مقالات

وجاء المحرم (١)


نعم ما أن يكون سرار ذي حجة حتى تعتم أنفسنا وتنقبض قلوبنا وتظلم أرواحنا مع ظلمته، وما أن يولد هلال محرم الحرام، ويهل هلاله حتى يهل علينا الحزن والأسى والبكاء والدموع..
يهل هلال العام فتهل معه دموعنا وتظلم نفوسنا فترانا وكأننا للحزن خلقنا، للبكاء وجدنا، للأسى ولدنا، فأي أثر لك في القلوب، والأرواح، والنفوس يا هلال محرم؟
هلال الأسى هل..
شهر الحزن طل..
وخرج الجميع إلى أهدافهم، وحوائجهم، وخدماتهم لسيد الشهداء روحي له الفداء..
العالم عطل درسه ورفع كتبه..
والخطيب جهز منبره وجمهوره..
والملا والرادود أخذ قصائده وأوراقه..
وكذلك أصحاب المواكب..
والحسينيات..
والمآتم..
والهيآت..
والمساجد..
والحوزات..
وحتى البيوت والجلسات..
كلها تكللت والتفت بالسواد وكأن الشمس لن تشرق لأن شمسنا كسفت في هذه الأيام..
وكأن القمر لن يولد لأن قمر العشيرة خسف على شاطئ الفرات..
وتحولت الحياة ودورتها كلها تدور وتتشعب وتتمحور حول ذاك النور الوضاء، وذاك الشخص المقدس، الذي قدم كل شيء في سبيل الله، وحفاظا على دين الله وكتابه الحكيم..
نعم.. إنه الإمام الحسين (ع)
مالئ الدنيا وشاغل الناس ..
مالؤها بالنور رغم ظلامها..
مالؤها بالخير رغم شرورها..
مالؤها بالإصلاح رغم فسادها..
ومالؤها بالعدل رغم ظلمها الفادح له ولأهله الأخيار، وأصحابه الأبرار ، لأنه صاحب الرسالة الإسلامية بعد جده، فهو الإمام إن قام أو قعد..
وهو الإمام رضي من رضي وأبى من أبى..
وهو سبط رسول الله وابن ابنته وبضعته الغالية، وخامس أهل العبا وأصحاب الكساء، الذين أنزل الله فيهم هل أتى؟
هو الحسين بن علي بن أبي طالب فحل الرجال ومجندل الأبطال أسد الله الغالب، ليث الحجاز، وكبش العراق شرف الأشراف ورأس بني عبد مناف وهاشم وشيبة الحمد ومن كان أبوه بيضة البلد وسيد البطحاء.
الحسين ذاك الشبل من ذاك الأسد وهذا النور من ذاك المصباح، وهذا الشخص من ذاك الجسد الذي قال عنه جده رسول الله (ص): (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الأسباط )
الحسين هو ذاك المصباح المكتوب على ساق عرش الرحمن : (الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)
الحسين هو نفسه ربان وقبطان سفينة الرحمن (التي هي أوسع وفي لجج البحار أسرع)
الحسين يستقبل الجميع، ويرحب بكم كلكم يا أحبتي في الحسين فانطلقوا جميعا في خدمة الحسين كل بما يسر الله له من خدمة وليشكر الله على هذا التوفيق العظيم له..
وليكن الحسين جامعا لنا وليس مفرقا..
وليكن موحدا لا مشتتا..
وليكن خيمة الجميع ولا أحد يخرج أحدا، ولا يزاحم أحدا، ولا ينفر أحدا لأن الحسين للجميع إماما وقائدا ومنهجا..
ففي ساحة عاشوراء كان فيها المسلم والمسيحي، وكأن فيها الشيعي، والسني، والأباضي، وكان فيها العربي، والتركي، والبربري، وكان فيها الشريف العظيم، والعبد الفقير المستضعف، والمرأة الشريفة، والمسيحية العفيفة، والطفل الصغير والشيخ الفاني الكبير..
هذا يعطينا مفهوما واضحا أن الحسين (ع) للعالم، والأمم، والشعوب كلها وليس لنا فقط فدعونا نوصل رسالة الحسين إلى العالم أجمع فذاك أنفع وأنجع لنا في دنيانا وأخرانا..
وأما الفرقة لا سمح الله فإنها تشغلنا ببعضنا، وتلهينا عن رسالتنا التي ندبنا سيدنا ومولانا وإمامنا الحسين (ع) لحملها وتبليغها للعالم والأجيال في كل زمان ومكان..
توحدوا بالحسين (ع) ولا تتفرقوا فيه..
فالحسين يوحدنا ويجمعنا وينصرنا على أعدائنا..
فبالحسين ننتصر إذا توحدنا تحت رايته المظفرة المباركة..
السلام على الحسين أبد الدهر ومدار العصر..
السلام على إخوته وأبنائه وأصحابه والسائرين بنهجه..
السلام على الحسينيين في كل عصر ومصر..
حيى على العزاء..
وهيا إلى البكاء..
وعظم الله أجركم أيها الأعزاء..

الحسين كريمو

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى