أخلاق ودعاء

نبذة مختصرة عن كتاب جامع السعادات

كتابٌ في الأخلاق النظرية (الأخلاق العقلية) والتطبيقية باللغة العربية، من تأليف المولى محمد مهدي النراقي، حكيم وفقيه في القرن الـ 12 و 13 للهجرة. استمد الكتاب أهميته من شخصية ومكانة المؤلف في الأخلاق والعمل بها. هذا الكتاب هو الأول من نوعه لأنه يشمل البُعدين الفلسفي والعقلي معاً، كما يشمل الجانبين الديني والتطبيقي.

أهميته ومكانته

يعدّ كتاب جامع السعادات من أهم الكتب في مجال الأخلاق النظرية. مؤلف الكتاب وهو المولى محمد مهدي النراقي كان متبحّراً في مجال الفلسفة الإلهية وعلم الأخلاق. وكان من المدرّسين المطّلعين في مجال العلوم الشرعية والفقه وأصول الفقه والرجال والرياضيات لذا له مؤلفات عديدة في هذا الخصوص.

يعتقد البعض أنّ أهمية هذا الكتاب ترجع إلى شخص مؤلفه الذي يحظى بخلق رفيع وروح معنوية عالية يملؤها الإيمان بالله والعمل الصالح، وسرّ إقبال الكثير لهذا الكتاب وتداوله هو الرّوح المؤمنة التي تقرأها في ثناياه، وإلاّ من المنظور العلمي لا يفوق عن أقرانه من الكتب الأخلاقية المطبوعة في زمانه.

من جملة مميزات هذا الكتاب بالمقارنة إلى ما سبقه من كتب الأخلاق أنّ أغلبها تؤكد على الجانب العقلي والنظري والفلسفي أمثال كتاب (السعادة والإسعاد، تهذيب الأخلاق وأخلاق الناصري) أو يغلب فيها الجانب النقلي والتطبيقي أمثال (إحياء علوم الدين وكيمياء السعادة والمحجة البيضاء) أمّا كتاب جامع السعادات فيجمع كلا الجانبين وبأسلوب متميّز وسلس.

هيكلية الكتاب

جامع السعادات وبصريح قول المؤلف يحتوي على قسم من الحكمة العملية القديمة (الأخلاق) ولا يتحدث عن سائر أقسام الحكمة القديمة (كـ تدبير المنزل وسياسة المدن)، لأنّ هدف التأليف هو إصلاح النفس وتهذيب الأخلاق الإنسانية.

الكتاب يشتمل على ثلاثة أبواب؛

الباب الأول في المقدمات والذي يتضمن مواضيع كلّية لعلم الأخلاق ومبانيها، من قبيل تجرّد النفس وبقائها، تأثير المزاج على الأخلاق، تأثير التربية على الأخلاق، شرف علم الأخلاق لشرف موضوعه وغايته، النفس وأسماؤها وقواها الأربع وأنّ غاية السعادة هو التشبّه بمبدأ الخلق،

الباب الثاني في أقسام الأخلاق، يشتمل على مواضيع كجنس الفضائل والرذائل، ويبحث فيه عن الفضائل الأربع (الحكمة والعدالة والشجاعة والعفّة)، وفي حقيقة العدالة أنّ العقل النظري بنفسه يدرك الفضائل والرذائل، حدّ الوسط (الاعتدال) وما سواه (الإفراط والتفريط) في الأخلاق.

الباب الثالث، حول الأخلاق الحميدة، يشتمل على مقدّمة وأربعة مقامات.

جاء في المقدّمة طريقة حفظ الاعتدال للفضائل الأخلاقية، ويبحث فيها عن معالجة النفس بنحو عام ومعالجتها على وجه خاصّ، ويبحث في المقامات عن القوة العاقلة وما يتعلق بقوة الغضب من أمور وعن رذائل وفضائل قوة الشهوة، ومطالعة الرذائل والفضائل للقوى الثلاث أو ما يتعلق لقوتين منها دون أخرى.

كتاب جامع السعادات يستهل مواضيعه في بحثين: أولاهما موضوع تجرّد النفس وهذا الموضوع يتقدّم على باقي المواضيع في أكثر كتب الأخلاق الإسلامية ؛ ثانيهما، البحث في الخير والسعادة  لأن غاية ومراد تهذيب النفس هو الوصول إلى الخير والسعادة الأبدية.

يعتقد مؤلّف الكتاب أنّ الهدف من سنّ القوانين وبعثة الأنبياء هو خروج الإنسان من المرتبة الحيوانية والشيطانية وكسب الروضات العالية، ولن يتحقق هذا إلاّ من خلال تحرّر الإنسان من الرذيلة (التخلية) والتحلّي بفضيلة الأخلاق الحميدة (التحلية).

تزكية النفس مشروطة باستكشاف الخصائل المهلكة والأخلاق المنجية، والتعرّف على أسبابها وكيفية معالجتها للصفات المدمّرة للأخلاق، وهذا هو أصل الحكمة الحقيقية التي مدح الله عباده مَن تحلّى بها، ومعرفتها ضرورية في هذا السياق.

بناءً على رأي المؤلف  أنّ الحكماء الماضين سعوا جاهدين في جمع وتدوين وانتشار وتبيين هذا العلم، لكن وبعد إطلالة الإسلام وأيضاحه النقاط الأخلاقية بالتفصيل، بدا ما بيّنه الحكماء والعرفاء السابقين وغيرهم من الديانات والشرائع لا شئ أمام ذلك الإيضاح والتبيين. بينما كانت التعاليم والمعارف الإسلامية في مواضع مختلفة في ضمن الأخبار والروايات وكان العثور عليها والإحاطة بها للجميع ليس بالأمر اليسير، فلا بُد من جمعها ولمّها بشكل منظم في مكان واحد حتى يتسنّى الحصول عليها والاستفادة منها؛ كتاب جامع السعادات لخّص ما جاء في الشريعة من أخلاق، واختصر وأضاف ما بتّ به أهل العرفان والحكمة فيه.

إنّ المؤلف على قناعة بأنّ علماء الأخلاق لم يبيّنوا الفضائل والرذائل وكيفية تداخلها في بعضها البعض والقوة العاملة لها بالتفصيل الذي جاء في كتابه، بل ذكروا بعضها وهملوا معظمها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى