الحلقة الثانية:
تعريف الإمامة لغة :
الإمامة في اللغة مصدر من الفعل (أمَّ) تقول: (أمَّهم وأمَّ بهم: تقدمهم، وهي الإمامة، والإمام: كل ما ائتم به من رئيس أو غيره)([1]).
والإمام : كل من اقتدي به وقدم في الأمور، والنبي إمام الأئمة، والخليفة إمام الرعية، والقرآن إمام المسلمين ([2]).
ويقول ابن منظور: (الإمام كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضالين.. والجمع: أئمة، وإمام كل شيء قيَّمه والمصلح له، والقرآن إمام المسلمين، وسيدنا محمد رسول الله – صلى الله عليه وآله-إمام الأئمة، والخليفة إمام الرعية، وأممت القوم في الصلاة إمامة، وائتُم به: اقتدي به، والإمام: المثال، وإمام الغلام في المكتب ما يتعلمه كل يوم، وإمام المثال ما امتثل عليه، والإمام: الخيط الذي يُمَدُّ على البناء فيبنى عليه ويسوى عليه ساف البناء..)([3]).
وقال صاحب (تاج العروس): (والإمام: الطريق الواسع، وبه فُسِّر قوله تعالى: وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ [سورة الحجر: 79] أي: بطريق يُؤم، أي: يقصد فيتميز) قال: (والخليفة إمام الرعية، قال أبو بكر: يقال فلان إمام القوم معناه: هو المتقدم عليهم، ويكون الإمام رئيسًا كقولك: إمام المسلمين)، قال: (والدليل: إمام السفر، والحادي: إمام الإبل، وإن كان وراءها لأنه الهادي لها..) ([4]).
وقال الجوهري في (الصحاح): (الأمُّ بالفتح القصد، يقال: أَمّه وأممه وتأممه إذا قصده .([5]).
الإمامة عند أهل السنة:
أبو حامد الغزالي: إن النظر في الإمامة ليس من المهمات وليس أيضا من فن المعقولات ، بل من الفقهيات([6]).
وقال الآمدي (المتوفى631هـ):
(واعلم أن الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات) ([7]).
ويعرّفها الإيجي بأنها: (خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في إمامة الدين…)([8]).
التفتازاني: رئاسة عامة في أمر الدين والدنيا، خلافة عن النبي ([9]).
أمّا ابن خلدون فيقول: (وإذ قد بيَّنا حقيقة هذا المنصب وأنه نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين، وسياسة الدنيا به تسمَّى خلافة وإمامة، والقائم به خليفة وإماماً)([10]).
ونرى أن ثمة ترادفاً بين ألفاظ الإمامة والخلافة وإمارة المؤمنين عند أهل السنّة
فالنووي يُجوِّز (أن يقال للإمام: الخليفة والإمام وأمير المؤمنين)([11]).
ويوافقه ابن خلدون([12]) ومحمد رشيد رضا([13]).
الإمامة عن الإمامية :
عرفها الشيخ الصدوق بأنها مشتقة من الاهتمام بالإنسان والائتمام هو الاتباع والاقتداء والعمل بعمله والقول بقوله([14]).
السيد المرتضى (436هـ): الإمامة رئاسة عامة في الدين بالأصالة لا بالنيابة عمن هو في دار التكليف ([15]).
المحقق الطوسي (672هـ): الإمام هو الإنسان الذي له الرئاسة العامة في الدين والدنيا بالأصالة في دار التكليف ([16]).
بان ميثم البحراني (679هـ): الإمامة رئاسة عامة لشخص من الناس في أمور الدين والدنيا بالأصالة ([17]).
العلامة الحلي (726هـ): هو الإنسان الذي له الرئاسة العامة في أمرو الدنيا والدين بالأصالة في دار التكليف([18]).
الإمامة: هي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا ([19]).
والإمام: هو الذي له هذه الرئاسة ([20]).
وقال الشيخ المفيد: الإمامة في التحقيق على موضوع الدين واللسان: هي التقدم في ما يقتضي طاعة صاحبه و الاقتداء به في ما تقدَم به ([21]). والإمام هو الإنسان الذي له رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي([22]).
وقد عرَفها القاضي الآبي من متكلّمي الإمامية بقوله: الإمامة: التقدم لأمر الجماعة ([23]).
وقال فخر المحقّقين: الإمام هو الذي له الرئاسة العامّة في اُمور الدين والدنيا، نيابةً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم([24]).
[1]) الفيروز آبادي، القاموس المحيط، (4/78).
[2]) ابن فارس، مقاييس اللغة، ص:48.
[3]) ابن منظور لسان العرب (12/24) مادة (أمم).
[4]) مرتضى الزبيدي، تاج العروس (31/244، 245) مادة (أمم).
[5]) أبو نصر الجوهري، الصحاح (5/143).
( [6] أبو حامد الغزالي، الاقتصاد في الاعتقاد، ص: 234.
[7]) سيف الدين الآمدي، غاية المرام في علم الكلام: 363.
([8]الإيجي، عضد الدين: المواقف في علم الكلام، (عالم الكتب، بيروت، لات)، ص: 395.
[9]) التفتازاني، شرح المقاصد، ج 3 ، ص: 469.
([10]ابن خلدون، عبد الرحمن: المقدمة (ط4: دار الباز للنشر والتوزيع ـ مكة، 398هـ) ص190.
[11] النووي، يحيى بن شرف الدين (ت676هـ): روضة الطالبيين،
(لا. ط: المكتب الإسلامي، لا مكان، لات)، ج10، ص49.
[12]) ابن خلدون، مصدر سابق، ص190.
[13]محمد رشيد رضا: الخلافة أو الإمامة العظمى (لا. ط: مطبعة المنار، القاهرة، 1341هـ)، ص101.
[14]) الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص: 69.
[15] ) الشريف المرتضى، الذخيرة في علم الكلام، ص: 409.
[16] ) الطوسي نصير الدين، تلخيص المحصل، ص: 426.
[17] )قواعد المرام، ص: 74.
[18] ) العلامة الحلي الألفين في إمامة أمير المؤمنين ص 12، الباب الحادي عشر ، بحث الإمامة.
[19] ) الجرجاني، شرح المواقف، (8: 345) وانظر أنوار التمام لأحمد زبارة المطبوع مع الاعتصام (5: 404) .
[20] ) الجرجاني، التعريفات، ص:16.
[21] ) الشيخ المفيد، الإفصاح، ص:27.
[22] ) الشيخ المفيد، النكت الاعتقادية، ج :10 ، ص:39.
[23]) القاضي الآبي، الحدود والحقائق، ص: 15 .
([24] الشيخ المفيد، النكت الاعتقاديّة، ص: 53، جواب السؤال (91).