بقلم: منير عوض
كان الكلام في الحلقة السابقة حول الأحاديث التي شاعت في كتب أهل السنة وذاعت على ألسنتهم وسنكمل في هذه الحلقة حديثنا عن الأدلة النقلية والأحاديث الموجودة في كتب السنة لنقف هنا على الروايات الشريفة التي تنص على وجود اثني عشر إماما بعد النبي صلوات الله عليه وآله بهم يقوم أمر الدين ويكون عزيزا وقويا ومن هذه الأحاديث ما يلي:
1)صحيح البخاري: حدَّثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى: إنه يقول: كلهم من قريش([1]) .
2) صحيح الترمذي: حدثنا عمر بن عبيد عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يكون من بعدي اثنا عشر أميراً ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: قال: كلهم من قريش([2]) .
3) صحيح مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حسين عن جابر بن سمرة قال: قال: سمعت النبي يقول: حدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي، واللفظ له حدثنا خالد يعني ابن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع النبي فسمعته يقول: ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة ثم تكلم بكلام خفي عليَّ فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش([3]).
4) صحيح مسلم: حدثنا عن سفيان بن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ثم تكلم النبي صلى الله عليه وآله بكلمة خفيت علي فسئلت أبى ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: كلهم من قريش([4]) ورواه أيضا عن قتيبة بن سعيد عن أبي عوانه عن سماك عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله ولم يذكر (لا يزال أمر الناس ماضيا)([5]).
5) صحيح مسلم: حدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا حماد بن مسلمة عن سماك بن حرب قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة ثم قال كلمة لم أفهمها فقلت لأبي ما قال؟
فقال: كلهم من قريش([6]).
6) صحيح أبى داود: حدثنا داود عن عامر عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة فكبّر الناس وضجوا ثم قال كلمة خفيت قلت لأبي: يا أبه ما قال؟ قال: كلهم من قريش([7]).
3ـ أحاديث انفرد بها الشيعة وهي تعرفنا بما جهله متكلمو السنة واختلفوا بينهم اختلافا شديدا فيه ولم يستطيعوا أن يجدوا تفسيرا منطقيا يقبله العقل من روايات وردت عندهم في الخلفاء الاثني عشر ولو أضفنا إلى رواياتهم تلك الروايات الكثيرة الواردة في الأئمة الاثني عشر التي تفردت بها كتب الشيعة لحصل القطع بأن المراد منها ليس إلا الأئمة الاثنا عشر عليهم السلام ويؤيدها أيضاً حديث الثقلين المشهور المقطوع الصدور وحديث المروي عن طريق الفريقين (النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي)([8])
“النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس)([9])
ذكر في الصواعق أن الحاكم صححه على شرط الشيخين، وحديث مثل أهل بيتي كسفينة نوح.. الحديث – المروي بطرق كثيرة وما روي البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله في باب مناقب قريش في كتاب الأحكام قال: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان)([10]) والحديث الذي احتج به أبو بكر يوم السقيفة على الأنصار: (ولقد علمت يا سعد أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال وأنت قاعد: قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم. فقال له سعد: صدقت. نحن الوزراء وأنتم الأمراء) ([11]) .
ويمكن توضيح ما سبق بالمخطط التالي :
وجوب وجود إمام اثنا عشر إماما بعد محمد (ص) تحديد الاثني عشرإماما(ع)
وعن الحاكم انه أخرج عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من مات وليس عليه إمام فان موته موتة جاهلية([12]).
وعن السيوطي قال اخرج ابن مردويه عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في قول الله تعالى {يوم ندعو كل أناس بإمامهم} قال: يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم([13]).
يستفاد من مجموع هذه الأخبار أن وجود الأئمة الاثني عشر مستمر إلى انقضاء الدهر وكلهم من قريش ولم يدع أحد من طوائف المسلمين إمامة هذا العدد من قريش مستمراً إلى آخر الدهر غير الشيعة الإمامية قال في ينابيع المودة قال بعض المحققين أن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى الله عليه وآله اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أن مراد رسول الله صلى الله عليه وآله من حديثه هذا الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثنا عشر ولا يمكن أن يحمله مع الملوك الأموية لزيادتهم على الاثنى عشر ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز ولكونهم غير بني هاشم لأن النبي صلى الله عليه وآله قال كلهم من بني هاشم في رواية عبد الملك عن جابر وإخفاء صوته صلى الله عليه وآله في هذا القول يرجح هذه الرواية لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم على العدد المذكور ولقلة رعايتهم الآية: ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)([14])وحديث الكساء([15]) فلا بد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته صلى الله عليه وآله لأنهم كانوا اعلم أهل زمانهم وأجلهم وأروعهم وأتقاهم وأعلاهم نسباً وأفضلهم حسباً وأكرمهم عند الله وكان علومهم عن آبائهم متصلاً بجدهم صلى الله عليه وآله وبالوراثة واللدنية كذا عرفهم أهل العلم ويؤيد هذا المعنى أي أن مراد النبي صلى الله عليه وآله الأئمة الاثني عشر من أهل بيته ويشهده ويرجحه حديث الثقلين وأحاديث أخرى.
[1] صحيح البخاري الجزء أو الصفحة:7222
[2] صحيح مسلم الجزء أو الصفحة:1821
[3] صحيح مسلم الجزء أو الصفحة:1821
[4] صحيح مسلم: (4810).
[5] صحيح مسلم : (4811).
[6] صحيح مسلم: (4804).
[7] صحيح مسلم : (4809).
[8] ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي: 17، نظم درر السمطين للزرندي: 234، إحياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف: 112، الجامع الصغير للسيوطي: 2/161 ط الميمنية بمصر و587 ط دهلي، الفتح الكبير للنبهاني: 3/267، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد: 5/92، الصواعق المحرقة لابن حجر: 185 و233 ط المحمدية وص111 و140 ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: 20 و188 و191 و298 ط اسلامبول و: 22 و222 و226 و257 ط الحيدرية، اسعاف الراغبين للصبان الشافعي بهامش نور الأبصار: 128 ط السعيدية و:117 ط العثمانية بمصر، فرائد السمطين: 2/241 ح515 و252 ح521.
[9] أخرجه الحاكم في ص149 من الجزء الثالث من المستدرك عن ابن عباس، ثم قال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
يوجد في: الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي: 91 و140 ط الميمنية وص150 و234 ط المحمدية وصححه، احياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف: 114، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد: 5/93، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: 298 ط اسلامبول وص357 ط الحيدرية، جواهر البحار للنبهاني: 1/361 ط الحلبي بمصر.
[10] صحيح البخاري ج:6 ص:2612 )، صحيح مسلم : 1820.
[11] [13321])) رواه أحمد (1/5) (18). قال ابن تيمية في ((منهاج السنة)) (1/536): مرسل حسن، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/194): رواه أحمد – وفي الصحيح طرف من أوله – ورجاله ثقات إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)): رجاله ثقات إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر وللحديث شاهد.
[12] المستدرك علي الصحيحين ، ج1 ، ص150.
الحاكم النيسابوري بعد نقل الحديث یقول : هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين. و الذهبي ایضا یؤیده ، ج1 ، ص204 .
[13] (الدر المنثور) ج4 ص194.
[14] سورة الشورى: الآية (23).
[15] مسند أحمد بن حنبل 1: 331 و 3: 259، 285 و 4: 107 و 6: 292، 296، 298، 304 ، دار الفكر – بيروت.
، فضائل الصحابة – أحمد بن حنبل 2: 66 – 67 – 102 وغيره، مؤسسة الرسالة – بيروت ط 1
، التاريخ الكبير – البخاري 1: القسم الثاني: 69 – 70 و 110، دار الكتب العلمية – بيروت
، صحيح مسلم 4: 1883 – 2424، دار الفكر – بيروت ط 2
، الجامع الصحيح للترمذي 5: 351، 352، 663، 699، دار إحياء التراث العربي – بيروت.