خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين
اسمه وكنيته ونسبه(1)
أبو عمارة، خُزيمة بن ثابت بن عمارة الأوسي الأنصاري، المعروف بخُزيمة ذي الشهادتين.
تلقيبه بذي الشهادتين
جعل رسول الله(صلى الله عليه وآله) شهادته كشهادة رجلين، وذلك لحادثة، وهي: أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) اشترى فرساً من إعرابي فأنكر البيع، فشهد له خُزيمة ولم يكن حاضراً عند الشراء، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أشهدتنا؟ فقال له: لا يا رسول الله، ولكنّي علمت أنّك قد اشتريت، أفأصدّقك بما جئت به من عند الله، ولا أصدّقك على هذا الإعرابي الخبيث. قال: فعجب له رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقال: يا خُزيمة شهادتك شهادة رجلين»(۲).
ولادته
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
صحبته
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
جوانب من حياته
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في معركة بدر وما بعدها من المعارك.
* كانت راية بني خطمة بيده يوم فتح مكّة.
* كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي(عليه السلام)(۳).
* اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:… خُزيمة بن ثابت ذي الشهادتين… وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(۴).
من أقوال العلماء فيه
۱ـ قال السيّد علي خان المدني(قدس سره): «وكان خُزيمة من كبار الصحابة»(۵).
۲ـ قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «اتّضح من خلال مواقفه المشرّفة من يوم إسلامه إلى يوم شهادته أنّه في أعلى مراتب الوثاقة والجلالة، وأنّه من القلائل الذين عصمهم الله في الفتنة العظمى بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)»(۶).
روايته للحديث
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
شعره
لم يُنقل من شعره إلّا الشيء اليسير، مع أنّه كان يجيد الشعر ويقوله منذ زمن مبكّر على عهد النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله)، فمن شعره ما نظمه في قضية تصدّق الإمام علي(عليه السلام)بالخاتم حين ركوعه في الصلاة:
«أبا حسنٍ تفديك نفسي وأُسرتي ** وكلُّ بطيءٍ في الهُدى ومُسارعِ
أيذهب مدح من محبّك ضائعاً ** وما المدح في جنب الإله بضائعِ
فأنتَ الذي أعطيتَ إذ كنتَ راكعاً ** زكاةً فَدتْكَ النفسُ يا خيرَ راكعِ
فأنزلَ فيك اللهُ خيرَ ولايةٍ ** وبَيّنها في مُحكماتِ الشرائعِ»(۷).
وقوله يوم السقيفة:
«ما كنتُ أحسبُ هذا الأمر منتقلاً ** عن هاشم ثمّ منها عن أبي حسن
أليس أوّل مَن صلّى لقبلتكم ** وأعلم الناس بالقرآن والسنن
وآخر الناس عهداً بالنبي ** ومن جبريل عون له في الغسل والكفن
فما ذا الذي ردّكم عنه فنعرفه ** ها أنّ بيعتكم من أغبن الغبن»(۸).
وقوله لمّا بُويع الإمام علي(عليه السلام) على منبر رسول الله(صلى الله عليه وآله):
«إذا نحن بايعنا عليّاً فحسبنا ** أبو حسن ممّا نخاف من الفتن
وجدناه أولى الناس بالناس إنّه ** أطبّ قريشاً بالكتاب وبالسنن
وإنّ قريشاً ما تشقّ غباره ** إذا ما جرى يوماً على الضمّر البدن
وفيه الذي فيهم من الخير كلّه ** وما فيهم مثل الذي فيه من حسن
وصيّ رسول الله من دون أهله ** وفارسه قد كان في سالف الزمن
وأوّل مَن صلّى من الناس كلّهم ** سوى خيرة النسوان والله ذو منن
وصاحب كبش القوم في كلّ وقعة ** يكون لها نفس الشجاع لدى الذقن
فذاك الذي تثنى الخناصر باسمه ** إمامهم حتّى أغيب في الكفن»(۹).
وقوله يوم الجمل يخاطب عائشة:
«أعائش خلّي عن علي وعيبه ** بما ليس فيه إنّما أنت والده
وصيّ رسول الله من دون أهله ** وأنت على ما كان من ذاك شاهده
وحسبكِ منه بعض ما تعلمينه ** ويكفيكِ لو لم تعلمي غير واحده
إذا قيل ماذا عِبت منه رميته ** بخذل ابن عفّان وما تلك آبده
وليس سماء الله قاطرة دماً لذاك ** وما الأرض الفضاء بمائده»(۱۰).
وقوله يوم صفّين:
«قد مرّ يومان وهذا الثالث ** هذا الذي يلهث فيه اللاهث
هذا الذي يبحث فيه الباحث ** كم ذا يُرجى أن يعيش الماكث
الناس موروث ومنهم وارث ** هذا علي مَن عصاه ناكث»(۱۱).
موقفه من خلافة أبي بكر
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «يا أبا بكر، ألست تعلم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبل شهادتي وحدي ولم يرد معي غيري؟ قال: نعم، قال: فأشهد بالله أنّي سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: أهل بيتي يفرقون بين الحقّ والباطل، وهم الأئمّة الذين يُقتدى بهم»(۱۲).
شهادته بحديث الغدير
«عن الأصبغ قال: نشد علي الناس في الرحبة: مَن سمع النبي(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خُم ما قال إلّا قام، ولا يقوم إلّا مَن سمع رسول الله يقول. فقام بضعة عشر رجلاً فيهم… وخُزيمة بن ثابت… فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: ألا أنّ الله عزّ وجل وليي وأنا وليّ المؤمنين، ألا فمَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وأحبّ مَن أحبّه، وأبغض مَن أبغضه، وأعن مَن أعانه»(۱۳).
كيفية شهادته
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري: «كنت بصفّين فرأيت رجلاً أبيض اللحية معتماً متلثماً ما يرى منه إلّا أطراف لحيته يقاتل أشدّ قتال، فقلت: يا شيخ تقاتل المسلمين؟ فحسر لثامه وقال: نعم أنا خُزيمة سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: قاتل مع علي جميع مَن يقاتل»(۱۴).
شهادته
استُشهد(رضي الله عنه) في ۹ صفر ۳۷ﻫ بحرب صفّين، ودُفن في منطقة صفّين.
تأبينه
حسبه(رضي الله عنه) من الإكرام والتجليل ما أبّنه به الإمام علي(عليه السلام) وتلهّف عليه، وتشوّق إليه، وأثنى عليه، حيث قال: «أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحقّ! أين عمّار! وأين ابن التيّهان! وأين ذو الشهادتين ـ أي خُزيمة بن ثابت الأنصاري ـ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية»(۱۵).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ