مقالات

وجاء المحرم (2) هلاك الطاغية وملك الباغية


يذكر التاريخ بما خطه المؤرخون أن النصف من رجب من سنة ٦٠ للهجرة الشريفة كان هلاك الطاغية معاوية بن أبي سفيان – وما هو ابنه بل نسبته إليه هند وهو دعي أربعة كما يقول الزمخشري وغيره – عن عُمرٍ يناهز الثمانين سنة عجافاً قضى نصفها حاكماً ووالياً على بلاد الشام الواسعة الغنية، الناعمة الجميلة..
عشرون سنة والياً من قبل عمر ثم عثمان..
وعشرون سنة حاكماً عاماً على الدولة الإسلامية بعد هدنة الإمام الحسن السبط المجتبى (ع)، في سياسته الحكيمة لكشف زيف ونفاق ومؤامرة بني أمية وطاغيتهم معاوية لضرب الإسلام ودفنه وتشتيت المسلمين وإعادتهم إلى جاهليتهم التي كانوا عليها من قبل..
فلما هلك الطاغية اعتلى كرسي السلطة ذاك الأموي الباغية على كل الأخلاق والأعراف عدا العبادات والتشريعات الإسلامية لأنه تربَّى في بيت أخواله الكلبيين من النصارى مع أمه ميسون النصرانية، فأرسل إلى والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان يأمره بأخذ البيعة من أهلها، وكتب له رسالة كأذن فأرة قال فيها: (أما بعد، فخذ حسيناً وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتى يبايعوا؛ والسلام)
قال الطبري: (فلما أتاه نعي معاوية فظع به، وكبر عليه، فبعث إلى مروان بن الحكم فدعاه إليه… واستشاره الوليد في الأمر وقال: كيف ترى أن نصنع؟ قال: فإني أرى أن تبعث إلى هؤلاء النفر فتدعوهم إلى البيعة والدخول في الطاعة، فإن فعلوا قبلت منهم، وكففت عنهم، وإن أبوا قدمتهم فضربت أعناقهم قبل أن يعلموا بموت معاوية..)
تأمل بهذا المنطق الرَّزل من الوزغ الملعون كيف يأمر بضرب أعناق هؤلاء الرجال وهم أعيان المجتمع المدني في ذلك الحين، دون تأثم أو تحرُّج وكأنهم عبيد عندهم، أو أسرى لديهم..
فبعث الوليد عبد الله بن عمرو بن عثمان إليهم فوجدهم في المسجد، فقال لهم: الأمير يدعوكم فسيروا إليه.
فقال الحسين (ع): (نفعل الله ذلك إذا نحن فرغنا من مجلسنا إن شاء الله).
فأقبل عبد الله بن الزبير على الحسين بن علي (ع)، وقال: (ظن فيما تراه بعثَ إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها!)
فقال له الحسين (ع): (إذاً أُخبرك أبا بكر؛ إني أظن بأن معاوية قد مات، وذلك أني رأيتُ البارحة في منامي كأن منبر معاوية منكوساً، ورأيتُ داره تشتعل ناراً، فأوَّلتُ ذلك في نفسي أنه مات).
ولدى ابن نما، قال(ع): (أظن أن طاغيتهم هلك، رأيتُ البارحة أن منبر معاوية منكوس، وداره تشتعل بالنيران).
وفي أبي مخنف إنه (ع)، قال: (قد ظننت أن طاغيتهم قد هلك، فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشوا في الناس الخبر).
نعم؛ سيدي ومولاي وإمامي الطاغية هلك وذهب إلى الجحيم، ولكن اعتلى دست الحكم ولده الخبيث الشرير مهارش الكلاب والفهود، وملاعب القرود، شارب الخمر وقاتل النفس المحرَّمة الأموي طينة، والنصراني تربية، ليكون خليفة وملكاً على أمتك وأمة جدِّك رسول الله(ص) بغياً وظلماً عليها عامَّةً وعليك خاصَّة لأنك صاحب الملك وخليفة جدك وإمام أمته المرحومة بكم..
وستبقى هذه الأمة منكوسة الحظ يتلاقفها ويتلاعب بها أمثال يزيد إلى تُرجع الحق إلى أهله، والحق إلى أصحابه، وإلا فمازالت تذهب سفالاً، وتتهاوى في مهاوي الضلال جيلاً بعد جيل، كما نرى بأم العين في هذا العصر الأغبر الذي صار فيه الصهاينة، وأبناء قينقاع حكاماً على الحجاز ويطمحون إلى بسط أيديهم القذرة على كل بلاد المسلمين وإعادة سُنَّة معاوية وحلمه بدفن الإسلام وقتل المسلمين..
ولكن الإمام الحسين(ع) سيد الشهداء هو المنقذ دائماً وأبداً، فتمسكوا به أيها الأعزاء جهدكم وطاقتكم وأحيوا أيامه ولياليه بالشعائر الحسينية المباركة بما ترهبون به عدو الله وأعداءكم المتربصين بكم وبشعائركم شراً كقطعان الصهيووهابية التكفيرية المجرمة.

الحسين كريمو

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى