مقالات

لِمَ هذا التكرار في قوله تعالى {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} ؟

قال تعالى : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون : 1 – 6].

ذهب بعضهم إلى أن الهدف من التكرار التأكيد وبثّ اليأس في قلوب المشركين، وفصل المسيرة الإسلامية بشكل كامل عن مسيرتهم، وتثبيت فكرة عدم أمكان المهادنة بين التوحيد والشرك .بعبارة أخرى القرآن الكريم قابل دعوة المشركين إلى المساومة والمهادنة وإصرارهم على ذلك وتكرارهم لدعوتهم، بتكرار في الردّ عليهم.

ورد أن «أبا شاكر الديصاني» وهو من زنادق عصر الإمام الصادق(عليه السلام) سأل أحد أصحاب الصادق (عليه السلام) وهو «أبو جعفر الأحول» (محمّد بن علي النعماني المعروف بمؤمن الطاق) عن سبب هذا التكرار، وهل الشخص الحكيم يرد في كلامه مثل هذا التكرار؟

أبو جعفر الأحول أعياه الجواب، فتوجه إلى المدينة، ودخل على الإمام الصادق (عليه السلام) وسأله عن ذلك، أجابه الإمام : كان سبب نزولها وتكرارها أن قريشاً قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة وتعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة فأصابهم بمثل ما قالوا فقال فيما قالوا تعبد آلهتنا سنة { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } وفيما قالوا نعبد إلهك سنة { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } وفيما قالوا تعبد آلهتنا سنة { وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ }  وفيما قالوا نعبد إلهك سنة { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}

ذهب أبو جعفر الأحول بالجواب إلى أبي شاكر، فلما سمعه قال : «هذا ما حمله الإبل من الحجاز» (1)! (يشير بذلك إلى أن هذا ليس كلامك بل كلام الصادق).

وقيل إن هذا التكرار يعود إلى أن الجملة الأولى تركز على الحال، والجملة الثّانية تركز على المستقبل، ويكون معنى الجملتين لا أعبد ما تعبدون في الحال والمستقبل. ولا يوجد شاهد في الآية على هذا التّفسير.

ثمة تفسير ثالث لهذا التكرار هو إن الأولى تشير إلى الإختلاف في المعبود والثّانية إلى الإختلاف في العبادة . أي لا أعبد الذي تعبدون، ولا أعبد عبادتكم لأن عبادتي خالصة من الشرك ولأنها عبادة عن وعي وعن أداء للشكر لا عن تقليد أعمى (2).

والظاهر أن هذا التكرار للتأكيد كما ذكرنا أعلاه، وجاءت الإشارة إليه أيضاً في حديث الإمام الصادق (عليه السلام ) .

وهناك تفسير رابع للتكرار هو إن الآية الثّانية تقول : لا أعبد ما تعبدون الآن .

والآية الرابعة تقول : ما أنا عابد (في الماضي) معبودكم، فما بالكم اليوم. هذا التّفسير يستند إلى التفاوت بين فعلي الآيتين، في الثّانية الفعل مضارع «تعبدون»، وفي الآية الرابعة «عبدتم» بصيغة الماضي ونحن لا نستبعده.(3)

وإن كان هذا يحل مسألة تكرار الآيتين الثّانية والرابعة، وتبقى مسألة تكرار الآيتين الثّالثة والخامسة على حالها.(4).

_______________________

1. تفسير علي بن إبراهيم، ج 2، ص 445.

2 ـ بناء على هذا التّفسير «ما» في الآيتين الثّانية والثّالثة موصولة، وفي الرابعة والخامسة مصدرية (ذكر هذا التّفسير أبو الفتوح الرازي ضمن ذكره لإحتمالات تفسير الآية ج 12، ص 192، وأشارإليه الطبرسي أيضاً).

3. بناء على هذا (عابد) وهو اسم فاعل يكون في الآية بمعنى الماضي أيضاً.

4.  يجب الإلتفات إلى أن «ما الموصولة» وإن استعملت غالباً في غير ذوي العقول، تستعمل أيضاً في العاقل. وفي القرآن شواهد.

مكتبة

قال تعالى : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون : 1 – 6].

ذهب بعضهم إلى أن الهدف من التكرار التأكيد وبثّ اليأس في قلوب المشركين، وفصل المسيرة الإسلامية بشكل كامل عن مسيرتهم، وتثبيت فكرة عدم أمكان المهادنة بين التوحيد والشرك .بعبارة أخرى القرآن الكريم قابل دعوة المشركين إلى المساومة والمهادنة وإصرارهم على ذلك وتكرارهم لدعوتهم، بتكرار في الردّ عليهم.

ورد أن «أبا شاكر الديصاني» وهو من زنادق عصر الإمام الصادق(عليه السلام) سأل أحد أصحاب الصادق (عليه السلام) وهو «أبو جعفر الأحول» (محمّد بن علي النعماني المعروف بمؤمن الطاق) عن سبب هذا التكرار، وهل الشخص الحكيم يرد في كلامه مثل هذا التكرار؟

أبو جعفر الأحول أعياه الجواب، فتوجه إلى المدينة، ودخل على الإمام الصادق (عليه السلام) وسأله عن ذلك، أجابه الإمام : كان سبب نزولها وتكرارها أن قريشاً قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة وتعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة فأصابهم بمثل ما قالوا فقال فيما قالوا تعبد آلهتنا سنة { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } وفيما قالوا نعبد إلهك سنة { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } وفيما قالوا تعبد آلهتنا سنة { وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ }  وفيما قالوا نعبد إلهك سنة { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}

ذهب أبو جعفر الأحول بالجواب إلى أبي شاكر، فلما سمعه قال : «هذا ما حمله الإبل من الحجاز» (1)! (يشير بذلك إلى أن هذا ليس كلامك بل كلام الصادق).

وقيل إن هذا التكرار يعود إلى أن الجملة الأولى تركز على الحال، والجملة الثّانية تركز على المستقبل، ويكون معنى الجملتين لا أعبد ما تعبدون في الحال والمستقبل. ولا يوجد شاهد في الآية على هذا التّفسير.

ثمة تفسير ثالث لهذا التكرار هو إن الأولى تشير إلى الإختلاف في المعبود والثّانية إلى الإختلاف في العبادة . أي لا أعبد الذي تعبدون، ولا أعبد عبادتكم لأن عبادتي خالصة من الشرك ولأنها عبادة عن وعي وعن أداء للشكر لا عن تقليد أعمى (2).

والظاهر أن هذا التكرار للتأكيد كما ذكرنا أعلاه، وجاءت الإشارة إليه أيضاً في حديث الإمام الصادق (عليه السلام ) .

وهناك تفسير رابع للتكرار هو إن الآية الثّانية تقول : لا أعبد ما تعبدون الآن .

والآية الرابعة تقول : ما أنا عابد (في الماضي) معبودكم، فما بالكم اليوم. هذا التّفسير يستند إلى التفاوت بين فعلي الآيتين، في الثّانية الفعل مضارع «تعبدون»، وفي الآية الرابعة «عبدتم» بصيغة الماضي ونحن لا نستبعده.(3)

وإن كان هذا يحل مسألة تكرار الآيتين الثّانية والرابعة، وتبقى مسألة تكرار الآيتين الثّالثة والخامسة على حالها.(4).

_______________________

1. تفسير علي بن إبراهيم، ج 2، ص 445.

2 ـ بناء على هذا التّفسير «ما» في الآيتين الثّانية والثّالثة موصولة، وفي الرابعة والخامسة مصدرية (ذكر هذا التّفسير أبو الفتوح الرازي ضمن ذكره لإحتمالات تفسير الآية ج 12، ص 192، وأشارإليه الطبرسي أيضاً).

3. بناء على هذا (عابد) وهو اسم فاعل يكون في الآية بمعنى الماضي أيضاً.

4.  يجب الإلتفات إلى أن «ما الموصولة» وإن استعملت غالباً في غير ذوي العقول، تستعمل أيضاً في العاقل. وفي القرآن شواهد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى