الزي والثقافة
من الظواهر التي رافقت البشرية منذ نشؤها وبقت معها على طول وجودها هي ظاهرة اللباس فلا نجد مجتمعاً بشرياً مهما أوغلنا في الماضي أو اتجهنا في أية بقعة من بقاع الأرض نعم بعد الاتفاق على أصل المسألة
هناك اختلاف بالتفاصيل فترى لكل قوم لباس خاص بهم بل يتعدى التنوع والاختلاف إلى المجتمع الواحد فتختلف زي ساكن المدينة عن زي ساكن القرية ويختلف زي الرجل عن زي المرآة وزيهما
يختلف عن زي الأطفال وفي كل هذه الأنواع يبقى اللباس يلبي أهداف مهمة جدا وهي أولا ستر عورة الإنسان مما يساعد على الحفاظ على الحشمة والعفاف وبهذا يختلف الإنسان العاقل عن الحيوان غير العاقل ومهمة ثانية هي وقاية الانسان من البرد والحر وغير ذلك ومهمة ثالثة هي الزينة والجمال وإلى هذه المهام الثلاث أشار قوله تعالى (يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) . وفي أخر الآية أنتفال من لباس الظاهر الذي يغطي عورة الإنسان إلى التقوى وهو لباس الباطن الذي يغطي عورات المعاصي كبيرها وصغيرها ولذلك نجد التشريع الإسلامي قد أولى غاية فائقة باللباس وما هي حدود ما يغطى من جسم الرجل أو المرأة وما هو الحد المسموح به أن يخرج للناظر والاختلاف بين ناظر وأخر وغير ذلك من الأحكام الشرعية التي تختص باللباس فالالتزام بها يعبر بالتأكيد عن شدة تمسك صاحبه بالإسلام ويعبر عن هوية صاحب اللباس فأن نوع اللباس يعبر عن ثقافة صاحبه ونعني بالثقافة الرؤية العامة الشاملة التي ينظر بها الإنسان إلى العالم والإنسان والمجتمع وهذه الرؤية واسعة وممتدة تستوعب كل القيم الفردية والاجتماعية ولا شك أن لهذه الرؤية مدخلية كبيرة في أشكال وصور وأنواع وميادين مختلفة كالصناعة والاقتصاد والهندسة والفن والعمارة ومن تلك الميادين ميدان الأزياء فالاختلاف فيها نابع من اختلاف منشئها فمن لا يملك رؤية كونية (اعتقاد) يميل إلى هواه أو مجتمعه أو تقليد أعمى الخ أما من يملك الاعتقاد ويفعل ويترك وفقا له فعليه أن يلتزم بما يميله اعتقاده وإلا أصبح هو وغير المعتقد في صف واحد ولهم حكم واحد تقريبا ومن المؤسف جدا أن صاحب رؤية كونيه صحيحة وسليمة يترك ما تميله عليه عقيدته ليقلد ما جاء عن الأغيار وخاصة إذا كانوا على غير عقيدته وأكثر من ذلك أنهم أعداء عقيدته وهذا ما نلاحظه وللأسف وبصورة كبيرة في الأسواق والطرقات والمدارس والجامعات وفي كل الأماكن العامة أن هناك من يضيع هويته الإسلامية من خلال اختياره لنوع اللباس الذي يخرج به إلى الناس أو الذي يلبسه وعليه أن يحتفظ بهذه الهوية في الزي وفي غيره بل عليه أو يعتز ويفتخر بهذه الهوية ويدعو الناس إليها بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن