الإضاءة على خطورة الأنانية في كلمات الإمام الخميني (قدس سره)
يقول الإمام الخمينيّ (قدس سره): “إنّ كلّ ما يصيب الإنسان والمجتمع من البلايا، إنّما هو بسبب المستكبرين، الّذين يدفعهم إلى ذلك هوى النفس والأنانيّة”[1].
ويقول أيضاً: “حبُّ النفس منشأ كلّ المفاسد الّتي ظهرت في البشريّة، منذ نشأتها وإلى يومنا هذا، بل وإنّها المنشأ فيما سيُصيبها إلى آخر وجودها”[2] .
يبدأ الفساد في داخل النفس الإنسانيّة حيث إنّها أرض يمكنها أن تكون مهيّأة لتقبّل الفساد، بل وتكون أرضاً خصبة له ينمو في أحضانها. فالنفس الإنسانيّة هي الدنيا الّتي توصف بالفساد وغيره ومنها تنطلق باقي الأمور، لذلك اهتمّ الإسلام بهذه النفس واعتبرها معياراً لتمييز الصالح من الفاسد، “إنّما الأعمال بالنيّات”، وقد اهتمّ بهذه النفس فأرسل الله تعالى الرسل لتزكيتها وحمّلهم الكتب السماويّة، ومن هنا فتربية النفس هي من أهمّ عوامل الصلاح، فعلينا أن لا نغفل عن الجانب التربويّ ونحن نتكلّم عن الصلاح والفساد.
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: “جميع الاختلافات القائمة بين البشر هي بسبب عدم التزكية، وغاية البعثة أن تُزكّي الناس حتّى يتعلّموا بواسطة التزكية الحكمة، ويتعلّموا القرآن والكتاب، ولا يحدث الطغيان فيما لو تمّت التزكيّة. إنّ من يُصاب بالغرور لا يرى نفسه فانياً أبداً ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى﴾[3]، فعندما يرى الإنسان نفسه ويرى لنفسه مقاماً ويرى لنفسه عظمة، فإنّ هذه الأنانيّة ورؤية النفس تكون سبباً للطغيان. وإنّ أساس كلّ هذا الاختلاف الموجود بين البشر، والاختلاف الحاصل بينهم حول الدنيا يعود إلى الطغيان الموجود في النفوس، وهذه مصيبة مبتلى بها الإنسان، مبتلى بنفسه وبأهوائه النفسانيّة”[4].
وهكذا كلّما ازدادت أمراض الإنسان النفسانيّة صار أكثر فساداً، وكلّما ركن لهذه الأمراض واتّبع الأهواء المضلّة كلّما فتح أبواباً للمعاصي، وهذا ما حذّر منه الإمام الخمينيّ قدس سره في العديد من كلماته: “المِلاك في الابتعاد عن الحقّ هو اتّباع الهوى”[5].
“لنحذر الأهواء النفسانيّة، فإنّها ميراث الشيطان”[6].
لماذا يتّبع الإنسان أهواء النفس وكيف يتخلّص منها؟
الأساس في هذه الأمور الأنانيّة، فالأنانيّة هي السبب الرئيس لكلّ آفّات النفس، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: “كلّ المفاسد الموجودة في العالم تعود إلى الأنانيّة”[7].
ويقول أيضاً: “ما دام الإنسان لا يرى سوى نفسه فإنّه لن يتمكّن من العثور على طريق الهداية”[8].
فطريق الهداية الأساس هو أن يبتعد الإنسان عن أنانيّته ليغرق ويذوب في المجتمع ومصالحه وفي الإسلام وأحكامه.
والتجربة الّتي ينقلها لنا القرآن الكريم في قصّة إبليس تؤكّد ذلك، فإنّ أساس الفساد الّذي وقع فيه بعد أن كان طاووس الملائكة هو وقوعه في الغرور والعجب وحبّ النفس، فعندما ظهرت فيه هذه المشكلة تبعتها كلّ المفاسد الأخرى العظيمة، الّتي وقع فيها وأغرى أتباعه بها. وإلى ذلك يشير الإمام الخمينيّ قدس سره في قوله: “الغرور والعجب إرث الشيطان”.
إصلاح المجتمع، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 95.
[2] م. ن.
[3] سورة العلق، الآيتان: 6-7.
[4] منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 225.
[5] الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 95.
[6] م. ن.
[7] م. ن، ص 100.
[8] م. ن.