مقالات

العالم إلى أين (8)


قرأتُ اليوم سؤالاً لفتَ نظري فعلاً، وهو: لماذا الأمن والاستقرار يعم البلدان الغير مسلمة.. بينما أغلب بلاد المسلمين تعيش الفوضى رغم إيمانها؟
سؤال وجيه حقاً فأينما ضربنا ببصرنا في بلداننا الإسلامية، وخاصة العربية نجد الفوضى وعدم الاستقرار، فالبلابل والقلاقل تنتشر في كل بلداننا، والتضجر والسخط يلفنا حتى الاقتتال والحرب الضارية بين الأخوة كما نراها قد أحرقت البلاد والعباد ودمرتنا وأعادتنا إلى قرن مضى، مع خسائرنا التي لا تقدر لا سيما هؤلاء الشباب الأعزاء الذين فقدناهم في هذه الحرب الظالمة فيما بين الأشقاء وأبناء البلد الواحد، والقومية الواحدة، والدِّين الواحد..
فلماذا نحن الأخوة تفرقنا، وتحاربنا، وأولئك الأعداء توحدوا واتفقوا ورضوا بالعيش المشترك فيما بينهم؟
وهنا سؤال كنت أتمنى أن يسأل كل واحد منا نفسه هذا السؤال: لماذا نتقاتل، ونتحارب فيما بيننا ونحن أخوة وأهل؟
والجواب سألخصه بكلمات لأننا في عصر السرعة والوجبات السرية التي يرغبها أكثر الشباب، وإن كانت تحتاج لكتب ومجلدات لبحثها ودرسها والاجابة عليها بدقة وتفصيل..
أقول: أن السبب في كل ما يجري في العالم هو الوصول إلى حقيقة واقعية متوارثة منذ آلاف السنين، لم يغفل عنها الإنسان في جميع مراحله ولكنه يتغافل إما من نفسه، أو بفعل فاعل، وهي تقول: أن اليهود منذ أن وجدوا في هذه الدنيا وهم السرطان الذي يفتك في الشعوب والأمم، فما نزلوا في أمة إلا فتتوها، ولا في بلدة إلا دمروها، ولا في مجتمعات إلا أفسدوها..
وذلك لأن هؤلاء الأشرار منذ أن وجدوا نظروا إلى أنفسهم بأنهم أنصاف آلهة (أبناء الله وأحباءه) والآخرين عبيد وخدم لهم، فهم (شعب الله المختار) وما سواهم مخلوقات أخرى بالصورة الآدمية ليقوموا بخدمة اليهود على أكمل وجه..
هذه النظرة العنصرية للآخرين من أي لون، أو بلد، أو قومية، أو لغة، أو دين هم جميعاً سواسية ويجب أن يكونوا خداماً طائعين للسيد اليهودي، الذي له الحق أن يفعل بهم ما يشاء، كيف يشاء، متى شاء..
ولذا تراهم رفضوا كل الأمم والشعوب، ورفضتهم كل المجتمعات البشرية منذ ذلك اليوم..
هذه الحقيقة أدركها رسول الله (ص) وعمِل بها بأمر من الله تعالى حيث أجلاهم عن المدينة المنورة أولاً، ثم أجلاهم عن الجزيرة العربية بنزول براءة من الله ورسوله، فطهَّر البلاد من شرهم لأنه لا يمكن إصلاحهم وعندهم تلك العقدة..
وهذا الدرس أخذه الغرب الأوربي بالخصوص من رسول الإنسانية محمد (ص) ليقينهم بأن تصرفه كان بحكمة بالغة، وحيث جربوهم، واختبروهم، وعايشوهم فوجدوهم أشر الخلق والخليقة، وأفسد الناس للناس، فضجَّت بلدانهم من اليهود، وأرادوا أن يتخلصوا منهم بأي طريقة كانت لأنهم لا يمكن العيش معهم في مجتمع واحد أبداً..
وتفتقت قرائح الساسة لديهم فأوجدوا لهم هذا الكيان المصطنع ليجمعوا اليهود فيه ويتخلصوا من شرهم وفسادهم، ولكن الساسة البريطانيين الخبثاء جعلوا هذا الدواء النافع لهم سماً قاتلاً لنا، حيث وضعوهم في قلب البلاد العربية والإسلامية وسلطوهم علينا بقوة السلاح، لينقلوا أكبر مشكلة في مجتمعاتهم إلى مجتمعاتنا وبلادنا، فنقلوا مرضهم وزرعوه (غدَّة سرطانية) فينا، ودعموهم بكل ما يحتاجون لبقاء والاستمرار، فلولاهم لما بقوا يوماً واحداً بيننا..
فقسموا البلاد العربية في (سايكس بيكو) الأولى ليسهل وجود اليهود في فلسطين لأنه لا يمكن وجود آلاف مقابل عشرات الملايين من العرب والمسلمين المحيطين بهم..
ثم أوجدوا حكومات وأنظمة متخلفة، ووضعوا لها قوانين مختلفة ليمنعوا أي تقارب بينها، وسلطوا عليها حكاماً من صناعتهم ليكونوا خداماً لقضيتهم، فيكون حكامنا حماة لدولة اليهود في فلسطين، وأسود علينا يقتلونا ويسجنونا ويمنعون عنا نسائم الكرامة والحرية..
وها هي (سايكس بيكو) الثانية بما يسمونه (صفقة القرن) وهي في الحقية (صفعة القرن) لهذه الأمة وهذه الشعوب التي قبلت منذ البداية بوجود حثالات الأمم والشعوب اليهود في قلبها وبين شعبها ليفسدوا شبابها ويسرقوا خيراتها، وثرواتها، وتراثها ويحرقوها عن بكرة أبيها، بمخطط نراه يتنفذ فينا خطوة خطوة ولا نملك – نحن الشعوب – فعل شيء لأن القادة والرؤساء والأمراء والملوك لدينا من خدام وأبناء العم سام، ونسله الخبيث اليهود..
تلك هي الحقيقة باختصار شديد يا وجوه الخير..
كيف نعمل، وما هو واجبنا اليوم؟
علينا أن نجليهم من بلادنا كما فعل رسولنا الكريم (ص)، ولن نجلِ اليهود من فلسطين ما داموا يحكمون بلاد الحرمين، وغيرها من بلاد العرب والمسلمين..
علينا أن نملك الوعي والبصيرة، ونتسلح بالشجاعة الأدبية الكافية لمواجهة هذه الحقيقة المرة..

حسين كريمو

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى