مقالات

من اجل حضارة اسلامية

يختلف الإنسان عن سائر الكائنات الحية أنه أوتي نزعة في داخله تدعوه إلى السمو والتقدم والتكامل ، وهذه النزعة لا نجدها في جميع المخلوقات ؛ فالماء ـ مثلاً ـ لا يتحرك إلى الأعلى ، بل هو أبداً ينجذب إلى الأسفل باحثاً عن منحدر ثم‏عن حفرة ليستقر فيها ، بينما الإنسان يبحث عن القمم والتقدم والرقي ، إنه يهدف إلى أن يكون يومه خيراً من أمسه ،وغده خيراً من يومه ، وهو يطمح أن يكون أكثر مالاً وأكثر علماً وأكثر شهرة . ولولا هذه النزعة المتأصلة في ذاته لكان‏ واقعه يشبه واقع الأحياء الأخرى ؛ كما القرود والقطط والأسود . . . وغيرها مما يعيش ضمن واقع راكد ومتخلف ‏وبدائي .محتويات:

لكن الإنسان يفكر ويحاول ويسعى فيتقدم ، وهذا هو الذي دفع به إلى أن يطور مراحله التاريخية ، فتكون التالية أتقن ‏وأرقى من التي سبقتها . فهو ينتقل من العصر الحجري إلى عصر اكتشاف النار ثم الزراعة ثم البخار ثم الماكنة ثم إلى ‏عصر اكتشاف الذرة ؛ حيث يغزو فيه الفضاء ويرسل الصواريخ والأقمار الصناعية والسفن الفضائية بحثاً عمّا يجري في‏ المريخ والمشتري ، حتى وصل به الأمر إلى استطلاع الكواكب وأخبارها وهو جالس على مقعده في مركزه الأرضي هنا .
إن هذه النزعة وهذا الطموح هو الدافع للبشرية في الاستمرار ضمن عملية التنافس ، ونجد في التنافس صفة عميقة الجذور في النفس الإنسانية .

شي‏ء من تأريخ الإسلام‏

ففي يوم من الأيام وعهد من العهود كانت فيه الأمة الإسلامية تمثل القمة والتألق بالنسبة للحركة العالمية ولسائر الشعوب والدول والحضارات ، إذ كانت تجد في الحضارة المدنية الإسلامية كعبتها وقدوتها . فالعالم كله كان شديد الفضول والتطلع إلى الكشف عن تفاصيل حياة المسلمين ؛ كيف يفكرون وكيف يتعاملون وكيف يتقدمون وكيف وكيف . . . وسبب ذلك كله كان المسلمون القمة في التشريعات والتطبيقات ؛ في الحركة والتعاون ، في المال والاقتصاد ، في القوة والحرية . وليس عجباً أن نرى المؤرخين يؤكدون روعة التقدم الحضاري للمسلمين ، ويصورون أجمل الصور وأروعها عن طبيعة حياتهم ، حتى أن أحد المؤرخين لم يغفل عن إحصاء عدد الحمامات في بغداد ، حيث وصل إلى زهاء الألف ، وكذا المساجد والمدارس والمستشفيات و الحوزات العلمية ، وكانت أهمها الحوزة التي يشرف على إدارتها زعيم الشيعة ونقيب الطالبيين والأشراف السيد الشريف المرتضى الملقب بـ ( علم الهدى ) ومن بعده شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي ، اللذان كانا يهتمان كل الاهتمام بالطلبة والدارسين ، وكان من أمر علم الهدى أن صنع لكل واحد من‏ طلابه مفتاحاً خاصاً به لأخذ ما يحتاجه ـ من دون حرج ـ من بيت المال الخاص بالحوزة العلمية المشار إليها آنفاً ،حيث تجمع فيها المخصصات والنذورات والهدايا والحقوق الشرعية ، وما كان أحد من طلابه يأخذ أكثر من حاجته‏ اليومية . ولعمري إن في ذلك المصداق الأكبر في الأمانة من جهة ، والاهتمام بالتطور العلمي ، وما ذاك إلاّ صورة مصغرة للغاية عن عظمة ما وصلت إليه العقلية الإسلامية المخلصة والطامحة للتطور ، وسبق الأمم الأخرى من جهة ثانية .
لقد كان العالم يجهل حياة وطبيعة المسلمين ، ولكن الأمر قد انعكس تماماً في الزمن الحاضر ، وإذا الحضارة والقوة والقدرة قد انتقلت إلى مناطق أخرى ، فالمسلم أينما يولي وجهه فهو يسمع خبراً علمياً صادراً من أوروبا أو أميركا أو اليابان ، فاليوم تم اكتشاف علاج مرض السل ، وخبر آخر يشير إلى غزو الفضاء ، وآخر يتحدث عن التطور الصناعي ‏و . . و . .
بلى ؛ إن تطور وتقدم المسلمين آنذاك كانت له أسبابه ، واضمحلالهم ـ فيما بعد ـ كانت له أسباب أيضاً . وكذلك العالم ‏الغربي محكوم بنفس القانون ، فإذا كانت القوة والقدرة والرقي موجوداً اليوم في الحضارة المدنية الغربية ؛ فإن ذلك كله قد يتلاشى ـ وهو في طريقه إلى التلاشي ـ لمجرد ظهور أسبابه .

هزيمة المجتمع الغربي‏

وحيث كانت أطماع وأنانية معظم من حكموا بلاد المسلمين أحد أهم أسباب التراجع والنكسة والهزيمة التي حلت ‏بالمجتمع الإسلامي ، فإن الخواء الروحي يعد في طليعة أهم عوامل الانحدار الغربي . وللأسف الشديد فإن غالبية الشباب ‏المسلم في مجتمعاتنا لا يتصورون الغرب إلا عالماً متماسكاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، إذ يعتقدون فيه قمة التطور الإنساني أو نهاية التاريخ وحافته! متغافلين عن أن الغرب فيه ما فيه من المساوئ ما يندى لها الجبين ؛ على ‏الأقل لو تم فضحها في الوسائل الإعلامية والخبرية ؛ فضلاً عما لو أخذت ونوقشت مناقشة منطقية أو فلسفية تأريخية .
فمصادقة معظم برلمانات أوروبا الغربية على قانون إباحة الشذوذ الجنسي ، أو بنسبة فوز الرئيس الأميركي بيل كلينتون ‏بعد حصوله على أصوات الشاذين وسماحه لهم بالانخراط في صفوف الجيش ، أو المصادقة في معظم الولايات الأميركية على قانون حرية الإجهاض وقتل النفس المحترمة . . فهذه مجرد عيّنة مصغرة من طبيعة الانحدار الخلقي وتآكل البنية التحتية للمجتمعات الغربية ، ولعل السر في بقاء أنظمة هذه الدول في الحياة ، يكمن في عدم نهضة الشعوب الأخرى ‏لإبادة هذا التفسخ ، لا غير . .
ثم إن هذه الفوضى الإعلامية التي ملأت أسماع وأنظار العالم برمته بداعي مصرع زوجة ولي عهد إنكلترا المطلّقة تعد دليلاً دامغاً آخر على تفاهة العقلية ـ إن كان ثم عقل ـ الغربية ، فالقتيلة توفيت وهي ملاحقة من قبل الإعلاميين ‏الذين كانوا يتحينون فرصة التقاط صور فاضحة مع عشيقها الجديد المليونير المصري ، وكأنهم ـ الإعلاميين ـ لم‏ يكتفوا بالمغامرات العديدة السابقة للأميرة ، فهي وزوجها ولي العهد ليسا إلاّ رمزاً تافهاً للتفكك العائلي والانحطاط الخلقي والمغامرات غير الشريفة . ومن فداحة الخطب أن القارئ المسلم والشاب الشرقي المتطلع يواجه يومياً ولمرات لا حصر لها بأنباء هذا الحادث التافه ، وهذا بالذات ما يثير الشكوك تلو الشكوك حول ما إذا كانت هناك ثمة مؤامرة ومخطط صهيوني ـ تبعاً لما يمتلك اليهود من سيطرة شبه مطلقة على الصحافة العالمية ـ لتحويل الأميرة القتيلة إلى رمز للحرية والانطلاق المزعومين لزوجة كان من المقرر أن تكون ملكة لبريطانيا ، اختارت عدم التقيد بالأخلاق ـ التي‏ تصورها أبواق الدعاية والفضائح ـ على أنها من مخلفات الماضي ورجعية الإنسان القديم .
وإذا كانت العقلية والسلوك الغربيان الحاليان وليدَي نوع من الاستهتار بالقيم والأخلاق ومتطلبات الروح ، فإن الجيل ‏الأوروبي والأميركي في المرحلة الراهنة يعاني وسيعاني أكثر بكثير مما عاناه سلفه ؛ فالطفل يعيش التمزق بما تعنيه‏ الكلمة ، هذا الطفل الذي خلق اللَّه فيه غريزة الحب والحنين لأمه وأبيه أضحى كدمية ملقاة في زاوية غرفة خربة متروكة ، فهو لا يعرف أباه أو أمه ولم يشاهدهم منذ لحظة ولادته نتيجة الطلاق والتشرد . .
وهذا الواقع بالذات ما دعا البابا إلى الحديث عنه لدى إحدى زيارته لباريس ، حيث تناول في خطابه قضية حقوق‏ الإنسان والكرامة الإنسانية المهدورة في العالم الغربي ، وعن مسألة الإجهاض ، وعن التماسك العائلي المفقود . .
إننا في مجتمعنا المسلم إذا سمعنا نبأ طلاق حدث بين زوج وزوجته في منطقتنا أو محلتنا فإن الأفواه ستفغر ، والاستياء أو الاستنكار سيكون محور ردود أفعالنا وأحاديثنا ، مهما كان السبب لذلك الطلاق أو الانفصال . أما في المجتمع الغربي فإن‏ الانفصال هو رد الفعل الأول ، أو يكون هو الفعل بذاته لدى حدوث أي اختلاف في وجهات النظر على أبعد احتمال .

تفعيل الجانب الحضاري‏

والسؤال الذي يطرح نفسه بكل قوة في المرحلة الراهنة هو : كيف نقلب الصورة والواقع ونعود بالمجد والتقدم إلى‏ مجتمعنا المسلم ؟ أو على الأقل كيف نجعل الأحداث الدائرة في وطننا الإسلامي الأولى من حيث الصدارة لدى الرأي‏ العام العالمي ؟ ولماذا نسمع دوماً أنباء الاكتشافات من أميركا و أوروبا وليس من بلداننا ، فهل التقدم العلمي والصناعي ‏محرَّم على المسلمين ، أم أن اللَّه سبحانه وتعالى قد خلق الفكر والعقل والتقدم لأناس دون غيرهم ـ والعياذ باللَّه ـ ؟! فأين يكمن السر ؟ وكيف نغير المعادلة الظالمة هذه ؟
إن الواقع يشير إلى أن السر الحقيقي يكمن في أننا ـ نحن المسلمين ـ قد أهملنا جانباً أساسياً من الدين ؛ وهو الجانب الحياتي منه ، أهملناه واقتصرنا على مجموعة صغيرة من التعاليم المرتبطة بالعلاقة بين الإنسان وبين اللَّه سبحانه وتعالى . لقد أهملنا تعاليم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد في سبيل اللَّه ، وإرشاد الجاهل ، والاهتمام بالمحرومين ، وعشرات الأحكام الشرعية قد ألغيت من قاموسنا ، حتى أن الكثير من الكتب الفقهية الصادرة عن كبار العلماء لا تعالج‏ سوى أحكام النجاسات والطهارات والصلاة والصوم وكيفية دخول دورة المياه ، أما الحديث عن كيفية بناء المجتمع ، وتحقيق الكرامة للمسلمين ، والدفاع عن حقوقهم فهي بحكم المعدوم في الكتابات الفقهية .
ولو أننا عدنا إلى تفعيل الجانب الاجتماعي والحضاري للدين الإسلامي لأخذنا بزمام المبادرة التأريخية من جديد دون ‏أدنى شك . فالمسلمون إذا ما اهتموا بقاعدة التعاون والتكافل والعمل الجدي ، فإنهم سوف يتقدمون على غيرهم من‏الأمم .

الإيثار وحب الآخرين‏

إن التعاون والاتحاد أمران ليسا بحاجة إلى استدلال ، فهما يمثلان البنية التحتية لأي تطور ؛ والآن فإننا نسمع في نشرات ‏الأخبار الاقتصادية والمالية عن اندماج شركة من الشركات مع نظيرة لها ، أو أن البنك الفلاني أعلن عن اتحاده مع بنك ‏آخر ، وليس بالضرورة أن يكون هذا الاندماج أو ذاك الاتحاد نابعاً عن عجز في الميزانية أو حدوث فضيحة مالية ، بل ‏قد يكون العكس في كثير من الأحيان هو الصحيح ؛ إذ أن الغالب في عالم الاقتصاد المعاصر هو أن الشركات الكبرى‏ تتجنب احتمال حدوث العجز في ميزانيتها وموازنتها بواسطة الاندماج بشركات أخرى ؛ أضخم أو أضأل منها ، فهي‏تتحد مع شركة أخرى من أجل مواجهة التحديات الجديدة المحتملة .
ولكننا لم نؤمن بالشركات أو التعاونيات أو اندماجهما ، بل اقتصرنا على تشكيل هيئات لبناء مساجد أو حسينيات ‏ضمن عمل خيري مؤقت تشوبه الكثير من نماذج التمزق وعدم التسامح وعدم الاهتمام بأخلاقيات التعاون والعمل ‏المشترك ، من قبيل الصبر وسعة الصدر والاستقامة وروح التفاهم ؛ علماً أننا نعرف بفضل القواعد والرؤى الدينية لشريعتنا ، إن الناس يتفاوتون في تربيتهم وأخلاقهم وطبائعهم وألوانهم وألسنتهم وبصماتهم ؛ ونعرف أيضاً أن الدين قد بيّن لنا ضرورة التوليف بين أمثلة التفاوت هذه ، ليتكرس النصر والتقدم ؛ وليكون الأجر جزيلاً عند اللَّه سبحانه ‏وتعالى .
فمن الضروري جداً أن يعي الإنسان المسلم أهمية الاعتراف بوجود وشخصية أخيه المسلم ، تبعاً لمنطوق ومفهوم الآية القرآنية الكريمة القائلة : ﴿ … وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ 1. وهذا الاعتراف والإيمان يستدعي في نهاية المطاف مزيداً من الحب والاحترام ،والاستفادة من القدرات والطاقات والإمكانات .
واللَّه تبارك وتعالى قد بيّن أهم صفة من صفات المؤمنين في سورة الحشر ، وهي صفة الإيثار وحب الآخرين النابع من‏الاعتراف بهم .
فلقد استطاع الرسول المصطفى‏ صلى الله عليه وآله وسلم أن يخلق مجتمعاً جديداً في المدينة المنورة بعيد هجرته الشريفة من بين الأنصار والمهاجرين ، وفيهم العرب والعجم والروم والأحباش ، إذ صبّ أخلاقهم الدينية الجديدة في بوتقة واحدة لصالح الدين‏ ولصالح تفوقهم ـ كمسلمين مؤمنين ـ على بقية الأمم . ولعل النماذج في هذا الإطار عديدة وكثيرة ، حيث طلق‏ الأنصاري إحدى زوجاته وأعتق بعض عبيده وتنازل عن جملة من ماله أو أرضه أو مواشيه لصالح أخيه المسلم ‏المهاجر ؛ من أجل أن تتكافأ فرص العمل ، وليكون التقدم والتفوق أمراً مضموناً ، وذلك ضمن عملية المؤاخاة العظيمة بين أصحاب البلاد الأصليين والمهاجرين الجدد الذين قدموا مع الرسول المصطفى . وهي العملية التي لم يتمكن أي قائد على مرّ التأريخ من تنفيذها بين أتباعه ، فضلاً عن مستوى نجاحها المنقطع النظير ، فلقد كان الأنصاري يحرم نفسه من‏الطعام الذي قد لا يكون يملك سواه لإشباع أخيه المهاجر . وبهذه الأخلاق الحسنة والمصداقية الفائقة كان لهم أن‏ يوصفوا بقول اللَّه تعالى : ﴿ … وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ 2. فالفلاح في الدنيا رهين بممارسة هذه الأخلاقيات والاتصاف بهذه الصفات المثلى .
والأرقى من ذلك أن الأنصار قد بنوا أساساً متيناً من النجاح لأجيالهم القادمين ، حتى أنها ـ الأجيال ـ لم تكن تذكر أسلافها إلاّ بما هو خير ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ … ﴾ 3على العكس مما عليه نحن المسلمين في هذا الزمن ، حيث ندفع في مرحلتنا الراهنة الغالي والنفيس ثمناً لتراجع وانهيار وهزيمة رجال المرحلة السابقة لمرحلتنا .
أما القرآن الكريم فإنه يريد منا ـ كمسلمين ـ أن نصنع التأريخ ونصوّره كوحدة واحدة متكاملة مضمونها الخير والصلاح والتقدم نحو الأفضل ، على الضد من تلكم الصورة التي تلعن فيها الأمةُ الأمةَ التي سبقتها .
فالإيمان إذاً هو تربية الذات والارتقاء بالمجتمع وصناعة التأريخ . أما النفاق ؛ فهو ما امتاز أتباعه بالفرقة والتشرذم ‏والفرار من الحقيقة .
يقول ربنا تبارك وتعالى : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ 4. ومن خلال هذا الاستعراض الرائع ؛ يبين اللَّه تعالى حقيقة النفاق والمنافقين ، فبنيتهم قائمة على التشرذم والكذب ‏والغدر ، تبعاً إلى أنهم يفتقرون بشكل مطلق إلى أساس يرتكزون عليه . وعلى ضوء ذلك ؛ فإن أي إنسان يفتقر إلى‏قاعدة تربوية صالحة وتنعدم فيه سلوكيات الإيمان محكوم بانتمائه إلى جبهة النفاق والمنافقين ؛ وإن كان كثيراً ما يرفع ‏عقيرته ويدعي الإسلام والإيمان . وبعد ذلك ؛ فلا عجب أن يحل بأمتنا ما حلّ بها من ويلات وهزائم ، إذ الواقع المسيطر عليها ـ إلى نسبة كبيرة ـ هو واقع النفاق وصفاته والابتعاد عن الإيمان وصفاته المسلّم بها قرآنياً5 .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى