مقالات

في الإمامة

بدائل تعيين الإمام الزائفة

 

الحلقة: (20)

منير عوض

 

إن تعيين خليفة وإمام للمسلمين وفق الطريقة العمرية المشار إليها في حلقة سابقة لا يمكن أن يصدر إلا عن عقلية مريضة وعن شخص يضمر شيئا و لجبنه لا يقدر أن يجهر به ولغبائه لا يعرف كيف يصل إليه لذا يجهد نفسه ويجتهد للوصول إلى ما يريده بشتى الطرق وبمحددات عدة

؛ ليختار من الناس ستة ومن الستة واحدا يكون الأمر له كما ويحدد أيضا من الأيام أيام ثلاثة والمخالف لما يتوصل إليه تضرب عنقه.

هل توجد آية في كتاب الله تجيز لعمر أن يصدر حكما بجواز ضرب أعناق المخالفين هنا؟!

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن :

لماذا كل هذا الاختلاف بين علماء السنة في أمر عظيم كهذا الذي يتوقف عليه مصير الأمة الإسلامية ويتحدد وفقه ما تكون عليه، وبعد هذا الزمن الطويل لماذا لم يتفقوا على أساس أو أسس ثابتة واستمر إلى اليوم اختلافهم واستمرت آراؤهم وأقوالهم بعيدة عن التوافق؟!

وفي هذا السياق هناك نقاط عديدة ينبغي الوقوف عليها:

1ـ استنادهم في هذا على الأحداث والوقائع التاريخية بعد وفاة الرسول لا على أساس العقل والقرآن والسنة ولو اختلفت الأحداث تلك لاختلفت أسس الإمامة لديهم.

2ـ هذه الآراء ليست مقتبسة من الكتاب والسنة ولكنها مأخوذة من سيرة الشيخين فهم من ابتدعوها من تلقاء أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان.

3ـ حينما وقف علماء السنة مذ العهود القديمة عند مواقف وأقوال الشيخين لم يعرضوها على القرآن وعلى سيرة الرسول الأعظم ليتثبتوا من صحتها أو عدم صحتها لكنهم أخذوا بها وكأنها من عند الله، فاكتفوا بالتفسير والتبيين لسيرة الشيخين على أنها الصواب المطلق واقفين بهذا في وجه كل من يدعو إلى إعادة النظر في تلك المرحلة وفي تلك الأحداث المفصلية ليصل بهم الأمر إلى تكفير كل من يناقش ما حصل في ذلك الزمان آملا التوصل إلى الحقيقة،

لقد اتخذ هؤلاء العلماء من أهل السنة عبر الأزمنة المتفاوتة موقف المدافع عن آراء وتصرفات الشيخين اللامنطقية والتي تتجافي وتتنافى مع النهج النبوي الشريف.

4ـ يبدو التخبط والاضطراب واضحا في أقاويل الشيخين فكل منهما يثبت عدم شريعة الآخر بل إن كل واحد منهما يتناقض في كل مسألة ترتبط بشؤون المسلمين لاسيما في مسألة الخلافة وطريقة الاستخلاف وإن كتب والدين والتاريخ لتضج بهذه التناقضات .

5ـ يبدو أن الحكم الإلهي بالنص على الخلف بعد الرسول الأعظم وتطلب هذا الأمر فطريا و منطقيا وتنزل الآيات البينات وأقوال النبي الصريحة كل هذا احتاج إلى جهد كبير من الشيخين ومن أتباعهم لطمس الحقيقة وحجب النور الإلهي بأباطيل اختلقوها ولكن هيهات هيهات فالله متم نوره و لو كره الكافرون، و لم يكن ما أوجده الشيخان من طرائق ابتدعوها حسدا من عند أنفسهم لتحديد الإمام إلا بدائل زائفة تحاول أن تضل الناس عن الحكم الإلهي الحق وعن الإمام المنصب من عند الله.

6ـ من أراد أبو بكر خليفة من مثل عمر ومن كانوا معه إما لأن مصالحهم مع تولي أبي بكر للخلافة أو لخوفهم من الشيخين، هؤلاء هم من برروا لأحقية أبي بكر في الخلافة وإلا فالأمر في ذلك الوقت لم يستند إلى مبررات ولم يكن ثم وقت لذلك ولكنها أهواء الطامعين هي التي غلبت هذا على افتراض أن عمر كان قابلا بأبي بكر خليفة ولم يكن يرى في نفسه أنه الأصلح منه لشغل هذا المنصب ليكتفي بتثبيت صاحبه ليثبته هو عليها فيما بعد كاتفاق ضمني كان في تلك اللحظات العصبية بينهما وخرج إلى العلن فيما بعد .

7ـ كانت الطريقة المتاحة والوحيدة لأبي بكر وعمر للاستيلاء على الخلافة في السقيفة هي تلك المسرحية التي قاموا بها فأكسبوا أبا بكر الشرعية بالمبايعة له.

8ـ لم يعين الأول الثاني خليفة له وإنما أوصى له بهذا فالمهم هو أن يكون عمر الخليفة من بعده تنفيذا لما اتفقا عليه مسبقا طريقة هذا ليست بالأمر المهم حتى ولو خالفت طريقة تنصيب الأول.

9ـ سقيفة بني ساعدة والاختيار والمبايعة فيها أم وصية أبي بكر ونصه على الخليفة اللاحق له أم شورى عمر وما فيها من تفاصيل تضمن له إيصال من يريده إلى كرسي الخلافة؟!

أي هذه الطرق هي الطريقة التي يرتضيها الله ورسوله؟!

أم أنها كانت جميعا مجرد انحرافات عن طريق الحق وبدائل زائفة ضلوا بها وأَضلوا الناس عن الحق وعن أهل الحق؟!

10ـ لعل المتأمل في ما حصل في تلك المرحلة الزمنية المسماة بصدر الإسلام كان محور ما يدور فيها هو إقصاء علي عن حقه ولو أقروا مذ الوهلة الأولى له بهذا الحق لما وقعت الأمة في كل هذه الاختلافات زولما احتاج علماء الدين والمؤرخون إلى كل هذه المبررات والمسوغات المتناقضة فيما بينهما البين لإثبات أحقية خلافة الأول والثاني والثالث.

ـمما سبق يتضح أن مدار كل ما جرى فيما يخص الإمامة والخلافة من شؤون هو إزاحة علي (عليه السلام) والحيلولة دون أخذه حقه ولكل في هذا طريقته التي تتناسب مع الظروف التي هو فيها فلم يكن اختيار الأول وعقد البيعة له ولم يكن في الإيصاء للثاني من قبل الأول والنص عليه ولم يكن تشكيل مجلس الشورى وتحديد خطة عمل وتفاصيل للخطة هذه التي ينبغي أن يتم اختيار الخليفة

 وفقها وإحلال من الثالث لأقربائه على في مفاصل البلاد وتمكين لهم فيها إلا مراحل مختلفة لمؤامرة واحدة كان هدفها حرمان الإمام علي من حقه وفي سبيل تحقيق هذه اختلفت الطرق وتعددت الوسائل لكن الغاية كانت واحدة وظلت كذلك.

حتى بنو أميو لم يكونوا ليقبلوا بخلافة الأول والثاني إلا نكاية منهم بعلي (عليه السلام) فليكن الأمر لأبي بكر ولعمر من بعده المهم لديهم ألّا يصل إلى علي (عليه السلام) فلو آل له لحال ذلك دون تحقيقهم لمخططاتهم ولاستحال عليهم استعادة الخلافة التي لم يروا فيها إلا ملكا خرج عنهم بأكاذيب محمد(صلى الله عليه وآله) وهو في طريق عودته إليهم وفي تولي الأول والثاني تمهيد لهذا .

كم أنت عظيم يا علي (سلام الله عليه) لقد كنت شغلهم الشاغل في حياتك وبقيت كذلك بعد رحيلك وستبقى أبد الدهر!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى