مقالات

في الإمامة

الوصاية الإلهية

 

 

الحلقة: (16)

بقلم: منير عوض

تم عهد الرسالات والنبوات بمحمد صلى الله عليه وآله فقد وافتتح عهد الولايات و الوصايات بمحمد صلى الله عليه وآله، فقبله صلى الله عليه وآله رسل وأنبياء ينتهون إليه وبعده أوصياء يتفرعون منه، هو ملتقى الرسالات والوصايات.

 

لم يكن الله ليظهر خير أنبيائه ورسله دون أن يهيأ الناس لمجيئه وقد هيأهم من قبل لمجيء أنبياء ورسل ليسوا بمنزلته فكان لابد أن يعيش الناس في انتظار وفي لهفة وشوق للقدوم المقدس له فكان الأنبياء يحدثون الناس عنه وعن قدره ومنزلته عند الله وعن ظهوره الشريف وكان أيضا لابد من أوصياء يرى الناس فيهم نور نبيهم الذي غادرهم ويلتمسون منهم تبيين وتوضيح أوامر الله ونواهيه الواردة في كتابه الحكيم فلا يكفي وجود كتاب إذ لا بد من وجود قيوم قائم على هذا الكتاب يوضح ما فيه من أحكام وتشريعات.

 

كل نبي كان يظهر جانبا من نور محمد صلى الله عليه وآله ومحمد صلى الله عليه وآله يجمع كل الأنوار التي أظهرها الأنبياء السابقون منه.

 

لقد تكفل الله بحفظه في الأصلاب والأرحام الطاهرة حتى يأذن بظهوره في الأجل المعلوم الذي حدده في اللوح المحفوظ كما يقول تعالى : ( لنرى تقلبك في الساجدين).

واستقر هذا النور في عبد المطلب لينقسم في ولديه عبد الله وأبي طالب ليكون من عبد الله النبي ومن أبي طالب الوصي.

ولم يتوقف الأمر هنا بل إنه كان لابد من استمرار النور الإلهي في الأرض واتصال حجج الله فيها، لتكون فاطمة التي هي واسطة بين النبوة والولاية تحوي نور محمد أبيها النبي صلى الله عليه وآله ونور بعلها  علي الوصي عليه السلام، لينقسم هذا النور فيما بعد إلى حسن وحسين وليستمر بالظهور في المصطفين من أبناء الحسين أئمة هداة مهديين.

شجرة طيبة أصلها ثابت في القرآن المجيد محمد وآل بيته الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين  وفرعها في السماء رسلا وأنبياء.

 

كان الأنبياء كلهم من شجرة نسبية واحدة يقف عند أولها أبو البشرية آدم عليه السلام وكان في آخرها محمد صلى الله عليه و آله ولا أحد يستطيع نكران هذا، ولم تتوقف شجرة النور الإلهي هذه عند هذا الحدد بل استمرت في مد أغصانها في أولياء كان أبوهم علي عليه السلام وجدهم محمد صلى الله عليه وآله .

كما أن النبوة ورثت إلى أبناء الأنبياء الذين كان أكثرهم أنبياء كذا إرث نبوة محمد انتقل إلى أبنائه الأوصياء .

و أوصياء خير الأنبياء والمرسلين هم خير من جميع الأنبياء والمرسلين.

 

فالهداية كانت قبل محمد من وظيفة الأنبياء وبعده أصبحت من وظيفة الأوصياء فالأمة لم تعد بحاجة لرسل لأن شريعة محمد كافية ووافية وصالحة لكل الأعصار والأزمان وليست بحاجة أيضا إلى أنبياء يوحى إليهم لاستغناء المصطفين من آل محمد عن ذلك بكتاب الله وبما ورثه لهم محمد من علوم ومعارف إلهية ولكنها بحاجة إلى الأوصياء ليبينوا لها ما في كتاب الله من أحكام وتشريعات وليقوموا عليه حافظين وحاميين له.

 

دورتان للهداية الإلهية الدورة الأولى انتهت بمحمد وكانت في صورة رسل وأنبياء  أخرهم محمد وبالوصول إلى منتهاها بدأت دورة ثانية بمحمد في صورة أوصياء آخرهم يكون من محمد وباسم محمد .

 

وهناك دورة سابقة لوجود آدم على الأرض وهي دورة الوجود الروحي لمحمد صلى الله عليه وآله فبه ابتدأت هذه الدورة و هي سابقة في وجودها لوجود آدم عليه السلام  على الأرض بل ولوجوده مطلقا وينتهي حدود هذه الدائرة بابتدأ الوجود الطيني لآدم وتعليم الله له الأسماء لتبدأ دورة جديدة هي دورة النبوة أولها آدم عليها السلام .

 

بالنظر إلى عمر بعثة النبي القصير ما لا يزيد عن : ( 23 ) سنة وقد كان من الأنبياء السابقين له من بلغ عمر دعوته ألف سنة إلا خمسين عاما وهو نوح ولم تكن الظروف مستقرة في زمن دعوته صلوات الله عليه وآله ليبين للناس أحكام الدين الإسلامي وليوضح لهم ما في كتاب الله من تعاليم إلهي فزمن بعثته قصير والأحكام الإلهية كثيرة جدا والظروف المحيطة بالمسلمين مضطربة وغير مساعدة على توفير الظروف المناسبة لذلك كل هذا وغيره من الأسباب يستدعي امتداد عمر البعثة الشريفة لمحمد وهو ما حصل فعلا في المصطفين من ذريته الشريفة من أئمة اضطلعوا بالحفاظ على الدين الإسلامي وتكملة رسالة النبي بهداية الخلق ولعل الإمام الخامنئي قد وضح هذه الفكرة في كتابه (إنسان بعمر 250 سنة) خير توضيح مبينا أن الأئمة الأطهار على تعددهم ظاهرا إلا أنهم لم يكونوا حقيقة إلا واحدا عاش في عصور وأزمان مختلفة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى