مقالات

في ضيافة الله

ارتقاء ذاتك وبلورتها نحو المثلى, هي ليست بالمهمة السهلة اليوم وليست بالمستحيلة أيضا, فأنتِ في كل لحظة تشعرين وكأن جبلاً من الهموم والضغوطات النفسية تعتليك, ولكن ياترى ما هو الحل الذي يخرجك من ذلك دون عناء؟

هو بدون أدنى شك الإيمان بالله تعالى وأداء فروضه الواجبة ومنها(الصيام) في شهر رمضان المبارك الذي يقربك إليه زلفى,

فهو نافذة الإسلام التي تبعث الأمل والطمأنينة و تشعرين من خلالها بلذة الطاعات وأنت تقفين على شرفتها بين يدي الباري الكريمتين, فتظهرين للآخرين كإنسانة لها قيمة اجتماعية ودينية راقية وسط المحيط الذي تتعايشين فيه. وان ثقافتك الرمضانية هي التي تجعلك في ضيافة الله, وهذا ما بشرنا به رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله) قائلاً: (هو شهرُ دعيتم فيه إلى ضيافة الله, وجُعِلتُم فيهِ مِن أهلِ كَرامَةِ اللهِ) , فهذا الشهر الفضيل تكونين بين مصراعين الهزيمة أو المجاهدات الروحية, والذي تحتاجين فيه إلى الكثير من الإرادة القوية والصبر لأنه أفضل وسيلة للارتقاء بشخصك وهو دليل صوابك, وأنتِ وفق المنظور الإسلامي تمثلين(القارورة) الرقيقة التي لا تقوى على الشدائد, اي بمعنى أخر قواكِ ليست بالمستوى المطلوب, ولكن الكثيرات من النسوة أمثالك تخطين بإرادتهن شوط الأمان, وبرهنَّ للعالم أجمع بأنهن ذوات قدرات تحمليه فائقة, وبالرغم من ذلك فان الحقيقة الأزلية مازالت تلاحقهن, أنهن نسوة ضعيفات, إذاً كوني قوية وحازمة ولا تغفلي عن أداء فروضك الواجبة كـ (الصيام) في شهر اليُمن والبركة, فهو سلاحك الفعال الذي يحصنك من أهوال الدنيا البالية, وفيه معبرين: الأول الكثير من الأعباء ويتطلب مجهود وحكمة لنيل الغايات ويقترن بحسن العمل, والآخر هو حصاد ذلك الجهد المبذول يوم الفاقة الأكبر, والمؤمنة الحقة هي التي ترتقي بذاتها وتسمو بها نحو الفضيلة في شهر الخيرات, ولكن يا ترى لماذا الأجر فيه بزيادة وليس في نقصان؟ الجواب واضح ويرتبط بخصوصيته الواردة في القرآن كما جاء في قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) , فهو شهر مبارك بجميع حيثياته وتفصيلاته, ولياليه تفردت بخصوصيات يصعب على الأنامل سرد مناقبها أو التذكير بأجر قائميها, فهو يشغلك عن الهموم الدنيوية بمسرة الطاعات, وفيه قربى لله وما أحوجنا اليه في كل لحظة من عمرنا, فهو الملجأ الذي نلوذ اليه في الملمات وهو العالم بأمورنا وعواقبنا, وهو الأقرب ألينا من حبل الوريد, وعنده سرادق الغيب ويعلم آجالنا وما تصير اليه أمورنا في المستقبل, واعلمي ان طلبه سعادة للدارين, وخصوصاً يوم تذهل فيه الأبصار وتكون شاخصة نحوه وحده سبحانه, فلتكن ثقافتك نابعة من صميم هذا الشهر العظيم ومنها ثقافة الجهاد مع النفس, لدرء الموبقات وأعلمي أن مدة شهر(الصيام) هي ليست باليسيرة, وفيه اختبار لكِ من الله تعالى لنا ليرى كيف تصنعين في شهره ؟ وان تحليك بمكارم الخلق الكريم في الحقيقة لايختص بشهر دون أخر, وإنما هو مطلب إلهي من البشر على مدى الحياة الحافل بالأحداث, وان صيام الحر فيه مجاهدة روحية عظيمة وفضائل جمة, كما حدث عنه إمامنا الصادق في قوله: (أفضل الجهاد الصوم في الحر) , ومع الأسف فان هناك بعض النسوة يتركن الصيام بحجة أنهن لا يقوين على أدائه, فمهما تكن حجتهن فهي واهية, فالمرأة لايجوز لها الإفطار الا بعذر شرعي, وان ندبها واختراقها قوانين وقدسية هذا الشهر الكريم سيفوت عليها فرصة نيل الجائزة الالهية الكبرى والرضوان, وهو الذي لا تعيه الكثير من النسوة الا المؤمنات بيقين, فكوني على حذر ولا تحيدي عن تعطير فيك بذكر الله و التسبيح له في الليل والنهار وأكثري من الصلاة على نبيه وآله الأخيار(عليهم السلام), فصيامك حصنك الذي يؤمنك من كبوة الشيطان, وهذا ما حدَّث به إمامنا الصادق(عليه السلام) نقلاً عن نبيه الأكرم(صلى الله عليه وآله): ( الصوم جنة من آفات الدنيا, وحجاب من عذاب الآخرة, فإذا صمت فانوِ بصومك كف النفس عن الشهوات وقطع الهمة عن خطوات الشيطان) , جعلنا الله واياكم من ضيوف الرحمن وعفا عن خطايانا بشفاعة نبيه(صلى الله عليه وآله) واله الأطهار(عليهم السلام).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى