الدعاء سلاح المؤمن
فعن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال : (الدعاء سلاح المؤمن) (1) .
ولذا كان الأنبياء (عليهم السلام) يستعملون هذا السلاح مقابل أقوامهم الذين كانوا يلجون بتكذيبهم والسخرية منهم ، وإعراضهم عن الإيمان بالله ورسوله ، وتهديدهم والتضييق عليهم ، والتآمر على قتلهم .
فهذا نوح (عليه السلام) – كما تقدم- شكى قومه الذين أصروا على الكفر بعد أن كان دعاهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فاستجيب له دعاؤه ، قال تعالى :
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا} [نوح: 25] .
وهذا موسى وهارون (عليهما السلام) ، قد شكيا الى الله فرعون وملأه بعد أن أصروا على الكفر والعناد والعتو ، وأعرضوا عن كل آيات الله . قال تعالى :
{وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } [يونس: 88].
فاستجاب الله دعاءهما :
{قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89] .
ومن المعروف في السيرة النبوية الشريفة ، أن النبي (صلى الله عليه واله) قد استعمل الدعاء كسلاح يوم بدر ، فقام في الخيمة التي نصبت له يدعو ربه : (اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك . . . اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تُعبد في الأرض ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ، اللهم أحنهم الغداة) (2) .
فاستجاب الله له ، وأنزل الملائكة ببدر بشرى للمؤمنين وطمأنه لقلوبهم ، وانتصر المسلمون في تلك المعركة نصراً مؤزراً من عند الله ، وأثخنوا المشركين وقتلوا صناديدهم وغنموا أموالهم ، وأخذوا منهم الأسرى يرسفون في قيودهم ، وأنجز الله وعده وأعز جنده .
__________________________
(1) بحار الأنوار م . س ، 93/ 288 .
(2) راجع السيرة النبوية ، لابن هشام ، 2/273 و279 . وأحنهم : أي أهلكهم .