الامام المهدي بدلالة القرآن والسنة
ان القضية المهدوية او “المخلص العالمي ” هي قضية متفق عليها عند اصحاب الاديان السماوية وبعض الديانات الوثنية على سبيل المثال لا الحصر البوذية والجينية ولذلك نجد تجسيد هذه الفكرة (المنقذ اوالمخلص) في دياناتهم، الا ان هذه القضية حازت على ابحاث ودراسات بمختلف الطرق والاوجه، وامتاز المذهب الشيعي بأبحاثه في تحديد هذه الشخصية المنتظرة ببحوث كانت الاقرب من الواقع والادق في السرد التاريخي والادلة القرآنية والروائية.
جاء في معتقدات المذهب الشيعي الاثنى عشري في الاصل الثالث من اصول الدين وهو الامامة ويقصد بها: الاعتقاد بأنّ الله تعالى لمحلّ لطفه وعنايته بشأن المسلمين بعد قبض نبيّه(صلّى الله عليه وآله) لا بدّ أن ينصّب لهم نائباً عنه يقوم مقامه في تطبيق أحكام الشريعة، وأنّ هذا النائب هو: الإمام عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وأولاده المعصومين(عليهم السلام)، وأنّ الذي ينكر إمامة أحدهم ليس مؤمناً، وإن كان محكوماً بالإسلام إذا تشهّد الشهادتين.
واخر الائمة (عليهم السلام) هو الامام محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السَّلام ) وهو الامام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه). ويمكن أن نستدل على إمامة الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) بروايات متواترة من الفريقين، وسواء كان غائباً أم حاضراً فلا يؤثر ذلك في صحة الإستدلال على إمامته .و مّمن صرّح بتواتر أحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف مجموعة كبيره من كبار علماء اهل السنة، ومنهم على على سبيل المثال لا الحصر : البربهاري ، شيخ الحنابلة و كبيرهم في عصره (ت329هـ)، والشيخ محمد بن الحسين الآبري الشافعي (ت363هـ) ، الشيخ القرطبي المالكي (ت671هـ)، ابن القيم (ت751هـ)، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ).، ابن حجر الهيتمي (ت974هـ)، المتقي الهندي (ت975هـ) مؤلف (كنـز العمال).وقد صرّح آخرون – من أهل السنّة – بوجوده و بقائه وحياته ( أو قريب من ذلك ) ومنهم:
- الشيخ عبد الوّهاب الشعراني في كتاب (اليواقيت والجواهر على ما في إسعاف الراغبين)، حيث قال: ((المهدي ابن الامام الحسن العسكري ، ومولده النصف من شعبان سنة 255 وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم)).
- الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) على ما نقله عنه في (إسعاف الراغبين) .
- الشيخ سعد الدين الحموي على ما في (ينابيع المودة).
- الشيخ المحدث ابن حجر العسقلاني صاحب كتاب (فتح الباري في شرح البخاري) في كتابه (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) على ما في (الفتوحات الاسلامية) ، قال : يتعين اعتقاد ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة في (وجود) المهدي المنتظر ، و هو الذي يخرج الدجال و ينـزل عيسى (عليه السلام) في زمنه
وهناك أدلة من القرآن الكريم و روايات متواترة أيضاً من طرقنا كلها تثبت إمامة المهدي الحجة بن الحسن (عجل الله تعالى فرجه). واما ما جاء في القران الكريم في خصوص اثبات وجود ووجوب ظهور الامام المهدي المنتظر :
أولاَ :- قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}(1) قال الشيخ الطبرسي رحمه الله تعالى في تفسير الآية: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} قال أبو جعفر عليه السلام: هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان. ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما قد ملئت ظلماً وجوراً(2).
ثانياَ :- قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(3) وروى الشيخ الصدوق: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، فقال: والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام، فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر بالله العظيم، ولا مشرك بالإمام إلا كره خروجه حتى لو كان هناك كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله(4)
ثالثاَ :- قوله تعالى: {وَعَدَ الله الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}(5). روى فرات الكوفي: عن السدي، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} إلى آخر الآية، قال: نزلت في آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم(6).
رابعا: قوله تعالى:{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأْمْرِ مِنْكُمْ}(7)
عن ابن بابويه قال: حدثنا غير واحدٍ من اصحابنا قالوا: حدثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن[الفرازي قال حدثنا] الحسن بن محمد بن سماعة، عن احمد بن الحـ[ـا] رث [قال حدثني] المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما انزل الله عز وجل على نبيّه محمد (صلى الله عليه وآله): ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأْمْرِ مِنْكُمْ))، قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن اولوا الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال (عليه الصلاة والسلام): هم خلفائي ياجابر وأئمة المسلمين[من بعدي] اوّلهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، ستدركه ياجابر فاذا لقيته فاقرئه منِّي السلام ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميي وكنيّي حجة الله في ارضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي. ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره[به] مشارق الأرض [ومغاربها على يديه]، ذاك الذي يغيب عن شيعته واوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته الاّ من امتحن الله قلبه للإيمان.
قال جابر: فقلت[له] يا رسول الله فهل يقع لشيعة الانتفاع به في غيبته؟ فقال (عليه الصلاة والسلام): اي والذي بعثني بالنبوة، انهم يستضيئون بنوره، وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان تجلّلها سحاب، يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علمه فاكتمه الا من أهله(8) المحجة فيما نزل في القائم الحجة عليه السلام للمحدث الجليل والعالم النبيل السيد هاشم البحراني رحمه الله.
خامسا: قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً}(9).
عن علي بن ابراهيم: قال حدثني ابي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري، عن ابي حمزة، عن شهر بن حوشب قال لي الحجاج(يا شهر)(10) آية في كتاب الله قد اعيتني، فقلت: ايها الأمير أيّة آيةٍ هي؟ فقال: قوله: ((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)) والله اني لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه، قم ارمقه بعيني فما اراه يحرك شفتيه حتى يخمد فقلت: اصلح الله الأمير ليس على ما [تـ] اوّلت، قال: كيف هو؟
قلت: ان عيسى ينزل قبل يوم القيامة الى الدنيا فلا يبقى اهل ملة يهودي ولا غيره[نصراني] الاّ آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي.قال: ويحك.. أنى لك هذا ومن اين جئت[به]؟ فقلت: حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام. فقال: جئت بها والله من عين صافية(11)
وجاء ايضا في مثل هذا المضمون في كثير من الآيات القرآنية الكريمة المفسَّرة في الاحاديث الشريفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)_ سورة الأنبياء، الآية: ٥.
(2)_ تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ٧/ ١٢٠.
(3)_ سورة التوبة، الآية: ٣٣.
(4)_ كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق: ٦٧٠ ح١٦، تفسير فرات الكوفي: ٤٨١ – ٤٨٢ ح٣.
(5)_ سورة النور، الآية: ٥٥.
(6)– تفسير فرات الكوفي: ٢٨٨ – ٢٨٩ ح٣ وح٦.
النساء الاية ٥٩ –(7)
(8)- وجلّل الشيء: غطّاه، ومنه جلّل المطر الأرض.
(9)-النساء الاية ١٥٩.
(10)- ليس في المصدر، ((وفيه بأنّ)).
(11)- تفسير القمي -ج١ ص ١٥٨.