مقالات

قمر بني هاشم نبراس الجود والاباء

تعد التضحية من أكثر المفاهيم الإنسانية الدقيقة, وغالبا ما تقترن بمفهوم آخر هو الشهادة , وإذ ما تحدثنا عن الشخوص البشرية التي تقترن بالمفهومين السابقين فإننا نجد أن ابا الفضل العباس “عليه السلام” هو خير من يتحلى بهذه الجوهرة الثمينة التي يندر وجودها , فهو شبل الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” الذي وقف مع رسول الله “صلى الله عليه وآله” في كثيرٍ من المواقف الشريفة الخالدة في حروبه ومعاركه ضد طغاة قريش ,

فليس بالمستغرب أن يتفرع ابو الفضل من هذه الشجرة الهاشمية المعروفة بعراقة وبسالة انساب رجالها العظماء.

فقد بات شعار الرسالة واضحا في سيرته الشريفة, وما وقفته المشرفة مع اخية الإمام الحسين “عليه السلام” يوم عاشوراء الا رسالة خطت من دم الفرسان موقفا مشرفا للتضحية ونبراساً عالمياً مقدساً للأحرار والابرار. وعن تلك الشجاعة قيل انه : (ظهرت فيه الشجاعتان الهاشمية التي هي الأربى والأرقى وهي من ناحية أبيه سيّد الوصيين “عليه السلام”، والعامرية من ناحية أمه أم البنين) , فشجاعة الأسرتين قد تضافرت وأنجبت قرين الوفاء والبطولة الذي أصبح بحق قرباناً للشهادة والوفاء في وقعة (الطف) الاليمة التي كان فيها العباس”عليه السلام” أفضل فرسان البيداء يدرك بحسامه رقاب العتاة من بني أمية مستبشراً بلحظات الشهادة ليصبح عنواناً للوفاء الأبدي. وأبو الفضل “عليه السلام” هو أحد أفذاذ العلويين الذين لم تكن المفاخر مزايا زائدة على ذاتّياتهم وإنما هي مزايا متأصلة من ذاتية شخصياتهم الكريمة, و مدحوا على أثرها وأصبحوا قدوة في مقدمة سلم الفرسان الشرفاء أصحاب الخلق الإسلامي الرفيع ، والمنهل الذي يتغذى منه العارفون وحملة العلم أفضل زاد العلوم و المعارف, باعتباره مرجعاً يستحق الفخر به . مُرتقياً بسيرته الوضاءة “عليه السلام” منصّة المجد الإنساني ومتربعاً على عروش قلوب المؤمنين الذين ملئت أبصارهم بضياء الكرامة , وانبهرت عقولهم بمفاخر الفضيلة العباسية. وقد رثاه الشاعر السيد راضي القزويني في قصيدته الرائعة قائلاً: أبـا الفضل يا من أسس الفضل والابا *** أبـى الـفضل الا أن تـكون لـه أبـا تـطـلبت أسـبـاب الـعلى فـبلغتهـا *** ومــا كـل سـاع بـالغ مـا تـطلبا ودون احـتمال الـضيم عـزاً ومـنعة *** تـخـيرت أطـراف الأسـنة مـركبا وفـيت بـعهد الـمشرفية فـي الوغى *** ضـرابا ومـا أبـقيت للسيف مضربا لـقد خـضت تـيار الـمنايا بـموقف *** تـخـال بــه بـرق الأسـنة خـلّبــا اذا لـفـظت حـرفا سـيوفك مـهملا *** تـتـرجمه سـمـر الـعوامل مـعربا ويحدثنا الامام زين العابدين “عليه السلام” عنه بقوله: ( إن لعمي العباس عند الله (عز وجل) منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة) . وروي ايضاً عن الإمام جعفر الصادق (كان عمنا العباس بن عليّ نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله “عليه السلام” وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً) . لقد كان “عليه السلام” انموذجاً فريداً في الإيثار , حيث انه وقف بجانب ماء الفرات ولم يذق منه قطرة وفاءً لأخيه الامام ابي عبد الله”عليه السلام” الذي كان ظامئاً في عاشوراء وقال: يا نفس من بعد الحسين هوني *** فبعده لا كنت أن تكوني هذا الحسين شارب المنون *** وتشربين بارد المعين والله ما هذا فعال ديني *** ولا فعال صادق اليقين السلام عليك يامولاي يا ابا الفضل العباس يا من كشفت الكرب عن أخيك الإمام الحسين”عليه السلام” ، فنعم الصابر المجاهد والمحامي الناصر والأخ الدافع عن أخيه المجيب الى طاعة ربه, ونسأل الله ان يكشف عن المؤمنين والموالين كربهم بشفاعتك وقربك من عترة رسول الله “صلى الله عليه وآله”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى