مقالات

أويس القرني

اسمه ونسبه:

أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قَرَنْ بن ردمان بن ناجية بن مراد، وهو يحابر بن مالك بن أدد من مذحج.[1]

وقيل: أويس بن عمرو.[2]وقيل: أويس بن عمر.[3]وأورد ابن عساكر عدّة أقوال في اسمه،[4] ولكن المتّفق عليه أنّ اسمه أويس القرني المُرادي.

سبب تسميته بـ(القرني):

ذُكر لتسميته بـ (القرني) ـ بفتح القاف، والراء المهملة جميعاً، وكسر النون، بعدها ياء ـ وجهان:

الأول: نسبة إلى منطقة بين الطائف ونجد.[5]الثاني: نسبة إلى حي أو قبيلة (بني قَرَن) من بني عامر بن صَعْصَعَةَ أحد أجداد أويس، من أهل اليمن.[6]

إخبار الرسول (ص) عنه:

أخبر رسول الله (ص) بشخصيّة أويس في عدّة مواطن، فقد روي في هذا:

عن أمير المؤمنين قال: «أخبرني رسول الله (ص) أنّي أُدرك رجلاً من أمّته يقال له أويس القرني، يكون من حزب الله ورسوله، يموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر».[7]وقول رسول الله (ص): «أبشروا برجل من أمّتي يُقال له أويس القرني، فإنّه يشفع لمثل ربيعة ومضر…».[8]وقوله (ص): «واشوقاه إليك يا أويس القرن! ألا ومن لقيه فليقرأه مني السلام».[9]وقوله (ص): «إنّ من بعدي رجلاً يقال له أويس، به شامة بيضاء، من لقيه فليبلغه منّي السلام، فإنّه يشفع يوم القيامة لكذا وكذا من الناس».[10]وقوله (ص): «إنّ باليمن شخصاً يقال له أويس القرني، يحشر يوم القيامة أمّة وحده، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر، ألا ومن رآه منكم فليقرأه عنّي السلام».[11]

إسلامه:

الظاهر أنه أسلم على يد أمير المؤمنين عندما كان في اليمن فترة من الزمن في عهد رسول الله، ويدلّ على الإحتمال مجموعة من القرائن:

الأولى: أنّ رسول الله (ص) أرسل أمير المؤمنين إلى اليمن لهداية الناس إلى الإسلام، فأقام فيهم مدّة، ثم عاد بعدها في حجة الوداع فيما رواه الخاصة،[12] وكذا روته العامة في التراجم،[13] وفي الفضائل،[14] والمناقب،[15] وفي أبواب القضاء [16] مثلاً: عن أبي رافع قال: بعث رسول الله (ص) علياًإلى اليمن أميراً، وأخرج معه رجل من أسلم يقال له عمرو بن شاس…)،[17] وعلى هذا فلا يبعد أن يكون أويس قد أسلم وقتها على يد.الثانية: روايته عن أمير المؤمنين في باب القضاء،[18] وروى له السيد ابن طاووس دعائين علمه إيّاهما الإمام،[19] وأورد أبو نعيم في ترجمة إبراهيم بن أدهم روايةً أسندها إلى موسى بن يزيد عن أويس القرني عن عمر بن الخطاب والإمام علي [20] وغير هذا أيضاً مذكور في مسنده.الثالثة: مصاحبته لأمير المؤمنين في الكوفة التي سكنها ــ باتّفاق من ترجم له ــ في عهد عمر بن الخطاب.الرابعة: بيعته لأمير المؤمنين في معركتي الجمل وصفين، ولم يذكر الرجاليون في كتبهم أنّه بايع أحداً غير أمير المؤمنين مطلقاً، بل ولم يذكروا أنه شارك في حروب الفتح المذكورة، بل ولم تذكر عنه شيئاً طيلة خلافتهم التي امتدت إلى ربع قرن، حتى ظهر مع الإمام وبايعه، وشارك في معركتي الجمل و صفين.

الروايات التي تتحدث عنه:

قال الشيخ المفيد: حدّثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن سليمان بن داود الرازي. وحدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن علي بن سليمان، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر: «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواريّ محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد، ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر».

قال الإمام: «ثم ينادي: أين حواري أمير المؤمنين وصي محمد بن عبد الله رسول الله ص؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي، ومحمد بن أبي بكر، وميثم بن يحيى التمار ـ مولى بني أسد ـ وأويس القرني».

وروي عن رسول الله (ص) قال: «إنّ الله يحبُّ من خلقه الأصفياء الأتقياء، الشعثة رؤوسهم، المغبَرَّة وجوههم، الخمصة بطونهم من كسب الحلال، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يُؤذن لهم، وإن خطبوا المتنعمات لم يُنكحوا، وإن غابوا لم يُفتقدوا، وإن حضروا لم يُدعوا، وإن طلعوا لم يُفرح بطلعتهم، وإن مرِضوا لم يُعادوا، وإن ماتوا لم يُشهدوا».

قالوا: يا رسول الله، كيف لنا برجلٍ منهم؟

قال (ص): «ذاك أويس القرني».

قالوا: وما أويس القرني؟

قال (ص): «أشهلُ ذو صهوبة، بعيد ما بين المنكبين معتدل القامة، آدمُ شديد الأدمة، ضاربٌ بذقنه إلى صدره، رامٍ ببصره موضع سجوده، واضع يمينه على شماله، يتلوا القرآن، يبكي على نفسه، ذو طِمرين، لا يُؤبه له، متّزر بإزار صوفٍ ورداءٍ، تحت منكبه لَمْعَهٌ بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد: ادخلوا الجنة، ويقال لأويس: قف لتشفع، فيُشفّعه الله في مثل عدد ربيعة ومضر…».[21]

وروي عنه (ص) قال: «إنّه إن غاب عنكم لم تفقدوه، وإن ظهر لكم لم تكترثوا به، يدخل الجنة في شفاعته مثل ربيعة ومضر، يؤمن بي وما رآني، ويُقتل بين يدي خليفتي أمير المؤمنين ».[22]

وقال هرم بن حيّان واصفاً له: رجلٌ نحيلٌ، آدم شديد الأدمة، أشعث، محلوق الرأس، مَهيب المنظر.[23]

قول الرجاليين:

لم يدرك رسول الله (ص) ولم يحظى برؤيته ولم يصحبه باتفاق الشيعة [24] والسنة، [25] وإنّما ذكره رسول الله، ودلّ على فضله، [26] ومن ذلك ما روي عن رسول الله (ص) أنّه قال: «أويس خيرُ التابعين بإحسانٍ».[27]

وروي غير هذا بنفس المعنى والمضمون.[28]

وقد انعكست هذه الروايات على كلمات المترجمين له:

قال الشيخ الكشي: أويس من خيار التابعين والمضمون.[29].وقال الذهبي: كان من خيار التابعين والمضمون.[30]. وقال أيضاً: سيد التابعين في زمانه والمضمون[31]وقال ابن حجر: سيد التابعين والمضمون.[32]وقال العجلي: من خيار التابعين وعبّادهم والمضمون.[33]

قال الشيخ محمد حسين المامقاني:اتفق الفريقان (الشيعة والسنة) على وثاقته.[34] وهذا ما أكّد عليه ابن عدي،[35] وذكره.[36]

عبادته وزهده:

عد أويس ضمن الزهاد الثمانية، بل وقيل من أفضلهم.[37]

وروي أنّه كان إذا أمسى يقول: (هذه ليلة الركوع)، فيركع، ويتم الليلة بركوعٍ واحدٍ. وفي الليلة الأخرى يقول: (هذه ليلة السجود)، ويتمها ساجداً. فقيل له: يا أويس، كيف تُطيق على مضيِّ الليالي الطويلة على منوال واحد؟ فقال: (أين الليلة الطويلة؟! وياليت كان من الأزل إلى الأبد ليلة واحدة حتى نُتمها بسجدة واحدة نتوفر الأنين والبكاء…).[38]وروي أنّه فشا أمره في الكوفة… فانملس (اختفى) منهم فذهب.[39]وروي أنّه قال: أكون في خمار الناس حيث أخفى ولا اُعرف.[40]، وكان يقول: الوحدةُ أحبُّ إليّ؛ لأنّي كثير الغم ما دمت مع هؤلاء الناس.[41]وروي أنّ رجلاً سأل أم أويس: من أين لابنك هذه الحالة العظيمة التي قدّمه رسول الله (ص) بها مدحاً لم يمدح به أحداً من أصحابه، ولم يره رسول الله (ص) ؟! فقالت: إنّه من حين بلغ اعتزلنا، وكان يأخذ في الفكر والاعتبار.[42]وقيل: كان أويس القرني يقف على موضع الحدادين، فينظر إليهم كيف ينفخون الكير [كور النار]، ويسمع صوت النار، فيصرخ، ثم يسقط. [43]

انتظار أمير المؤمنين (عليه السلام) لأويس:

في الرواية عن الأصبغ بن نباتة قال: كُنّا مع علي (ع) بصفين، فبايعة تسعة وتسعون رجلاً.

ثم قال: «أين تمام المئة؟ لقد عهد إليّ رسول الله (ص) أن يبايعني في هذا اليوم مئة رجل». قال: إذ جاء رجلٌ عليه قباء صوف متقلداً بسيفين، فقال: أبسط يدك أبايعك. قال علي (ع): «فعلامَ تبايعني؟». قال: على بذل مهجة نفسي دونك. قال: «من أنت؟». قال: أنا أويس القرني. قال: فبايعه…[44]

استشهاده في صفين:

روي أنّه كان يقول: اللهم ارزقني شهادة يسبق بُشراها أذاها، توجب لي الحياة والرزق.[45] وفي رواية أخرى: اللهم ارزقني شهادة تسبق كسرتها أذاها، وأمنها فزعها، تؤوب الحياة والرزق.[46] وهناك قبر منسوب إليه في مقبرة باب الصغير بدمشق.[47]

تاريخ ومحل استشهاده:

قيل: في الثامن عشر من شهر صفر سنة 37 هـ[48] على أرض الشام، برز للقتال بين يدي أمير المؤمنين{{عليه السلام]] فقاتل حتى قتل، ولعله قًتل قي السابع منه، فوُجد صريعاً بين عمّار و خزيمة بن ثابت.[49]

قال إبن شهر آشوب: وأتى أويس القرني متقلّداً بسيفين، وقيل: كان معه مرماة ومخلاة من الحصى، فسلّم على أمير المؤمنين (ع) وودّعه، وبرز مع رجّالة ربيعة، فقُتِلَ من يومه، فصلّى عليه أمير المؤمنين(ع)، ودفنه.[50]

وفي الرواية عن الإمام الباقر (ع): قال: «شهد مع علي بن أبي طالب (ع) من التابعين ثلاثة نفر بصفين، شهد لهم رسول الله (ص) بالجنة ولم يَرَهُم: أويس القرني، و زيد بن صوحان العبدي، وجندب الخير الأزدي».[51]

قيل: فقاتل بين يديه، فاستشهد، فنظروا فإذا عليه نيف وأربعون جراحة من طعنة وضربة ورمية.[52]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى