قصيدة مدارس آيات
القصيدةِ مدارس آيات التي كتبها الشاعر دعبل الخزاعي قصة طريفة، وهذه القصة هي أنَّ الشاعر عام 198 للهجرة، دخل على الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا بخراسان، فقال له: “يا بن رسول الله، إنِّي قلتُ فيكم -أهلَ البيت- قصيدة، وآليتُ على نفسي ألَّا أنشدها أحدًا قبلك وأحبُّ أن تسمعَها منِّي”، فقال الإمام علي بن موسى: “هاتها”، فقال دعبل الخزاعي:
مدارس آيات خلتْ من تلاوةٍ ومهبطُ وحيٍ مقفِرُ العَرَصَاتِ
لآلِ رسولُ الله بالخيفِ من مِنًى وبالبيتِ والتعريفِ والجَمرات
ديارُ عليٍّ والحسينِ وجعفرٍ وحمزةَ والسُّجاد ذي الثَّفِنَاتِ
ديارٌ عفاها جورُ كلِّ منابذٍ ولمْ تَعْفِ بالأيَّامِ والسَّنواتِ
ديارٌ لعبدِ الله والفضلُ صنوهُ سليلُ رسول الله ذي الدَّعواتِ
منازلُ كانتْ للصَّلاة وللتُّقى وللصَّوم والتَّطهيرِ والحَسَنَاتِ
منازلُ جبريلُ الأمـينُ يحلُّها من الله بالتسليم والزَّكَواتِ
يقول دعبل الخزاعي: عندما وصلْتُ لقولي: أرى فيئهمْ في غيرهمْ متقسمًا وأيديهم من فيئِهمْ صَفراتِ بكى الإمام علي بن موسى، وقال صدقتَ يا خزاعي، فتابعتُ إنشادي إلى أن وصلتُ لقولي: إذا وتروا مدّوا إلى أهل وترهم أكفًّـا عن الأوتارِ منقَبضاتِ فبكى الإمام علي بن موسى حتّى أغميَ عليه، فأومأ إليّ خادم كان على رأسه: أن أسكت، فسكتُّ! فمكث ساعة ثم قال لي: أعد، فاعدتُ القصيدة ثانية، حتى انتهيت إلى هذا البيت أيضًا، فأصابه مثل الذي أصابه في المرة الأولى، فمكث الإمام الرضا ساعة أخرى ثم قال لي: أعِد، فأعدت القصيدة، فجعل يقلب كفيه ويقول: أجل والله منقبضات” يقول الخزاعي: فتابعت إنشادي القصيدة. وقد قيلَ للشاعر الخزاعي بعد أن أنشد الإمام القصيدة: لماذا أنشدته القصيدة بداية من بيت مدارس آيات ولم تبدأ بمطلعها الذي تقول فيه: ذكرتُ محلَّ الربع من عرفاتِ فأجريت دمعَ العينِ بالعَبَراتِ وفلَّ عُرى صبْري وهاجتْ صبَابَتِي رسومُ ديارٍ أقفرتْ وعُراتِ فقال: “استحييتُ من الإمامِ أنْ أنشِدَهُ التشْبيبَ فأنشدتُهُ المنَاقِبَ”. [٢]، وفيما يأتي شرحٌ لبعض أبيات القصيدة: مدارس آيات خلتْ من تلاوةٍ ومهبطُ وحيٍ مقفِرُ العَرَصَاتِ
لآلِ رسولُ الله بالخيفِ من مِنًى وبالبيتِ والتعريفِ والجَمراتِ
ديارُ عليٍّ والحسينِ وجعفرٍ وحمزةَ والسُّجاد ذي الثَّفِنَاتِ
يذكُرُ الشاعر دعبلُ الخزاعي مناطق في مكة المكرمة، مناطق عاش فيها آل بيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وعمَّرُها بالتلاوة والذكر ويذكر أنَّها اصبحت خالية من التعبُّدِ والتهجُّدِ بعد ما حدث من فرقة في المسلمين واقتتال أيام بدايات استلام الأمويين والعباسيين للخلافة الإسلامية، ثمَّ يتابع التفصيل في هذه الأماكن في الخيف ومنى ومكان رمي الجمرات في الحج، قبل أن يحدد بالاسم ديار الإمام علي بن بي أبي طالب وابنه الحسين بن علي وجعفر وحمزة وغيرهم من آل بيت رسول الله -عليه أفضل الصلاة والسَّلام-.
منازلُ كانتْ للصَّلاة وللتُّقى وللصَّوم والتَّطهيرِ والحَسَنَاتِ
منازلُ جبريلُ الأمـينُ يحلُّها من الله بالتسليم والزَّكَواتِ
ويذكر دعبل في هذه الابيات أنَّ هذه المنازل كانت آهلةً بالخير والتُّقى والعفاف والصلاة والصوم والعبادات بشكل عام، حيث كان يهبط وحي الله جبريل -عليه السلام- ويلقّنُ النَّبي أوامر الله تعالى، فكانَ الشاعر يمدح ويثني على أهل البيت خير الثناء وأحسنه، موافقًا مذهبه الديني الذي كان ينتمي إليه