فلسفة نفخة الروح؟
إذا كانت حقيقة نفخة الصور غير واضحة لنا بشكل تام، فلم تكن فلسفته التربوية خافية علينا.. والمهم لنا هو الآثار التربوية لهذه العقائد الحقّة.
فنفخة الصور تبيّن لنا:
1- إماتة واحياء جميع المخلوقات ليست حالة عسيرة على اللَّه تبارك وتعالى، فهو تعالى قادر على إماتة جميع الخلائق بأسرها بصيحة واحدة تصعقها جميعاً، وكذلك هو قادر على أن يحيي جميع الخلائق بصيحةٍ عظيمة اخرى وكأنّ المخلوقات كانت في سبات فتبعث هذه الصيحة على ايقاظهم من نومهم العميق، وهذا جواب لمن يشك في المعاد أو لمن يعتقد بأنّ المعاد من الامور المستحيلة الوقوع كما كانوا يسألون رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مراراً.
2- نفخة الصور انذار لجميع الناس بعدم الركون إلى الدنيا والاطمئنان إليها لكي لا يقعوا في الغرور والغفلة، وأن يؤمنوا بأنّ صيحة القيامة ونفخة الموت ممكنة الوقوع في كل حين وأنّهم سائرون إلى ديار العدم إلى الموت الذي يطوي جميع آمالهم وأمانيهم.
3- تعتبر نفخة الصور وايعازها بنهاية هذا العالم وبداية عالم آخر من الدروس التربوية العميقة للناس، فالإيمان بذلك يجعلهم مُهيّأون لاستقبال مثل هذه الحادثة العظيمة وإذا آمنوا بذلك فانّهم لن يتواكلوا بتأخير الأعمال إلى الغد، فليس هناك تاريخ معين لوقوع هذه الحادثة المباغتة التي تقع من غير مقدّمات.
ونذكر حديثاً للإمام السجاد عليه السلام في هذا المعنى ينقله الراوي بعد شرح موجز حول نفخة الصور فيقول: عندما يصل الإمام عليه السلام إلى هنا: (رأيت علي بن الحسين يبكي عند ذلك بكاءً شديداً) (فالإمام في غاية الوجل من مسألة النهاية المباغتة للدنيا وحلول الآخرة والحضور أمام اللَّه تبارك وتعالى) «1».
___________________________
(1) تفسير علي بن إبراهيم، ذيل الآية 68 من سورة الزمر؛ بحار الأنوار، ج 6، ص 324.