إخبار القرآن بأمور من غيب المستقبل
لقد جاء في القرآن الكريم كثير من الآيات تنبئ عن أمور لم كتن قد وقعت ، ولقد وقعت كما أخبر القرآن عنها لم يتخلف منها خبر ، من ذلك :
1- قول الله تبارك وتعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران : 12] ولقد كان ما أخبر عنه القرآن الكريم .
2- ما طمأن الله به رسول الله (صلى الله عليه واله) من أنه سيعصمه من الناس ، ويمنعه من كل من أراد قتله ، فلقد بذل اليهود والمنافقون ما يستطيعون ، وقاموا بأكثر من محاولة ، ولكن الله حفظ نبيه (صلى الله عليه واله) منهم ، وهذا ما جاء صريحا في الآية الكرمي {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة : 67].
3- وعد الله أن يحفظ هذا القرآن الكرمي من أن يطرأ عليه أي تغيير ، أو يناله أي تبديل فقال سبحانه : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر : 9] ، وكان ما أخبر عنه القرى، الكريم ، وصدق الله {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء : 87] .
4- ما أخبر به القرآن الكريم من نصر نبيه (صلى الله عليه واله) ، ونصر المؤمنين وتمكين دينهم لهم ، واستخلافهم في الأرض ، وتبديل يخوفهم أمنا ، فقال سبحانه {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور : 55] .
وقال سبحانه {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر : 51] وقال سبحانه : {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات : 171 – 173] .
5- ما وعد الله به نبيه (صلى الله عليه واله) من دخول مكة ، ودخول المسجد الحرام ، فقال سبحانه {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص : 85] وقال : {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح : 27].
6- وعد الله المسلمين مغانم كثيرة من أعدائهم ، فقال سبحانه : {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الفتح : 18 – 21].
7- وعد الله للمسلمين أن يهزم عدوهم فقال سبحانه في شأن اليهود {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ} [آل عمران : 111، 112] وقال سبحانه : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف : 167] .
وإننا لن نؤمن بهذه الآية إيمانا قويا ، لا يتزحزح من قلوبنا قيد أنملة ، ولا نتزحزح عنه قيد شعرة ، من أن اليهود سيسامون سوء العذاب ، مهما علا باطلهم ومهما تمادوا في غيهم ومهما بذلت أمريكا وغيرها لهم ، فيستحق وعد الله {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم : 6] .
وقال سبحانه : {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} [الإسراء : 7] والمخاطبون هم اليهود ، والذي نختاره ونراه في تفسير هذه الآية الكريمة أن الآخرة في الآية وهي المرة الثانية لإفساد اليهود ، ليست شيئا غير واقعنا الذي نعيشه الآن ، فهي تتحدث عن اليهود بعد أن كان لهم دولة ، ولم يحدثنا التاريخ عن دولة اليهود في عهد المسلمين ، إلا هذه ، فلا بد أن تتقوض أركانهم ، ونسوء وجوههم ، وندخل المسجد الأقصى ، ويتبرون شر متبر ، وقال تعالى : {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا} [الإسراء : 104 – 107] .
8- ما ذكره القرآن الكريم وهو يحدثنا عن يهود وقد ضربت عليهم الذلة والمسكنة أينما ثقفوا وأينما وجدوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس والذي نفهمه من هذه الآية الكريمة أن اليهود لا يستطيعون أن يقفوا على أقدامهم ، وليس بوسعهم أن يحيوا حياة العزة والمنعة ، وأنهم محتاجون دائما الى حليف يحميهم ، ونصير يشد على أيديهم .
ونحن نجد أن وعد الله تبارك وتعالى يتحقق ، فهاهم اليهود اليوم يعولون في مسيرتهم وبقاء دولتهم على كثير من قوى البغي ، وفي مقدمتها أمريكا التي تمدهم بكل المقومات المادية من سلاح ومال وغذاء ، وبكل المقومات المعنوية كذلك ، ولا يجهل أحد من الناس موقف امريكا وغيرها من مجلس الامن وهيئة الأمم ، هذا كلاه يتدرج تحت قوله سبحانه {وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران : 112].
ولعل سائلا يسأل هذا (حبل الناس) عرفناه ، فماذا عن حبل الله ؟ ونجيب السائل عن هذا التساؤل بما يبدو لنا من الآية الكريمة ، وهو أن حبل الله تبارك وتعالى ، يكون لهؤلاء اليهود حينما يتنكب المسلمون الصراط، ويعرضون عن حكم الله وهديه ، فليس حبل الله لليهود دليلا على حب الله لهم ، بل هو عقوبة للمسلمين وتذكرة لهم ليرتدعوا عن إعراضهم ، وليرجعوا الله الله ولتحيا كلمات الله في نفوسهم ، وليسد شرعه حياتهم كلها ، ذلكم هو حبل الله وحبل الناس ، وهو بحق – ويعلم الله- إعجاز في هذه الآية الكريمة أظهر من الشمس في رابعة النهار .
ويتصل بهذا ما أخبر به عن اليهود من تسلك الامم النصرانية عليهم ، وذلك في قوله سبحانه {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران : 55].
والمتدبر للآية الكريمة يجد أنه قد ذكر فيها (الذين كفروا) مرتين ، الاولى {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران : 55] والثانية {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران : 55] والذين كفروا في المرة الأولى هم اليهود يقينا ، فهم الذين ناصبوه عليه الصلاة والسلام العداء ، وقد نجاه الله منهم ، وإذن (فالذين كفروا) في قوله تعالى {فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} هم اليهود كذلك ، فالآية الكريمة تبين لنا أن تسلط الأمم النصرانية على اليهود أمر مستمر ، والتاريخ خير شاهد على ذلك ، فما لاقاه اليهود من الأمم النصرانية على مدى التاريخ من الشدة والقسوة والإيذاء والتعذيب والاحتقار لا يجهله أحد ، و لا ينكره اليهود أنفسهم .
وفي هذه الأيام التي يظهر أن لليهود فيها دولة ، لا ينكر أحد هذه الفوقية فاليهود لا زالوا في أمس الحاجة الى هذه الامم والحكومات لبقاء دولتهم ، والى أ، يقضي الله أمرا مفعولا عندما يهيئ الله لهذه الامة من يرفع فيها علم الجهاد ، ليدكوا دولة الباطل {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الإسراء : 7] ، {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} [الإسراء : 51] .
9- وإذا كان هذا وعدا بهزيمة عدو المسلمين من اليهود ، فلقد وعد الله المؤمنين كذلك أن يهزم عدوهم من مشركي العرب ، فقال سبحانه : {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الفتح : 22] .
10- وعيد الله سبحانه لأهل مكة ومن شايعهم في بدل ما سيلاقونه يوم بدر فقال سبحانه : {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر : 45] وهذه الآيات نزلت في مكة ولذا رعي عن عمر قوله (ما عرفت الجمع الذي تتحدث عن الآية إلا يوم بدر) .
وقال سبحانه {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الطور : 45، 46] والمقصود بهذا يوم بدر .
ومن عجيب امر القرآن الكريم ، أن هاتين الآيتين من سورة الطور جاءتا بعد قوله سبحانه {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الطور : 29، 33] الى آخر الآيات فقد ذكرت (أم) في هذه الآية خمس عشرة مرة ، وكانت غزوة بدر في السنة الخامسة عشرة من البعث النبوي ، حيث مكث النبي (صلى الله عليه واله) في مكة ثلاثة عشرة سنة ، وكانت بدر في السنة الثانية للهجرة ، فهذه خمس عشرة سنة .
11- ما تحدى الله به اليهود من تمنى الموت إن كانوا أولياء الله ، وإن كانت الدار الأخرة خالصة لهم ، فقال : {قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [الجمعة : 6، 7] وكان ما أخبر عنه القرآن الكريم .
12- ما أخبر الله به عن أهل مكة في سورة الدخان من أنه سيأخذهم بالسنين ، ويذيقهم لباس الجوع والخوف ، وذلك قوله سبحانه {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان : 10 – 16] والبطشة الكبرى هي ما أصابهم يوم بدر ، اما الدخان المبين فيبينه ما جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود قال : (إنما كان هذا لأن قريشا لما استعصوا على النبي (صلى الله عليه واله) دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام ، فجعل الرجل ينظر الى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد ، فأنزل الله تعال : {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }[الدخان : 10 – 11] قال : (فأتى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقيل : يا رسول الله : استسق الله لمضر ، فإنها قد هلكت ، قال : لمضر ؟ إنك لجريء ، فاستسقى فسقوا . فنزلت {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان : 15 – 16]قال يعين يوم بدر (1) .
13- ما أخبر الله به عن فارس والروم وذلك في قوله سحبانه {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم : 1 – 4] ولقد تحقق الخبر القرآني ، وفي المدة التي أخبر عنها القرآن الكريم .
14- ما أخبر الله به نبيه (صلى الله عليه واله) مما سيحدث لأهل مكة بعد إخراج النبي (صلى الله عليه واله) منها ، فقال : {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء : 76] .
15- ما هدد الله به المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض من انهم إن لم ينتهوا عما هم فيه ، فإنهم سيلقون سوء صنيعهم ، وذلك في قوله {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب : 60] .
16- ما أخبر الله به في هذا القرآن من كشوف في آفاق هذا الكون ، وآفاق النفوس البشرية ، قال سبحانه {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت : 53] .
17- ما أخبر الله به عن مكنونات في هذا الكون ، ونبهت عليها بعض آيات القرآن ، ونذلك في قوله سبحانه {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص : 88].
18- ما فصح الله به المنافقين ، مما كانوا يخفونه في أنفسهم ، فأظهره الله سبحانه وتعالى وأطلع نبيه (صلى الله عليه واله) وبينه للمؤمنين ، قال تعالى : {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} [التوبة : 64] وهذا كثير في كتاب الله تبارك وتعالى ، وقال تعالى : {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا } [التوبة : 74] والمتدبر للآيات الكريمة يجد أن الله تبارك وتعالى كان يطلع نبيه (صلى الله عليه واله) على ما يخفيه المنافقون واليهود والذين في قلوبهم مرض .
ونرجو أن يكون ما ذكرناه فيه غنية .
هذه بعض أنباء الغيب في كتاب الله تبارك وتعالى ، ولقد تحقق كل ما أنبأ عنه القرآن {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء : 82] {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الإسراء : 105] .
المصدر كتاب إعجاز القرآن الكريم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري في كتاب التفسير ، باب يغشى الناس هذا عذاب أليم ، رقم 310 ، رقم الحديث (4544) (4/1833) .