيَّهْ

وشوق الدوالي إلى
شفاه الكؤوس الظميَّهْ

تذوب لكي تبتدي
فتكبر فيك البقيَّهْ

وتنأى لكي تدَّني
علاماتُك المبدئيّهْ

•••

أتمّت شروط الخروج
أجب يا اكتمال الرزيَّهْ

أما انحلَّت الأرض عن
تقاليدها الموسميَّهْ؟

أليس المصابيح عن
ضحايا الأماسي عميَّهْ؟

تُسمّي النفاق الولا
وسلب الأماني، عطيَّهْ

إلى العين ترمي السَّنا
وفي القلب تطوي الشظيَّهْ

•••

فلا الصبح صبحٌ، ولا
لأي مساءٍ هويَّهْ

ولا لون للون لا
لعنف الأسى مأسويَّهْ

ولا قتل نصف الملا
سوى خطرةٍ جانبيَّهْ

غدت كل حرّيةٍ
على الأرض أشقى سبيَّهْ

لأن الرُّواغ ارتضى
فأرضى بغير الرضيَّهْ

•••

أما ذا دليلُ على
تدلّي رؤاك البهيَّهْ!

وإشراق عينيك مِن
وراء السدود العتيه

وإفصاح كفيك عن
سكوت المعاني العليَّهْ

•••

تبيَّنْ وسلْ ما ترى
قناديلك المعرفيَّهْ

على أي نهرٍ تدلُّ
بقايا الضفاف الزريَّهْ

•••

إلى كم تمدُّ المنى
إليك القلوب الشجيَّهْ؟

كعانٍ بسكر الكرى
يلاقي كنوزاً خبيَّهْ

•••

لقد آن أن تنجلي
مِن الجُبَّة السندسيَّهْ

تفي عِدَةً أسمحَت
وكانت شروداً أبيَّهْ

تعرّي (أبا مُرَّةٍ)
مِن البزِّة العسكريَّهْ

تقيم القيامات مِن
تضاريسها الداخليَّهْ

•••

مِن الآن للمشتهى
صِباً للتصابي شهيَّهْ

هواميك إن أقلعت
هَتونٌ، تلتها سخيَّهْ

تجود بقاع الحِمى
لترقى طروباً شذيَّهْ

لها عشق إنسانةٍ
وذاكرةٌ كوكبيَّهْ

لحصبائها أعينٌ
لتربتها (ألمعيهْ)

لأعشابها كالصِّبا
غرورٌ بريء الطويَّهْ

•••

تُغني عليها الضحى
وتُصبي النجوم السنيَّهْ

وتُملي -كما أخبروا-
على كل شبرٍ وصيَّهْ

لكي يُسفر المنطوي
لكي تفصح الأعجميَّهْ

•••

ويَهديك هجس الثرى
إلى الحكمة السرمديَّهْ

فتتلوه مِن بَدئِه
إلى آخر المسرحيَّهْ

هنا تنبري راكضاً
هناك تطيل الرويَّهْ

لجدَّيك تُمسي أباً
لسبطيك أمّاً حفيَّهْ

•••

تناجي السواقي كما
تحيّي الفتاة الحييَّهْ

وحيناً كلمس الندى
نهودَ الكروم الجنيَّهْ

ترى كل غصنٍ كتاباً
وكل حصاةٍ نبيَّهْ

تحس هسيس الكَلا
مجادَلةً فلسفيَّهْ

بشيخوخة المنحنى
تناغي صِبا الأبجديَّهْ

توشّي الممرات مِن
خيالاتك الزنبقيَّهْ

•••

تُواري “الخفاش” الذي
له كل صبح عشيَّهْ

تقول لأعتى القُوى:
قفي لن تكوني قويَّهْ

ولا سلطة المنتضي
يديكِ ستمسي عصيَّهْ

فأنتِ له تارةً
وأخرى عليه بليَّهْ

كذا مَن يحب الورى
يعادي الصفات الدنيَّهْ

•••

أمليونُ عمرٍ لديك
أمليون نفسٍ زكيَّهْ؟

تخوض الوغى مثلما
تؤدي جواب التحيَّهْ

وتغشى الضواري بلا
نيوبٍ بلا بندقيَّهْ

لأنك أقوى حشاً
على (الليلة النابغيَّهْ)

وأصفى لذات الصفا
وأعدى لغير الصفيَّهْ

تُحامي ولا تحتمي
تلبّي نداء الحميَّهْ

وفي النار تهمي ندىً
وتذرو الطيوب النديَّهْ

•••

فحادي أزيز الردَّى
إليك كمعطي الهديَّهْ

لأن الذي يتّقي
يعيش ذبيح التقيَّهْ

•••

تضحّي ولا تكتفي
ولا تنكفي كالضحيَّهْ

فتعلو بهذا على
غرور الجباه الدعيَّهْ

•••

مِن الموت تمضي إليه
أهذَّبتَ أُمَّ المنيَّهْ؟

أمِ الأرض أفضت إليك
بسرِّ قواها الخفيَّهْ؟

أمِ الموت أهدى إلى
أجدّ المرامي القصيَّهْ؟

•••

إلى الريح يحكي الشذى
خرافاتك الواقعيهْ

فيشتَفُّ شيبُ الربى
غموض رُباك الطريَّهْ

•••

أغانيك غيبيَّةٌ
وريَّاك مستقبليَّهْ

أكنت انتظاراً أتى
أهذي هي المهدويَّهْ؟

أأنت الذي علَّلوا
بهِ كل نفسٍ شقيَّهْ؟

أتبدو الذي ميَّزوا؟
أراك جديد المزيَّهْ

تُوحِّد فيك الجموع
وتعتمُّ بالمثنويَّهْ

أأنت بديل الذي
أتى، أم سيولٌ أتيَّهْ!!

•••

أجئت اعتراضاً على
رواغ الظروف الغبيَّهْ

على كبرياء العصا
على شِرعة الفوضويَّهْ

بشيراً بما ينبغي
وتبغي القلوب النقيَّهْ

•••

بكفَّيك زيتونةٌ
وسِفرٌ يرى كل نيَّهْ

وأرضٌ ربيعيّةٌ
وبحر كظهر المطيَّهْ

ومحبرةٌ ناهدٌ
وقيثارةٌ عبقريَّهْ

•••

فمن أي إيماضةٍ
طلعت وضيء السجيَّهْ؟

كمعجزةٍ مِن هُدىً
كأسطورةٍ شاعريَّهْ

كمشروع قلبٍ لهُ
على قلبه الأسبقيَّهْ

كبدءٍ مِن المنتهى
ومِن قبل بدء البريَّهْ

1988

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى