رداء السماء
عندما يحل شهر محرم الحرام تتجلى تلك الصور الأليمة, أرض مجدبة وسماء حمراء, نبوءة حزينة وقارورة دامية, ودموع تعاتب ماء الفرات, وصراخ أطفال ينادون العطش العطش, خيام تحترق مع قلوب المؤمنين,
جاء وصفها على لسان النبي صلى الله عليه وآله: (إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا),
هذه الجمرة تستعر مع قدوم أول ليلة من الليالي العشر, ليكون الحزن وتراً على الوتر الموتور, فترتدي السماء رداءاً بلون النحور, هو سر أفصح عنه الإمام الصادق (عليه السلام) حيث روي أنه قيل للإمام الصادق (عليه السلام): سيدي جعلت فداك، إن الميت يجلسون له بعد موته أو قتله، وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من أول الشهر بالنياحة بالمأتم والعزاء على الحسين(عليه السلام) فقال (عليه السلام): يا هذا إذا هل هلال محرم نشرت الملائكة ثوب الحسين(عليه السلام) وهو مخرق من ضرب السيوف، وملطخ بالدماء فنراه نحن وشيعتنا بالبصيرة لا بالبصر، فتنفجر دموعنا). فتشخص عيون المحبين إلى السماء بعفوية فطرة سليمة منتمية لطينة عجنت من حب آل الرسول فتنعى القلوب ذلك الموقف الرهيب الذي مر به الإمام الحسين (عليه السلام), ترتسم هذه الصور في السماء وفي النفوس فيتحسر المؤمن لهذا المصاب الجلل يقول الشاعر دعبل الخزاعي: فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد تقطع نفسي إثرهم حسرات ولا عجب من ذلك فإن الإمام صاحب العصر الزمان يبكيه أكثر من ذلك ويتحسر كما جاء في دعاء الندبة: فلأندبنك صباحا ومساء، ولأبكين عليك بدل الدموع دما ، حسرة عليك وتأسفا على ما دهاك وتلهفا ، حتى أموت بلوعة المصاب. هذا سر يعرفه ويتذوقه من طهرت نطفته وحسنت سريرته وعلانيته في ولاء آل محمد صلوات الله عليهم الذي يوجب البراءة من أعدائهم إلى يوم القيامة.