تأويل نبوءة العشب
السنينُ التي مرّتْ والتي ستأتي هي عشبُكَ الأخضرُ…أربعةَ عشرَ قرناً والعالمُ لا زالَ يقتبسُ نورَكَ ويستسقي غمامَكَ…يا وليَّ الله وسيد الأوصياء.
الموجُ باسْمِكَ حِينَ سَافَرَ يَشْهَقُ *** أَمُبَلَّـلٌ بِسَمَاءِ وَجْهِكَ يَغْرَقُ؟!!
وَأَتَى فِـقَـارَكَ فـي أَكـفِّـهِ نَـسْـمَةٌ *** وَعَلَـى شِفَاهِ المَاءِ وَرْدٌ يُورِقُ
يا أَنتَ في الشّهَقَاتِ حُلْمُ حَضَارةٍ * عِشْبٌ نَبِيُّ اللوْنِ، فَيْضٌ مُطْلَقُ
فَنَسَجْتَ من حِبْرِ اغْتِرَابِكَ مَوْطِناً * لا زَالَ يَمْـطِرُهُ الحَنِينُ وَيَعْشَقُ
يَأْوِي إِلـيـكَ الـحَـالِمُونَ قُلُـوبُهُمْ *** نَـبْـضٌ سَمَاوِيُّ الـرّحِيقِ مُعَتَّقُ
فَضَفَرْتَ لِـلْـمُـدنِ البَعِيدَةِ أَنْهُرَاً *** وَلِـنَـاسِـهَـا فَــجْرَاً بِحُبِّكَ يَشْرِقُ
وَبَذَرْتَ وَحْـيَـكَ في الجّهَاتِ مَنَائِرَاً *** لِمَدِيْنَةٍ فِيـهَا وَلَاؤُكَ زَوْرَقُ
أَسْمَاءُ كُوفَـتِـكَ انْتِظَارٌ أَخْضَرٌ *** بِحُرُوفِكَ السّمْرَاءِ كَـمْ تَتَعَلَّقُ؟!!
أَلْحَانُهَا وَجَـعُ المَآذِنِ، سَافَرَتْ *** بِـسَـمَـائِـهَـا…فَـكَأَنَّـها لَكَ بَيْـرَقُ
وَبيُوتُهَا شَـمْـعُ الـحِكَايَةِ رَتَّلَتْ *** بَـوْحَـاً لِـقَـلْـبِـكَ لَا يَـزَالُ يُمَـزِّقُ
إِذْ جِئْتَهَا وَصِيَامُ دَمْعِكَ هَامِسٌ *** وَنَـهَـارُ أَعْـيُـنِـهِـمْ إِلَـيكَ يُــحَدِّقُ
في الأُفْقِ كُنْتَ مَدَارَهُمْ فَتَبَشَّرُوا * كَانُوا انْتِظَارَ الأُمْنِيَاتِ فَصَـدَّقُـوا
بَيْتَاً مَنَ الْدِفْءِ ارْتَوَتْكَ دُرُوبُهُمْ عَـذْرَاءَ مِنْ مَعْنَى خُطَاكَ تُـزَقْـزِقُ
لَا زَالَ ظِلُّـكَ سَـاكِـنَاً أَرْوَاحَهُمْ *** وَيَـجُوسُهُمْ مَطَراً بِغَيْثِـكَ يُـوْدِقُ
أَوْدَعْتَ في صَمْتِ الصّلَاةِ بَهَائَهَا ** فَـإِذَا يَدُ التَسْبِيحِ بَابَــكَ تَطْرِقُ
لِتَضُوعَ فِي حِجْرِ الوِلَايَةِ طَاعَةً *** لِتَكُونَ أَوَّلَ مَـن أَتَــى يَـتَشَوَّقُ
إِذْ أَنْتَ مَعْنَى اللهِ هَدْيُ صِرَاطِهِ *** نُـورٌ بِـأَرْجَـاءِ الـمَـجَرَّةِ يَبْرِقُ
قُوْسُ انْـتِـمَاءِ اللهِ سُـرُّ جَـمَـالِـهِ *** وَطَـنُ السّمَاءِ وَبَابُهَا وَالمَشْرِقُ
مَـعْـنَى عَلِيٍّ أَنّ رُوَحَكَ (سِلْطَةٌ *** لِلْحَقِّ) حَـبْـلٌ بِـالـسّـمَـاءِ مُعَلَّقُ
وَرَسَمْـتَ مِـن مَعْـنَى الهَدِيلِ عُذُوبَةً *** نَبَوِيَّةَ الأَسْرَارِ نُورَاً تَعْبِقُ
أَوْجَزْتَ فِي لُغَةِ اليَقِينِ صَـبَـاحَـنَـا *** وَفَـتَـحْتَ بَابَاً لِلْعُلَى لَا يُغْلَقُ
كَمْ كُـنْـتَ فِي مُدُنِ الرَحِيقِ سُلَالَةً *** لِـلْـوَرْدِ مِـن أَفْـيَائِهَا نَسْتَنْشِقُ
قَالُوا: عَـلِـيٌّ، فـاشْـتَهَتْكَ سَـوَاحِلٌ *** فَـصَـدَاكَ شَـلَّالُ المُنَى يَتَدَفَّقُ
هَذَا نَـدَاكَ الـرّمْـلُ غَـيْـمُ قَـدَاسَـةٍ *** طُـرُقَـاتُـهُ الـبَيْضَاءُ مِنْكَ تُفَتَّقُ
لِيَلُوحَ فِي رَحْمِ السّحَـابِ مُبَارَكَاً *** فِـيـهِ صَـلَاةُ الـعَاكِفِينَ المَوْثِقُ
فَكَـأِنَّ كُـوفَتَكَ الـغَـرِيْـبَـةَ مَسْجِدٌ *** وَبِـهَـا زَمَـانُ العَارِفِينَ مُطَوَّقُ
مِن عَزْفِ دَمْعَتِكَ اسْتَفَاقَ نَهَارُهَا *** وَبَـرِيـدُ نَـجْـمَتِهَا بِلَيْلِكَ زِئْبَقُ
يَا مَـن عَلَى كَتِفِ الرِسَالَةِ تَرْجَمَتْ *** قَـدَمَاهُ أَمْرَاً لَا يُبَاحُ وَيُنْطَقُ
كَانَ المَدَى دَرْبَاً وَصَبْرُكَ رَايَةً * وَصَدَى فِقَارِكَ فِي الحَنَاجِرِ فَيْلَقُ
هَا أَنْتَ تَقْتَرِحُ الفُصُولَ مَـدَاِئَنَاً *** لِـنَـسِـيـحَ فِي سِـيمَائِهَا وَنُصَدِّقُ
أوْغَلْتَ فِي مَحْوِ الظَّلَامِ فَأَزْهَرَتْ *** أَيَّـامُ سَـيْـفِـكَ أُمْـنِيَاتٍ تُهْرَقُ
الصّدْقُ مِرآةُ احْتِـيَـاجِكَ قِـرْبَةٌ *** تَـرْوِي العَطَاشَى لِلْيَقِينِ وَتَغْدِقُ
نُورٌ تَـوَضَّـأَتِ الـشّـمُوسُ بِنَبْعِهِ *** أَضْحَتْ بِبُرْهَانِ الوِلَايَةِ تُوثَقُ
يَا أَكْمَلَ المَعْنَى المُصَانِ مِن الهَوَى ** هَبْنَا وُجُودَكَ حِيْنَمَا يَتَفَرّقُوا
يَا كَوْثَرَ الِأيمَـانِ صُـلْـبَ مَجَرَّةٍ *** إِذْ نَـحْـوَهَا أَهْلُ السّمَاءِ تَسَلَّقُوا
يَمَّمْتَ نَـحْـوَ اللهِ وَجْـهَ حَـقِـيـقَةٍ *** فَـرْدَاً سَـمَـاوِيَّ الرؤى لا يُسبقُ