الغرقد الأظمى
إلى أئمة البقيع (عليهم السلام)
من مهجعِ النايِ ضاقَ اللحنُ وانتظرا *** غنّى اللهيـبَ فســــــاقتهُ السّما قدَرا
غنّى اللهيـــــــــبَ ولا في دربهِ أفلتْ *** أرومةُ الشعرِ كيــمــــا يوقد الشجرا
غنّى وأســـــــــرفَ في تلوينِ هاجسِهِ *** بحشرجاتِ النـــــوى والآهِ والفـقرا
فاصّــــــــاعدتْ مـنه أشواقٌ يُسامرُها *** غيـــبٌ حزيـــنٌ عــلى آفاقِها انتثرا
كما الصلاةُ, كــما حُبي, كمــــا ولهي *** كما الندى لو على أشـواكهِ انتصرا
كما الرفيـــــــــفُ يفورُ الوجدُ من يدهِ *** ليكتبَ الليـــلَ عمراً يستفيضُ قُـرى
ليكتبَ الضـــــــــــــوءَ مرثياتِ سادنهِ *** أهدى إليَّ نــــــواهُ وامتطى السّهرا
أنا وحزنيَ قنديـــــــــــــــــلانِ تسكننا *** حمــــــــــــــائمٌ يثربيّاتٌ لهنّ ذرى
قد جئنَ في حـــــــــالةِ الرّمَّالِ يوجِعُهُ *** حالُ البقيــــــعِ وسورٌ ألهبَ النظرا
يزجي حنيـــــــــــــــناً أمدَّ الله رونقـَهُ *** فليسَ فيه ســــوى عينٍ غدتْ مطرا
والقبرُ عرشٌ ألــــــــــــــوهيٌّ مناهلُهُ *** بطنُ السمــاواتِ من أعماقِها انهمرا
سكنتُهُ بتبــــــــــــاريحي وشجوِ فمي *** زيـــــــارةً ضجَّ فيها الدمعُ واستعرا
أنا استطبــــــتُ حنيني فاستقى بدمي *** فجئــتُ أنزفُ كلّي في لظى الشـعرا
جئتُ البقيــــــعَ أناجي ما انحنى ألماً *** تقدّسَ الحزنُ في روحي هوى عَطِرا
جئتُ البقيــــــعَ وأورادي على لغتي *** ثكلى بنبـــــضي تصلي القبرَ والأثرا
شُدْ أيّــــــها الرملُ ظلاً وانتشق ألماً *** وزَمْزِمِ الأمـــــــــــلَ الآتـي بنا سِورا
أوّاهُ يا الغــــــرقدُ الأظمى ويا وطناً *** ألقى مواويــــــــــــله إذ لـحنهُ انكسرا
شواطئُ الغيـــــمِ ألقتْ حزنَ عالمِها *** وراوحتْ كحَمَــــامٍ القبرِ حــينَ سرى
فما الذي أيقظَ الترتيــــــــلَ في غدِهِ *** غداةَ أسكــــــــــــــنَهُ شجواً بــنا عبرا
وما الذي أيتــــــــــمَ الآمالَ فانتبذتْ *** وادٍ مســــــــــاءاتـُهُ ساقتْ لنا الخبــرا
تهدّمت نبــــرةُ الأشياءِ واحتضرت *** سواقيُ النورِ مُــــذ في تـربهِ احتضـرا
مذ القبــــــــورُ تهاوتْ واختفى أثرٌ *** من بعد عينٍ ثريّا أُنــــــــزلتْ لثرى..!
أمل الفرج