مقالات

قصة قصيرة

🔳 🔳

قديما … وحديثا .. اعتلى عرش السلطة في بلاد المسلمين حاكم متجبر وظالم، وعندما بدأ في حكمه شرع بإصدار الأحكام الجائرة ونهب أموال الناس وظلمهم والتشريد بهم كي لا يبقى من يعترض عليه وعلى حكمه في تلك البلاد .. ليس خوفا وطمعا .. وإنما خوفا وخوفا ..

ولكن جماعة من أهل ذلك البلد لم يقبلوا بظلمه واعترضوا عليه بشتى الوسائل فما كان منه إلا أن عاملهم بأشد التنكيل .. ولكنه لاحظ بأن اعتراضاتهم ومنطقهم بدأ يشجع الناس على عدم السكوت أيضا، بل إنه كلما ازداد تعذيبه لهذه الجماعة كلما ازداد تعاطف الناس معها ..

وبدأ هذا الحاكم يشعر بالخطر وبتزلزل عرشه من حوله .. وهنا اتصل بشياطين الإنس والجن ليعينوه على محنته ويثبتوا له عرشه ..

وهنا ابتكر له الدهاة ما ابتكروا من المكر .. وقالوا له لا يكفي أن تشوه أجساد هؤلاء المعترضين بسياطك .. بل لا بدّ أن تشوه سمعتهم ومبادئهم وأفكارهم بإشاعاتك وأكاذيبك .. وحينها سينفر الناس منهم ولن تجد أحدا يتعاطف معهم.

ونفذ الحاكم التعليمات وبدأ بتحذير الناس من هؤلاء المعترضين ليس لأنهم يعترضون عليه وعلى ظلمه، بل لأنهم في يوم وليلة أصبحوا خطرا على الدين، وفارقوا جماعة المسلمين، وشقوا عصا طاعة رب العالمين، فاليوم هم أعداء الله ورسوله، ومن ناصرهم أو تعاطف معهم أو حتى ذكرهم بخير، فقد ضاد الله في حكمه وحارب المؤمنين.
ألا ترون أن معظمهم من مدينة واحدة، وأن ملابسهم مختلفة، وألوان بشرتهم مختلفة و…

والخلاصة أن هؤلاء لم يعودوا مسلمين بل إن لهم دينهم ولنا حقنا الدين.

وإذا بالناس قد تأثروا بتلك الإشاعات، ونسوا ظلم الحاكم المجرم واستبداده عليهم، وكثفوا جهودهم لمعاداة ومحاربة من اراد ان ينتصر لهم .. وأصبح من يدافع عنهم في نظرهم عدوا خارجا عن الدين والملة.

وبدلا من أن يتحد المجتمع المستضعف في مواجهة الحاكم الظالم، أصبح أغلب المظلومين أداة بيد الحاكم ليضرب بها معارضيه ويقمعهم.

وتغير الحال .. فبعد أن كان المعارض يجد في بيوت بعض الناس ملجأ مؤقتا يختبئ فيه، أصبح صاحب البيت أول من يبلغ عنه .. نصرة للدين وحماية للشريعة واكتسابا للأجر والثواب.

بل إن الناس لم يعودوا يرون بأسا في ظلم هذا الظالم وفجوره ونهبه لثرواتهم .. لأنه أصبح حامي حمى الدين، والمحافظ على إيمان المسلمين من شر البغاة والمبتدعين، الذين أصبحوا عند الناس هم الخطر الأول والأخير.

فليفعل الحاكم ما يشاء، ما دام رافعا للواء نصرة الدين ضد هؤلاء المعترضين .. فكأنه قد صار من أهل بدر، وكلما خبت نار فتنته وبدأ الناس بالشكوى من الظلم والجور، أشعلها من جديد ليقودهم من نصر على هؤلاء المستضعفين الى نصر!!

قال تعالى: إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم …

باختصار .. يبدو لي وكأن هذه القصة هي قصة.. مشكلة الشيعة مع الحاكم زورا بإسم الشريعة.

أ. السيد/ إبراهيم الشامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى