الحب المنقذ
دَعُونا نلتقي ـ أيّها الأصدقاء ـ نلتقي في هذه اللحظات.. مع الحبّ. والحبّ ـ وهو أرقى عاطفة بشرية ـ يزداد رُقيّاً وسُمُوّاً إذا كان موضوعه عُلوياً مقدساً. وإذَن.. فما درجةُ هذا الحبّ حين يكون حبّاً لله ولأولياء الله ؟
إنّ حبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله هو من حبّ الله. ومن هنا كان حبُّه من ضرورات الإيمان، وكان بغضه من علامات النفاق والكفر.
وهو نفسُه صلّى الله عليه وآله دلَّنا على حبٍّ آخر.. هو في الحقيقة متوحدٌ به ومتواشج معه، بحيث لا يمكن الفصل بين الحبَّين.
قال صلّى الله عليه وآله: أدِّبوا أولادكم على حبّي وحبِّ أهل بيتي، والقرآن.
والقرآن العظيم نفسه فرض هذا الحبّ وحتّمه: قُل لا اسألكم عليه أجراً إلاّ المودّةَ في القُربى . وقُربى النبيّ صلّى الله عليه وآله هم أهل بيته الذين جمعهم تحت الكساء، في الحديث المشهور.
* * *
من أجل أن نتعرّف على آفاق لهذا الحبّ القدسيّ.. نتطلّع إلى النطق النبويّ الشريف ونطق أهل بيته الطاهرين في هذا الاتّجاه.
هذا رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول لنا ـ كما في كنز العمّال ـ إنّ هذا الحبّ هو أساس الدين الذي بدونه لا تقوم لدين الله قائمة. يقول صلّى الله عليه وآله: أساس الإسلام حبّي وحبُّ أهل بيتي.
وفي نطقٍ نبويّ آخر: لكلّ شيء أساس، وأساس الإسلام حبُّنا أهلَ البيت.
وكما يكون حبّ النبيّ من حبّ الله، يكون حبّ أهل البيت كذلك. قال أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: أنا سيّد ولد آدم، وأنت يا عليّ والأئمّة من بعدك سادةُ أمّتي؛ مَن أحبَّنا فقد أحبّ الله، ومن أبغضنا فقد أبغض الله، ومن والانا فقد والى الله، ومن عادانا فقد عادى الله، ومن أطاعنا فقد أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله.
وإنها لَهِبَةٌ من الله محبّةُ أهل البيت.. تتنزّل في القلوب الطاهرة؛ لأنّ المحبة تتجانس والطهر. وما أروعَ ما دَلّنا عليه الإمام الصادق عليه السّلام في هذا السياق بقوله: إنّ حبَّنا أهلَ البيت ينزّله الله من السماء من خزائنَ تحت العرش كخزائن الذهب والفضّة، ولا يُنزله إلاّ بقَدَر، ولا يُعطيه إلاّ خيرَ الخلق.
وهذا الحبّ المُقَرِّبُ إلى الله تعالى يقول عنه رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ كما جاء في ينابيع المودّة ـ: حبُّ آل محمدٍ يوماً خيرٌ من عبادةِ سنة، ومن مات عليه دخل الجنّة.