مقالات

في الإمامة

إمامة إبراهيم عليه السلام (3)

بقلم: منير عوض

الحلقة: (13)

وبالعودة إلى آية الإمامة :

( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما … ) يتضح لنا التالي:

 ( جاعل ): صيغة اسم الفاعل هننا تحتوي الفعل( جعل ) والفاعل المتمثل في الضمير المستتر العائد على ( ربه ).

( الكاف ): ضمير المخاطب إبراهيم و هو المفعول به.

وجمع الله تعالى في كلمة : ( جاعلك ) كلا من الفعل والفاعل والمفعول به.

فالجاعل هو الله والمجعول هو إبراهيم جعله الله خليفة له وإماما للناس.

فكان الله هنا ضميرا مستترا وإبراهيم ضميرا بارزا مما يفهم أن إبراهيم وبجعل الله له إمام تجلى فيه نوره وصار مظهرا لله ومظهرا صفاته تعالى .

فابتلاء الله له أظهر إمامته لتخليه التام عن ذاته ولأن الوقت حان ليكون نبي الله إبراهيم التجلي الأعظم لله فيه وليستحق بهذا أن يكون إماما للناس .

تخلي إبراهيم عن ذاته         تجلي صفات الله فيه

وهو ما يؤكده قوله تعالى: ( فأتمهن ) حيث يحتجب هنا الفاعل ويكون ضميرا مستترا تقديره :   ( هو )

  فإتمام إبراهيم للكلمات شرطه غيابه فكان الضمير العائد عليه مستترا ليظهر المفعول به الضمير هن العائد على الكلمات.

فأتمهن غاب  الفاعل ( إبراهيم ) وحضر المفعول به ( هن ) العائد على الكلمات.

( جاعلك ): غاب الفاعل لفظ العائد على ربه وظهر المفعول به الكاف العائد على إبراهيم.

وهكذا تداولا بين الحضور والغياب وبين الظهور والاستتار وتداخل بين الفاعل والمفعول حيث يصهرهما الفعل في بوتقته فيصير إبراهيم هو التجلي الأعظم لله في الأرض ومظهر عظمة الله فيها.

والآية مكونة من شقين الشق الأول منها فيه إثبات لإمامة إبراهيم عليه السلام

والشق الثاني إثبات لإمامة المصطفين من ذريته.

 وكل شق مكون من جزأين ( مقدمة ونتيجة ) وتتضح هذه التقسيمات فيما يلي:

أ) الشق الأول من الآية الكريمة:

مقدمة:

قوله تعالى : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن )

إتمام إبراهيم الكلمات.

نتيجة:

قوله تعالى : ( قال إني جاعلك للناس إماما )

جعل الله له إماما.

ب) الشق الثاني من الآية الكريمة:

مقدمة:

قوله تعالى : ( قال ومن ذريتي )

طلب إبراهيم جعل الإمامة في ذريته.

نتيجة:

قوله تعالى : ( قال لا ينال عهدي الظالمين )

استجابة الله لإبراهيم و جعله الإمامة في الطاهرين من ذريته.

كما أن نتيجة الشق الأول من الآية  هي نفسها مقدمة للشق الثاني …

وهكذا يجعل الله هذه الآية شديدة الترابط والاتصال فهي عهد منه يجعله في إبراهيم وهي عهد منه يجعله فيمن شاء من ذرية إبراهيم فهي فيهم جعل من الله وهي منه لا من سواه.

وترابط الآية وتماسك أجزاءها واتصالها ببعضها البعض يشير إلى أن الإمامة كذلك متصلة بإبراهيم وباقية في عقبه إماما بعد إمام يهدون الناس بأمره إلى قيام الدين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى