المقصود من الارض؟
قال تعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } [الطلاق : 12] .
فما من سماء من السماوات السبع الا ولها ارض . وهذه الارض لها ظروف مادية ومناخية شبيهة بظروف كرتنا الارضية . فما يمنع ان يكون فيها خلق بشري على شاكلتنا ؟ !.
وجهة اخرى ان لفظة (الارض) تطلق فقط على الكوكب المسكون الذي فيه النبات والحيوان والانسان ، فالأرض سميت كذلك لان الانسان اصلحها ورعاها لتصبح مؤهلة لحياته ، ولأن النبات مدّ جذوره فيها واستقر . ولو كان معنى الارض غير ذلك فلماذا قال : سبع اراضين ، مع ان المجموعة الشمسية تحوي الاف الكواكب الباردة غير الملتهبة ، ومع ذلك فهي لا تسمى ( ارضاً).
وسواء نظرنا الى الامر من وجهة نظر دينية ، او من وجهة مادية ، نجد ان اصحاب النظرتين لا ينفيان احتمال وجود مخلوقات في السماوات .
فأما الماديون الذين انكروا وجود الصانع وقدرته ، وقالوا بنظرية الاصطفاء الذاتي ، متمسكين بقواعد الاحتمال وتطبيقها على ملايين السنين ، فكما انه جائز عندهم تشكل الانسان على هذه الارض فانه يجوز ذلك عندهم في اية ظروف مشابهة.
واما من خلال الادلة الدينية ، فالدين الاسلامي لا ينكر وجود كائنات عاقلة في السماء ، بل يقرر ذلك . وسوف نذكر بعض الاحاديث في هذا الخصوص .
الاحاديث النبوية تؤيد الفكرة :
وف تفسير قوله تعالى : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } [الطلاق : 12].
قال الطبري : وخلق من الارض مثلهن ، لما في كل ارض منهن مثل ما في السماوات من الخلق .
وقال ابن عباس في تفسير الاية : في كل ارض مثل ابراهيم.
وقال قتادة : خلق سبع سماوات وسبع اراضين ، وفي كل سماء من سمائه وارض من ارضه ، خلقٌ من خلقه ، وامرٌ من امره ، وقضاءٌ من قضائه (1).
الادلة القرانية :
ليس هنالك دلالة حرفية في القران على وجود مخلوقات بشرية او غير بشرية في السماوات . ولكن القران ترك المجال مفتوحاً للقول بوجود كائنات حية في السماوات .
وسوف نعتمد بشكل اساسي في بحثنا على اية من سورة النمل ، واخرى من سورة الشورى ، وعلى ايتين من سورة النحل ، واخرى من سورة الرعد .
يقول الله تعالى : {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل : 25].
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ } [الشورى : 29].
{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [النحل : 48 ، 49].
{ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الرعد : 15].
وهذه الايات تدل على وجود النبات والحيوان والانسان في السماوات والكون.
__________________
- 1- اضواء من القران لعبد الغني الخطيب ، طبع 1970، ص24.