مقالات

في ذكرى المبعث الشريف . ومضات من عظمة النبي الاكرم صلى الله عليه واله .

الحمد لله الذي تجلى لخلقه بنوره الاتم النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم , واودع فيه سره الأعظم هاديا به الى النور من غشيتهم الظلمه, جامعا فيه كل الفضائل والشيم .
كونه قبل التكوين . نورا يدهش الافئدة سنائه ويخطف الابصار ضيائه . فلما خلق ادم عليه السلام من الطين اودعه والائمة المعصومين في صلبه وامر الملائكة بالسجود له تعبدا فسجدوا جميعا الا أبليس
اغترته الحمية فاستكبر عن التعبد لله بالتسليم لامره فهو سلف المستكبرين كما وصفه امير المؤمنين في خطبته القاصعة .
فقد دلت روايات كثيرة عن ائمة اهل البيت عليهم السلام على ان علة أمر الله للملائكة بالسجود لادم وتفضيله عليهم هي أن  الله اودع في صلبه محمدا والائمة المعصومين من ذريته واشارت بعض الروايات الى إن  الاسماء التي امر الله أدم بإنباء الملائكة بها هي اسماء رسول الله والائمة من ولده عليه وعليهم افضل الصلاة واتم التسليم (1) واما علة تكبر أبليس عن السجود لآدم  فلم تكن الا حسده واعتراضه على هذا الامر . ولقد تكرر ذكر أمر  الله للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام في مواضع كثيرة في كتاب الله )القرآن الكريم ( وتناول القضية من جوانب مختلفة ليس بوسعنا عرضها في هذا المقال القصير . وهذا دليل مهم على أهمية هذه القضية من الناحية العقائدية ولعل الهدف المعتبر من تكرر ذكر هذه القصة في مواضع كثيرة هو اهميتها , فهي قضية مرتبطة بالتسليم لله سبحانه وتعالى في اوامره وهو الاصل الاول الذي ننطلق منه الى اعتناق العقيدة السليمة واداء تكاليفنا وعندما يغيب او يرفض من قبل العبد يحل التيه والتخبط والضلال . وفي سورة ص اوردت هذه القصة دون ذكر نقاش الملائكة وركزت الايات على موقف ابليس وعصبيته ورغبته الجامحة في إضلال الناس وإبعادهم عن صراط الله المستقيم المتمثل في الولاية لاولياء الله فكان ملعونا مطرودا من رحمة الله وقد بدات الايات المرتبطة بهذه القصه بوصفها بالنبا العظيم وهذا تاكيد على اهمية القضية واقل ما نستفيده من هذه المقدمة:
1- إن  مقام رسول الله صلى الله عليه وآله  اعظم من كونه نبي لامة معينة فهو والائمة من ولده عليه وعليهم افضل الصلاة واتم التسليم صفوة الله من الخلق ومن رفضهم تكبرا كان ملعونا مطرودا من رحمة الله.
2- ان التسليم لله امر محوري مرتبط بحقيقة توحيد الله .
3- ان بداية الصراع بين الحق المتمثل بولاية اولياء الله واتباعهم والباطل المتمثل في رفض التسليم لامر الله والاستكبار عن اتباع اولياء الله كانت حين رفض ابليس لامر الله سبحانه وتعالى في السجود لادم عليه السلام ولا يزال هذا الصراع قائما حتى يومنا هذا.
ثم اهبط الله ادم عليه السلام وزوجه الى دار البلية وتناسخ الذرية . واهبط معهما عدوهم واخذ الميثاق على الانبياء والرسل جميعا بالايمان به ونصرته وشاهده قول الله عز وجل { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا.قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين } وفي الاية اشارة الى تكليف الله لجميع الانبياء وامرهم باتباع رسول الله صلى الله عليه واله والايمان به دليل يثبت من جانب اخر على افضلية رسول الله صلى الله عليه واله على جميع انبياء الله ورسله وبالتبعية افضلية رسالته .

(سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله شاهد عظمته)
لقد كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه واله شاهدا ومصداقا لحكمة الله وتدبيره , فهو الانسان الكامل في اخلاقه وسلوكياته والحكيم في اقواله وافعاله , وقد شهد بذلك مجتمعه الذي ولد وعاش فيه وشهدت بذلك مجريات حياته وبعثته وهجرته ومسيرة دعوته من البعثة حتى شهادته , وعلى حد سواء شهد اتباعه وخصومه ومن درس سيرته من المفكرين من الملل المختلفة ولا بد لنا لمعرفة جوانب من عظمته من التطرق الى بعض الجوانب التي تميزت بها رسالته عن سائر الرسالات اولا ثم التطرق الى بعض الجوانب التي تتجلى فيها حكمته وحنكته.
_ مميزات الرسالة المحمدية على صاحبها افضل الصلاة والسلام
لو اردنا التطرق الى كل مميزات الرسالة المحمدية بشكل تفصيلي سيطول بنا المقال وهذا بخلاف المساحة المتاحة لنا ولكننا سنذكر اهم المميزات وهي ميزتين
1- عالميتها وهذا يعني انها غير مقيدة او مختصة بقومية او سلالة او منطقة او بلد او لغة او عرق او لون بخلاف الرسالات السابقة . التي كانت مرتبطة بقوم او سلالة او بلد او نطاق جغرافي معين , وهذا يعني ان مهمة رسول الله أعظم من مهمات الرسل وعظمة المهمة تنبئ عن عظمة المرسل والرسالة . فعظمة رسول الله صلى الله عليه واله تجلت في هذا الجانب في قدرته على التعامل مع هذا التنوع في المستهدفين برسالته والشواهد كثيرة في دعوته لاهل الكتاب ومبعوثية ابتداءا بمبعوثيه الى الحبشة قبل الهجرة واثرها ثم مبعوثيه الى الفرس والروم واليمن بل وهجرته الى اماكن متعددة للدعوة ودمجه لهذا التنوع في مجتمع واحد ومن الامثلة البسيطة مؤاخاته بين المهاجرين والانصار وهي خطوة بالغة الحكمة فلقد نتج عنها الغاء التمايزات السائدة . ولا شك ان التحديات كانت كبيرة بحجم المهمة فقد واجه رسول لله صلى الله عليه واله العشرات من الطغاة والكثير من المعتقدات والافكار الضالة وانطلق من منطقة بعيدة عن الحضارة والتنظيم مليئة بالخرافات والانحرافات العقائدية ومراكز النفوذ القبلية .
2- كونها خاتم الرسالات ومهيمنة عليها وموعودة بالظهور على الارض كلها وهذه الميزة ايضا تحمل المرسل اعباء تحتاج لقدرات خارقة لتضع اسس حضارة ستحكم كل الحضارات بدين الله الذي ارتضى فالاخطار والتهديدات كبيرة جدا ويمكن القول ان هذه المهمة تحتاج لوقت طويل جدا لتنفيذها بينما استطاع رسول الله صلى الله عليه واله تنفيذها خلال ثلاث وعشرون سنة . مع بقاء الكثير من التهديدات والاخطار ولكن الاسس متينة جدا حيث كانت المعالم واضحة في حال حدوث اي انحراف فخطبة رسول الله صلى الله عليه واله في غدير خم على سبيل المثال لا تزال نارا على علم يهتدى بها وتاخذ بيد الباحث الى الصراط القويم . وقصة تبليغ البراءة مثلها وهكذا تجد حيثما ينظر القارئ لسيرة رسول الله يجدها معلما بارزا يحفظ الدين ويقوم العقيدة .
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد واله الطاهرين
(1) كمال الدين وتمام النعمة ص 14 , بحار الانوار ج26 ص 283 ح383
بقلم السيد صادق الشرفي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى