مقالات

لماذا يُقتل الولي وينجو الشقي 2


يحكي لنا التاريخ قصة من أعجب القصص في الاغتيال السياسي، وهي قصة اغتيال أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب(ع) الذي فقدناه بمثل هذه الأيام الرمضانية المباركة..
وملخص القصة كما ترويها المصادر المختلفة أنه أجتمع ثلاثة أشخاص من الخوارج بعد معركة النهروان في مكة المكرمة وتذاكروا إخوانهم الذي قتلهم الحق ببغيهم على الأمة وخروجهم على الحق المبين أمير المؤمنين(ع) وتكفيره، فبكوا على أولئك المجرمين واتفقوا على أن رؤوس الفساد في الأمة هم (علي بن أبي طالب خليفة المسلمين، ومعاوية بن أبي سفيان حاكم الشام الطاغي المتجبر، وحاكم مصر عمرو بن العاص الداهية) فيجب قتلهم وتخليص الأمة منهم..
يا ويلهم كيف جمعوا الحق مع الباطل..
والخير مع الشر..
والنور مع الظلمة..
والإمام العظيم، مع الشيطان الرجيم؟
قال أبو الفرج: (اجتمع بمكة نفر من الخوارج فتذاكروا أمر المسلمين فعابوهم وعابوا أعمالهم عليهم وذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم وقال بعضهم لبعض فلو أنا شرينا انفسنا لله فأتينا أئمة الضلال وطلبنا غرتهم فأرحنا منهم العباد والبلاد وثأرنا باخواننا الشهداء بالنهروان فتعاقدوا على ذلك عند انقضاء الحج، فقال عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله أنا اكفيكم علياً.
وقال البرك بن عبد الله التميمي(الصريمي): أنا اكفيكم معاوية..
وقال عمرو بن بكر التميمي: أنا اكفيكم عمرو ابن العاص..
فتعاقدوا وتواثقوا على الوفاء الا ينكل واحد منهم عن صاحبه الذي يتوجه اليه ولا عن قتله، واتعدوا لشهر رمضان في الليلة التي قتل فيها ابن ملجم علياً (عليه السلام).
فأما صاحب معاوية فإنه قصده فلما وقعت عينه عليه ضربه فوقعت ضربته في إليته، (وكانت كبيرة جداً لأنه يأكل ولا يشبع من دعاء النبي(ص) عليه) واخذ فجاء الطبيب اليه فنظر إلى الضربة، فقال: إن السيف مسموم فاختر إما أن أحمي لك حديدة فأجعلها في الضربة فتبر(وهو الكي بالنار)، أو إما أن أسقيك دواء فتبرأ وينقطع نسلك.
قال(معاوية): أما النار فلا اطيقها، واما النسل ففي يزيد وعبد الله ما يقر عيني وحسبي بهما، فسقاه الدواء، فعوفي وعالج جرحه حتى التأم ولم يولد له بعد ذلك.
وقال له البرك بن عبد الله: إن لك عندي بشارة، قال: وما هي؟ فأخبره بخبر صاحبيه، وقال له: إن عليا يقتل في هذه الليلة فاحبسني عندك فان قُتل فأنت ولي ما تراه في أمري، وإن لم يُقتل اعطيتك العهود والمواثيق أن أمضي فأقتله ثم أعود إليك فأضع يدي في يدك حتى تحكم في بما تراه، فحبسه عنده، فلما أتاه أن علياً قد قُتل خلَّى سبيله..
قال: وأما صاحب عمرو بن العاص فانه وافاه في تلك الليلة وقد وَجَدَ عِلَّةً فأخذ دواء واستخلف رجلاً (هو صاحب شرطته) يصلي بالناس يقال له: خارجة بن أبي حبيبة أحد بني عامر بن لؤي، فخرج للصلاة وشدَّ عليه عمرو بن بكر فضربه بسيفه فأثبته، وأخذ الرجل فأتى به عمرو العاص فقتله ودخل من غد إلى خارجة وهو يجود بنفسه فقال له: أما والله ابا عبد الله ما اراد غيرك، قال عمرو: ولكن الله أراد خارجة). (مقاتل الطالبيين: ص19)
يقول بن عبدون:
وليتها إذ فدتْ عمراً بخارجةٍ … فدتْ علياً بمن شاءت من البشر
قال ابن أبي الحديد عن سؤالنا: (فهل رأيتَ كتابنا وضع إلا على أن علياً كان قد امُتحن في أصحابه، و في دهره بما لم يُمتحن إمام قبله من الاختلاف، والمنازعة، والتشاحِّ من الرئاسة، والتسرع، والعجلة، وهل أُتي (ع) إلا من هذا المكان)..
إنه البلاء والامتحان الرباني لنا (ليميز الله الخبيث من الطيب)..


عظم الله اجركم يا مؤمنين..
تقبل الله عزاءكم ومواساتكم يا موالين..


التفاصيل راجع كتابنا
الإمام علي ع وحروب التأويل
الحسين أحمد السيد
ج 2 ص 646 وما بعدها..


ولا تنسونا من دعواتكم أرجوكم إخوتي الكرام..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى