الإمام الحسين عليه السلام والصبر
في كربلاء الملحمة كان الصبر مشهودًا في القول والعمل لدى سيد الشهداء وأهل بيته وأنصاره الصابرين الأوفياء. تذكر كتب التاريخ أنه عليه السلام لما أراد الخروج من مكة إلى العراق ألقى خطبة قال فيها: “رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين” (أعيان الشيعة593:1) ، وخاطب أصحابه في أحد المنازل على طريق العراق ليلفت أنظارهم إلى خطورة الموقف وصعوبة ما هم مقبلين عليه فقال: “أيها الناس، من كان منكم يصبر على حد السيف وطعن الأسنّة فليقم معنا، وإلاّ فلينصرف عنّا”(ينابيع المودّة:406)،
ولكم يثبت من أصحابه عليه السلام إلّا من كان صابرًا ووطن نفسه على لقاء الله مع الصبر وتحمّل شدّة العطش، وهجوم العدو، والثبات حتى الشهادة مع قلّة الناصر، بل كانوا في غاية الفرح والسرور، حتى أن بعضهم كان يمزح في تلك الساعة ويقول: إنّي والله مستبشر بما نحن لاقون.
هكذا علّمهم الحسين أنّ الصبر جسر للعبور إلى الجنّة، فهو يقول لهم: “صبراً بني الكرام، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم” (نفس المهموم:135)، وعلّم درس الصبر حتى لأهل بيته وعياله، ودعاهم إلى الصبر والتحمل قائلاً: “انظروا إذا أنا قتلت فلا تشقّن عليَّ جيبًا ولا تخمشن وجهاً” (اللهوف:81)، وتحمّلت أخته زينب ثقل هذه المسؤولية. وحتى الكلمات الأخيرة التي تلفظ بها سيد الشهداء حين سقط على الأرض إنمّا تعكس هذه الروح من الصبر والصمود، إذ قال: “صبراً على قضائك” (مقتل الحسين للمقرم:357)