مقالات

الدكتور أحمد راسم النفيس يكتب..زراعة الكراهية وصناعة الحرائق وحصاد الدم!!

ليس صحيحا أن الإرهاب الذي يمارسه الغرب ضد المسلمين هو مجرد ردة فعل على الإرهاب الوهابي مثلما حدث في نيوزيلند قبل بضعة أيام.

الغرب الصليبي وليس المسيحي أستاذ هذا النوع من الإجرام وإلا فليفسر لنا أحدهم لماذا سفك الغربيون دماء عشرات الملايين في الحربين العالمية الأولى والثانية ولماذا قامت أمريكا بقصف اليابان بالسلاح النووي مرتين رغم هزيمتها فعليا في الحرب.

من الضروري أيضا أن نفرق بين المسيحية الغربية والشرقية وأن نوضح أن الثانية تحت زعامة الإمبراطورية البيزنطية ورغم دخولها في صراعات دموية مريرة مع المسلمين في القرنين الثالث والرابع الهجري وبعد هزيمتها في معركة أفامية على يد الجيش المصري الذي قاده الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله قد ثابت إلى رشدها ودخلت معها في علاقات سلام استراتيجية مستقرة دامت عدة قرون حتى قام السلاجقة بالقضاء عليها والاستيلاء على إقليم الأناضول (تركيا الآن) وهو ما سهل للصليبية الغربية وفتح لها الطريق للهيمنة على العالم الإسلامي حتى الآن.

كل قرأ فاجعة نيوزيلند الإرهابي حسب هواه وما زال الكل يغني على ليلاه.

البعض حمل العالم الإسلامي مسئولية ما جرى بسبب الإرهاب والبعض الآخر رأى في تلك الفاجعة فرصة لاتهام الغرب بأن هذا الإرهاب صناعة غربية خالصة ونحن (ياولداه) مجرد ضحايا لهؤلاء وهؤلاء!!.

العالم الإسلامي يزعم أنه يحارب الإرهاب المحلي رغم أنه يكاد أن يكون بلا موقف من الإرهاب الوهابي المدعوم من كثير من حكوماته بل على العكس يربت على ظهر جناحه الفكري ويلبي طلباته ويعتبرها أوامر راجيا منه أن يقصر استخدام سلاحه على الأعداء المشتركين في سوريا والعراق وإيران واليمن وخير شاهد على هذا أن داعش والقاعدة يقاتلان جنبا إلى جنب مع (التحالف العربي) في اليمن ضد نفس العدو المشترك!!.

العالم الإسلامي أدان جماعات الإرهاب الوهابي بتهمة التطرف لا بسبب اعتناق فكر تكفيري ولم يقم بتفنيد هذه المنظومة وتفكيك مرتكزاتها أو سهل لمن قاموا بهذا مهمتهم أو أعانهم على دورهم والعكس هو الصحيح.

ما زال النظام العربي يستخدم ويوظف سلاح الكراهية المشئوم المبني على تكفير فريق من المسلمين ويرى في ذلك مصلحة له ويتبنى نفس النظرية التي يؤمن بها التكفيريون عن العدو القريب والعدو البعيد ولم تكن المساندة التي أبداها بعض هذه النظم ضد الإرهاب الوهابي إلا بهدف إبعاده عن حدودها لا لرغبة جازمة في القضاء على هذا الفكر وإنهاء وجوده إلى الأبد.

المعنى أن أجواء الكراهية وما أشعلته من حرائق وحصادها المر من خراب ودمار ما تزال تحت الرماد ويمكن لها أن تفجر مزيدا من الكوارث هنا أو هناك ولن يفيدنا في شيء انتهاز فرصة فاجعة مسجد نيوزيلند لإلقاء العبء على الغرب والتخلص من الواجب الملقى على أعناقنا والذي لا يمكن الفرار منه أو التملص من القيام به طال الوقت أم قصر!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏18‏/03‏/2019

‏الإثنين‏، 12‏ رجب‏، 1440

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى