مقالات

لقمان الحكيم…. العبد الصالح

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ

وإضافة إلى هذه المواعظ التي ذكرها الله تعالى، فقد وردت عن النبي والأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم) الكثير من المواعظ التي وعظ بها لقمان ابنه، كما وردت عنهم (عليهم السلام) أقوال في فضله وحكمته ومنزلته العظيمة عند الله وما وهبه الله من الحكمة وفضَّله بها على غيره، وهي أهم ما ميزه الله بها، كما ورد عن الإمام الكاظم (عليه السلام) في تفسير هذه الآية قوله لتلميذه هشام بن الحكم:

يا هشام، إنّ اللَّه قال: وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ يعني: الفهم والعقل.

نسبه .. موطنه .. والده

لا يمكن الاعتماد على قول محدد في نسب لقمان أمام كثرة الأقوال في ذلك حتى أن بعض الأقوال شطت كثيراً عن الحقبة التي عاش فيها ومن هذه الأقوال: أنه لقمان بن (ناحور بن تارح), وابن (باعور بن تارح), وابن (ليان بن ناحور بن تارح), وابن (عنقاء بن سرون)، وابن (عنقاء بن مربد)، وابن (عنقاء بن ثيرون)، وابن (كوش بن سام بن نوح).

والقول الأخير يتقاطع مع الروايات الكثيرة التي أكدت على أن لقمان عاش في زمن النبي داود (عليه السلام) وداود هو ابن إيشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن عوينادب ابن إرم بن حصرون بن فرص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. ومن المعروف أن سام بن نوح عاش قبل إبراهيم (عليه السلام)

كما روي أنه كان ابن أخت أيوب أو ابن خالته، وهذا النسب أيضاً يتقاطع مع الروايات عن مكانته الاجتماعية, وبغض النظر عن كل هذه الأقوال فإن هذا الموضوع ليس أكثر من دلالة على اسم فقط يوضع بعد اسم لقمان، فلم تكن لأسرته وجاهة في مجتمعها كما دلت على ذلك الروايات عن المعصومين (عليهم السلام) والتي أكدت على أنه كان عبداً حبشياً مملوكاً ومنها: حديث النبي (صلى الله عليه وآله): (اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان الحكيم, والنجاشي, وبلال الحبشي). (1)

وقوله (صلى الله عليه وآله) سادة السودان أربعة: (لقمان الحبشي، والنجاشي، وبلال، ومهجع) ومهجع هو خادم رسول الله (ص) وأول شهيد في معركة بدر كما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) (2)

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (كان لقمان عبداً حبشياً، وأنه أول عبد أعتق من العبودية على أثر مكاتبته مع مولاه). (3)

ورواية الإمام الصادق (عليه السلام) التي جاء فيها: (أما وَاللّهِ ما اُوتِيَ لُقمانُ الحِكمَةَ بِحَسَبٍ ولا مالٍ ولا أهلٍ ولا بَسطٍ في جِسمٍ ولا جَمالٍ …) (4) تؤكد هذا المعنى وتدل على أنه كان من الطبقة المسحوقة. وهناك روايات أخرى دلت على رقّه وإنه كان أسود نوبياً أو حبشياً أو مِن سودان مصر

أما الروايات الأخرى التي نسبته إلى قرية (آموريوم)، و(الرملة)، و(كومليس)، و(الشام)، و(الموصل)، و(أيلة)، فليس هناك ما يعضدها غير أنه هناك روايات تشير إلى أنه قد سكن فيها لفترة فنسبه إليها المؤرخون خطأ.

أما ابنه فقيل اسمه ثاران وجاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: إن اسمه ناتان. وقد وصفته بعض المصادر بأنه كان مشركاً ولعل علة قولهم هذا هو استدلالهم على وصية لقمان كما جاء في الآية الشريفة (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ..) لكن استدلالهم كان خاطئا فهذه الوصية لا تعني أن المُوصَى إليه كان مشركاً أبداً.

وقد أكدت وصايا لقمان على أن ابنه كان مؤمناً كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطّر وانشقّ. (5) ولو كان كافراً لما كان ليلتفت لقول أبيه.

مولده وعمره

وردت في ذلك روايات عديدة ولا يمكن الاعتماد على إحداها لأنها تفتقر إلى الدليل الذي يثبت صحتها, أولاً. وثانياً لأن بعضها يخالف النواميس الطبيعية لحياة الإنسان وهي من خيال المؤرخين الذين أولعوا بالأعداد الصحيحة. ومن هذه الروايات: أنه عاش مئتي سنة، وألف سنة وثلاثة آلاف سنة ، وثلاثة آلاف وخمسمائة سنة وقيل أنه: وعظ ابنه مدة أربعة آلاف سنة، وخدم أربعة آلاف نبيّا …). لكن كل هذه الروايات لا يمكن اعتمادها.

هل كان نبياً ؟؟

اختلفت الروايات في نبوّته من عدمها بين الرواة والمحدثين، يقول الثعلبي: اتّفق العلماء على أنّه كان حكيما ولم يكن نبيّا، إلاّ عكرمة فإنّه قال: كان لقمان نبيّا، تفرّد بهذا القول). (6)

ويذكر الطبرسي أصحاب القولين فيقول: اختُلف في لقمان، فقيل: إنّه كان حكيماً ولم يكن نبيّاً، عن ابن عبّاس ومجاهد وقتادة وأكثر المفسّرين، وقيل: إنّه كان نبيّاً، عن عكرمة والسدي والشعبي. (7)

ولكن الطبرسي يثبت القول الفصل بترجيح أحد هذين القولين بما ورد عن النبي وأئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) ــ وهم القرآن الناطق ــ بأنه لم يكن نبياً, كما في حديث النبي (صلى الله عليه وآله): حقا أقول، لم يكن لقمان نبياً، ولكنه كان عبداً كثير التفكر، حَسَن اليقين.. أحبّ الله فأحبه، ومنّ عليه بالحكمة.

وجاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: أوّل من كاتب لقمان الحكيم، وكان عبداً حبشياً. ولو كان نبياً لذكر ذلك. كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث طويل في وصفه لقمان الحكيم يدل على أنه كان معصوماً حيث قال:

أما والله ما أوتى لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال، ولكنه كان رجلا قوياً في أمر الله، متورِّعاً في الله، ساكتاً، سكيناً، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغنٍ بالعبر، لم ينم نهاراً قط، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستّره وعموق نظره وتحفّظه في أمره، ولم يضحك من شيء قط مخافة الإثم، ولم يغضب قط، ولم يمازح إنساناً قط، ولم يفرح لشيء إن أتاه من أمر الدنيا، ولا حزن منها على شيء قط.

وقد نكح من النساء وولد له الأولاد الكثيرة وقدم أكثرهم إفراطاً (أي مات له أولاد صغار قبل البلوغ) فما بكى على موت أحد منهم .. ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا .. ولم يسمع قولاً قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره وعمّن أخذه .. وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين، فيرثي للقضاة مما ابتلوا به، ويرحم الملوك والسلاطين لغرّتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه، ويجاهد به هواه، ويحترز به من الشيطان .. وكان يداوي قلبه بالتفكر، ويداري نفسه بالعِبَر .. وكان لا يظعن إلا فيما يعنيه، فبذلك اوتي الحكمة، ومُنح العصمة.

وإن الله تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة، فنادوا لقمان – حيث يسمع ولا يراهم – فقالوا: يا لقمان .. هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض، تحكم بين الناس ؟.. فقال لقمان : إن أمرني ربي بذلك فالسمع والطاعة، لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني، وإن هو خيّرني قبلت العافية، فقالت الملائكة: يا لقمان لِمَ ؟.. قال: لان الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين، وأكثر فتناً وبلاءً ما يُخذل ولا يُعان، ويغشاه الظلم من كل مكان، وصاحبه منه بين أمرين:

إن أصاب فيه الحق فبالحريّ أن يسلم، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً وضعيفاً، كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكماً سريّاً شريفاً .. ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما، تزول هذه ولا تدرك تلك (8)

وكان لقمان يكثر زيارة داود (عليه السلام) ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه، وكان داود يقول له: طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة، وصُرفت عنك البلية. (9)

وإضافة إلى أقوال المعصومين بعدم نبوته فقد استدل صاحب تفسير الأمثل على عدم نبوّته من القرآن حيث قال في تفسير سورة لقمان:

(ولا يوجد في القرآن دليل صريح على أنّه كان نبيّا أم لا، كما أنّ أسلوب القرآن في شأن لقمان يوحي بأنّه لم يكن نبيّاً، لأنّه يلاحظ في القرآن أنّ الكلام في شأن الأنبياء عادة يدور حول الرسالة والدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك وانحرافات البيئة، وعدم المطالبة بالأجر والمكافأة، وكذلك بشارة الأمم وإنذارها، في حين أنّ أيّا من هذه الأمور لم يذكر في شأن لقمان، والذي ورد هو مجموعة مواعظ خاصّة مع ولده (رغم شموليتها وعموميتها)، وهذا دليل على أنّه كان رجلاً حكيماً وحسب.

ثم يذكر حديث النبي (صلى الله عليه وآله) الوارد ذكره ويقول: (إنّ لقمان كان عبداً أسود من سودان مصر)

ولكنّه إلى جانب وجهه الأسود كان له قلب مضيء وروح صافية، وكان يصدق في القول من البداية، ولا يمزج الأمانة بالخيانة، ولم يكن يتدخّل فيما لا يعنيه.

واحتمل بعض المفسّرين نبوّته، لكن ــ كما قلنا ــ لا يوجد دليل على ذلك، بل لدينا شواهد واضحة على نقيض ذلك). (10)

عمله

اختلف المؤرخون كثيراً في مهنته، ونسب له البعض منهم أكثر من مهنة، لكن لم يستقر أحدهم على واحدة منها وترك الترجيح للقارئ باختيار إحدى الأقوال بعد تكرار لفظة (قيل) عدة مرات ومن المهن التي نُسبت إليه: أنه كان خيّاطاً، ونجّاراً، وراعياً، وحطّاباً، ونجّاداً ــ وهو الذي يرتق البسط والفرش والوسائد ويخيّطها. كما قيل إنه كان يتقن الطب. وقيل إنه كان قاضياً

ولكن كل هذه الأقوال ــ ما عدا الأخير ــ هي مجرد احتمالات فربما عمل بها لقمان كلها لأنه كان عبداً مملوكاً، أما كونه قاضياً فهو بعيد كل البعد عن الصحة وتفنّده مواعظه لابنه ورواية الإمام الصادق (عليه السلام) التي نصّت على أن لقمان رفض الحكم والقضاء.

سيرته

وردت في المصادر بعض الحوارات بين لقمان وبين بعض الناس دلّت على البون الشاسع بينه وبينهم، حيث يُستشف منها أنه كان يعيش في مجتمع مُكب على المعاصي والفواحش والتسلط والجبروت، في حين أنه كان قد بلغ الغاية من العبادة والفضيلة والأخلاق, وتدلنا رواية الإمام الصادق (عليه السلام) على مدى الأذى الذي تعرض له لقمان من مجتمعه والمعاناة التي كان يعانيها منه حيث يقول: (لما ضاق لقمان ذرعاً بمجتمعه واشتد غمّه به ولم يكن ثمة أحد يعينه على أمره أغلق بابه وجعل يعظ ابنه).

وقد وردت هذه الحوارات في كثير من المصادر ومن خلال هذه الحوارات نستشف أن لقمان لم يكن يتمتع بجمال ظاهري ولكن داخله كان يسطع نوراً وحكمة وهذه بعضها: قيل للقمان: ما أقبح وجهك ! قال: تعتب على النقش أو على فاعل النقش.

وقيل للقمان: ألست عبد آل فلان ؟.. قال: بلى، قيل: فما بلغ بك ما نرى ؟.. قال:  صدْقُ الحديث، وأداء الأمانة، وتركي ما لا يعنيني، وغضي بصري، وكفّي لساني، وعفتي في طعمتي، فمن نقص عن هذا فهو دوني، ومن زاد عليه فهو فوقي، ومن عمله فهو مثلي. (11)

وفي رواية اُخرى اختلف فيها جوابه لما سألوه عن سبب بلوغه هذا المقام من الحكمة تقول الرواية:

كان لقمان يعظ الناس فوقف رجل متعجباً وسأله: أنت لقمان ؟ أنت عبد بني النحاس ؟ فقال له لقمان: نعم. فأراد الرجل أن يستحقره أمام الناس فقال له: فأنت راعي الغنم الأسود ! فرد عليه لقمان بكل هدوء: أما سوادي فظاهر, فما يعجبك من أمري ؟ فقال الرجل وكأنه استكثر على لقمان ما بلغ من الشهرة والتفاف الناس حوله: وطء الناس بساطك وغشيهم بابك ورضاهم بقولك. فقال له لقمان بهدوئه المعهود: يا ابن أخي, إن صنعت ما أقول لك كنت كذلك.

فقال الرجل: ما هو ؟ فقال له لُقمان: غضي بصري, وكفي لساني, وعفة مطعمي, وحفظي فرجي, وقيامي بعدتي, ووفائي بعهدي, وتكرمتي ضيفي, وحفظي جاري, وتركي ما لا يعنيني, فذاك الذي صيّرني كما ترى)

وفي جواب ثالث لنفس السؤال يطرح لقمان عدة مواعظ أخرى حيث يقول: (صدق الحديث, وطول السكوت عما لا يعنيني)، وهذه الأجوبة رغم اختلافها إلا أنها تصب في مضمون واحد وتشكل المادة الأساسية للحكمة

الحكمة

هذه المواعظ التي اشترطها لقمان على من أراد أن يبلغ مكانته في الحكمة هي التي دعا إليها الإسلام، وهي أوامر الله تعالى وضعها على لسان لقمان لبيان فضله وحكمته، وتتلخص هذه الوصايا في الإيمان بالله، والإخلاص له، والعمل الصالح، والزهد، والتقوى والورع وأكل الحلال وتجنّب المعاصي، وفي مقابل العمل بهذه الوصايا يجازيه الله بالخير الكثير وهي الحكمة كما وصفها سبحانه وتعالى في قوله: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (12)

والحكمة مما أعطاه الله نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) كما ورد في قوله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (13)

وقد أفعم الله بها قلبه (صلى الله عليه وآله) وأجراها على لسانه, وتتطابق مواعظ لقمان مع أقوال النبي والأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم) في ذلك فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله) قوله:

كلمةُ الحكمة يسمعها المؤمن خيرٌ مِن عبادة سنة

وقوله (ص): كاد الحكيمُ أن يكون نبيّاً

وقوله (ص): كلمة الحكمة ضالّةُ المؤمن، فحيثُ وجَدَها فهو أَحقُّ بها

وعن حكيم الأمة بعد نبيها (ص) أمير المؤمنين (ع) أنه قال:

من أخلص لله أربعين صباحاً, يأكل الحلال, صائماً نهاره, قائماً ليله, أجرى الله سبحانه ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)

ومن أقواله (ع) في الحكمة

الحكمةُ روضة العقلاء، ونُزهة النبلاء.

الحكمةُ شجرة تَنبُت في القلب، وتُثمر على اللسان.

مَن خزائن الغيبِ تَظهر الحكمة.

من عُرِف بالحكمة لَحَظَته العيونُ بالوَقار والهيبة.

الحكيم يَشفي السائل، ويجود بالفضائل

الحكماء أشرف الناس أنفُساً، وأكثرهم صبراً، وأسرعُهم عفواً، وأوسعُهم أخلاقاً.

ومما جاء في أقوال المسيح بن مريم عليهما السلام قوله: إنّ الحكمة نورُ كلِّ قلب.

والحكمة تدل على الدين كما جاء في وصايا لقمان: يا بني تعلم الحكمة تشرف، فإن الحكمة تدل على الدين، وتشرف العبد على الحر، وترفع المسكين على الغني، وتقدم الصغير على الكبير، وتجلس المسكين مجالس الملوك، وتزيد الشريف شرفاً، والسيد سؤدداً، والغني مجداً، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيّأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة، ولن يهيئ الله عز وجل أمر الدنيا والآخرة إلا بالحكمة ؟! ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بلا نفس، أو مثل الصعيد بلا ماء، ولا صلاح للجسد بلا نفس، ولا للصعيد بغير ماء، ولا للحكمة بغير طاعة.

وكما جاء في قول الإمام الصادق (ع): إنّ الحكمةَ المعرفةُ والتفقُّه في الدِّين، فمَن فَقِه منكم فهو حكيم.

وهناك أقوال كثيرة في فضل الحكمة توزعت في بطون الكتب

حكمته في السلوك

ولم تقتصر حكمة لقمان على الألفاظ بل كان يطبق الحكمة في سلوكياته من ذلك ما روي أنه قال لولده في وصيته:

لا تعلّق قلبك برضا الناس ومدحهم وذمهم، فإن ذلك لا يحصل، ولو (أنه) بالغ الإنسان في تحصيله بغاية قدرته.

فقال له ولده ما معناه: أحب أن أرى لذلك مثلاً أو فعالاً أو مقالا.

فقال له: أخرج أنا وأنت، فخرجا ومعهما بهيم (حمار)، فركبه لقمان وترك ولده يمشي خلفه، فاجتازا على قوم، فقالوا: هذا شيخ قاسي القلب، قليل الرحمة، يركب هو الدابة، وهو أقوى من هذا الصّبي، ويترك الصّبي يمشي وراءه، إن هذا بئس التدبير، فقال لولده: سمعت قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك ؟ فقال: نعم، فقال: اركب أنت يا ولدي حتى أمشي أنا، فركب ولده ومشى لقمان، فاجتازا على جماعة أخرى، فقالوا: هذا بئس الوالد، وهذا بئس الولد، أما أبوه، فإنه ما أدّب هذا الصّبي حتى ركب الدابة، وترك والده يمشي وراءه، والوالد أحق بالاحترام والركوب، وأما الولد، فإنه قد عق والده بهذه الحال، فكلاهما أساء في الفعال، فقال لقمان لولده: سمعت؟ فقال: نعم. فقال: نركب معا الدابة، فركبا معا، فاجتازا على جماعة، فقالوا: ما في قلب هذين الراكبين رحمة، ولا عندهم من الله خير، يركبان معا الدابة، يقطعان ظهرها، ويحمّلانها ما لا تطيق، لو كان قد ركب واحد، ومشى واحد، كان أصلح وأجود، فقال: سمعت ؟ قال: نعم، فقال: هات حتى نترك الدابة تمشي خالية من ركوبنا، فساقا الدابة بين أيديهما وهما يمشيان، فاجتازا على جماعة، فقالوا: هذا عجيب من هذين الشخصين يتركان دابة فارغة تمشي بغير راكب، ويمشيان، وذموهما على ذلك كما ذموهما على كل ما كان. فقال لولده: أترى في تحصيل رضاهم حيلة لمحتال ؟ فلا تلتفت إليهم، واشتغل برضى الله جل جلاله، ففيه شغل شاغل، وسعادة وإقبال في الدنيا ويوم الحساب والسؤال.

ومن حكمته ما روي أن سيده دعاه، فقال: اذبح شاة فأتني بأطيب مضغتين منها، فذبح شاة وأتاه بالقلب واللسان، فسأله عن ذلك فقال إنهما أطيب شي‏ء إذا طابا وأخبث شي‏ء إذا خبثا. وكانت الحكمة تتجلى حتى في صمته فروي إنه دخل على داود وهو يسرد الدرع، وقد ليّن الله له الحديد كالطين، فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت، فلما أتمّها لبسها، وقال: نعم لبوس الحرب أنت، فقال:

الصمت حكمة وقليل فاعله، فقال له داود (ع): بحق ما سُميت حكيما.

وكان لقمان يطيل الجلوس وحده فكان يمرّ به مولاه فيقول : يا لقمان!.. إنك تديم الجلوس وحدك فلو جلست مع الناس كان آنس لك، فيقول لقمان: إن طول الوحدة أفهم للفكرة، وطول الفكرة دليل على طريق الجنة.

تلامذته

كانت الحكمة التي وهبها الله لقمان ضالة الحكماء في عصره، وقد بهروا بهذه الحكمة الإلهية التي أجراها الله على لسان عبده الصالح، فسعوا للتعلم منه والاستفادة من حكمته فكان من تلاميذه: فيثاغورس حكيم اليونان وجاماسب حكيم الفرس.

وروي: إن الحكيم اليوناني انباذقلس تعلّم الحكمة من لقمان في بلاد الشام ونقلها إلى اليونان. (14)

وقال الشيخ عباس القمي: (إن بطليموس كان تلميذ جالينوس, وجالينوس تلميذ بليناس, وبليناس تلميذ أرسطو, وأرسطو تلميذ افلاطون, وأفلاطون تلميذ سقراط, وسقراط تلميذ جاماسب, وجاماسب من تلامذة لقمان الحكيم). (15)

ومن تلامذة لقمان أيضاً كشتاسب

لقمان الحكيم وسلمان الفارسي

لقد منّ الله على المسلمين برسول الله (ص) خير خلقه وسيد رسله, كما منّ عليهم بأوصيائه من بعده وهم أئمة الهدى ومصابيح الدجى من أهل بيته (ع)، وهم ينبوع الحكمة الذي تهافت عليه طلابها من أصحابهم، ولو كان لقمان قد عاش في عصرهم (ع) لكان من أبرز تلاميذهم وأصحابهم، ولكن الله هيأ من كان مثله من عاصرهم، فقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال في وصف سلمان الفارسي:

مَن لَكُم بِمِثلِ لُقمانَ الحَكيمِ، وذلِكَ امرُو مِنّا أهلَ البَيتِ، أدرَكَ العِلمَ الأَوَّلَ وأدرَكَ العِلمَ الآخِرَ، وقَرَأَ الكِتابَ الأَوَّلَ وقَرَأَ الكِتابَ الآخِرَ، بَحرٌ لا يُنزَفُ. (16)

ويدل هذا الحديث على أن سلمان (رضوان الله عليه) كان نظير لقمان في الحكمة، ولكن لسلمان الفضل على لقمان في جهاده مع رسول الله ووقوفه إلى جانب الحق مع أمير المؤمنين (ع) بعد وفاة النبي (ص) كما جاء في قول الإمام الصادق (ع): سَلمانُ خَيرٌ مِن لُقمان. (17)

وإضافة إلى سلمان فقد شبّه الإمام الرضا (ع) اثنين من أصحاب أبيه وجده بلقمان وهما أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار ويونس بن عبد الرحمن كما جاء عنه (ع): أبو حَمزَةَ الثُّمالِيُّ في زَمانِهِ كَلُقمانَ في زَمانِهِ، وذلِكَ أنَّهُ قَدِمَ أربَعَةً مِنّا: عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ، ومُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ، وجَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ، وبُرهَةً مِن عَصرِ موسَى بنِ جَعفَرٍ عليهم السلام. ويونُسُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ كَذلِكَ هُوَ سَلمانُ في زَمانِهِ. (18)

قبره

قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: (وفي شرقي بحيرة طبرية قبر لقمان الحكيم وابنه، وله باليمن قبر، واللّه أعلم بالصحيح منهما). (19) وهناك قول آخر عن موضع قبره وهو: (أن قبره بمنطقة بلجرشي بقبيلة غامد في قرية تدعى حزنة) كما ذكرت بعض المصادر: إن قبره في أيلة, وأخرى في الرملة, وأخرى في الاسكندرية.

مواعظه

لو قيِّض لمن يجمع هذه النفائس من بطون الكتب في كتاب ويبوّبها في مواضيعها لأغنى به المكتبة الفكرية والفلسفية بمنتهى ما وصلت إليهما, فهذه الوصايا الإلهية التي أوصى بها لقمان ابنه تعد مدرسة فلسفية قائمة بذاتها وقد احتوت على ينابيع متدفقة من العلوم والمعارف الدينية والدنيوية وفي كافة مجالات الحياة وقد اعتمدنا على نقل بعضها من أوثق المصادر التي نقلتها عن الأئمة المعصومين (ع) ــ وهم ترجمان القرآن ــ ومن هذه المصادر:

من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق، وبحار الأنوار للمجلسي، والكافي للكليني، وتنبيه الخواطر للشيخ ورام وغيرها من المصادر، وهذه المواعظ هي الغاية التي أراد الله بها من الإنسان وقد عمل بها لقمان قبل أن يوصي بها فبلغ بها الغاية القصوى من التكامل البشري واستحق الاشادة من الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم فكان يسعى لنشرها في المجتمع وبدأ بوعظ ابنه وجهد في ذلك واجتهد, قال الإمام الصادق (ع) فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطّر وانشقّ فلم يكن لقمان والداً في النسب فقط بل كان المعلم والموجّه والمؤدّب والأب الروحي الشفيق بولده وهذه باقة من مواعظه:

في الحذر من الدنيا

يا بني: إن الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله، واجعل شراعها التوكل على الله، واجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله وإن هلكت فبذنوبك.

في السفر وآدابه

يا بني: سافر بسيفك وخفّك وعمامتك وخبائك وسقائك وخيوطك ومخرزك، وتزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لأصحابك موافقا إلا في معصية الله عزَّ وجل.

يا بني: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، فإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تتثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورته، فإن من لم يمحص النصيحة من استشاره سلبه الله رأيه، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، فإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، واسمع لمن هو أكبر منك سنا، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل نعم ولا تقل لا، فإن «لا» عيّ ولؤم، وإذا تحيّرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب، لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى، لأن العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

يا بني: إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء، صلّها واسترح منها فإنها دين، وصلّ في جماعة ولو على رأس زج ولا تنامنّ على دابتك، فإن ذلك سريع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل، فإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك، فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا، وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها وسلم على أهلها، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة.

وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبتدئ فتصدق منه فافعل، وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير في أول الليل إلى آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك.

في النساء

يا بني النساء أربع: اثنتان صالحتان واثنتان ملعونتان، فأما إحدى الصالحتين: فهي الشريفة في أهلها الذليلة في نفسها التي إن أعطيت شكرت وإن ابتليت صبرت، القليل في يديها كثير.

والثانية: الولود الودود تعود بخير على زوجها، هي كالأم الرحيم تعطف على كبيرهم وترحم صغيرهم، وتحب ولد زوجها وإن كانوا من غيرها، جامعة الشمل مرضية البعل مصلحة في النفس والأهل والمال والولد، فهي كالذهب الأحمر، طوبى لمن رزقها، إن شهد زوجها أعانته وإن غاب عنها حفظته.

وأما إحدى الملعونتين: فهي العظيمة في نفسها الذليلة في قومها، التي إن أعطيت سخطت وإن منعت عتبت وغضبت، فزوجها منها في بلاء وجيرانها منها في عناء، فهي كالأسد إن جاورته أكلك وإن هربت منه قتلك.

والملعونة الثانية: فهي قلًى عن زوجها وملهى جيرانها، إنما هي سريعة السّخطة، سريعة الدمعة إن شهد زوجها لم تنفعه، وإن غاب عنها فضحته، فهي بمنزلة الأرض النشّاشة إن أسقيت أفاضته الماء وغرقت، وإن تركتها عطشت وإن رزقت منها ولدا لم تنتفع به، يا بني لو كانت النساء تذاق كما تذاق الخمر ما تزوج رجل امرأة سوء أبدا.

في مواضيع مهمة شتى

يا بني: أحسن إلى من أساء إليك، ولا تكثر من الدنيا فإنك على غفلة منها، وانظر إلى ما تصير منها.

يا بني: لا تأكل مال اليتيم فتفتضح يوم القيامة وتكلف أن ترده إليه.

يا بني: لو أنه أغنى أحد عن أحد لأغنى الولد عن والده.

يا بني: لا يغرنك خبيث اللسان فإنه يختم على قلبه وتتكلم جوارحه وتشهد عليه.

يا بني: لا تشتم الناس فتكون أنت الذي شتمت أبويك.

يا بني: لا يعجبك إحسانك ولا تتعظمن بعملك الصالح فتهلك.

يا بني: إن كل يوم يأتيك يوم جديد يشهد عليك رب كريم.

يا بني: إنك مدرج في أكفانك ومحل قبرك ومعاين عملك كله.

يا بني: كيف تسكن دار من أسخطته؟ أم كيف تجاور من عصيته؟

يا بني: عليك بما يعنيك، ودع عنك ما لا يعنيك، فإن القليل منها يكفيك، والكثير منها لا يعنيك.

يا بني: إنه قد أحصى الحلال الصغير فكيف بالحرام الكثير!

يا بني: اتق النظر الى ما لا تملكه وأطل التفكر في ملكوت السموات والأرض والجبال وما خلق الله، فكفى بهذا واعظا لقلبك.

يا بني: املك نفسك عند الغضب حتى لا تكون لجهنم حطبا.

يا بني: الفقر خير من أن تظلم وتطغى.

يا بني: إياك أن تستدين فتخون من الدين.

يا بني: إياك أن تستذل فتخزى.

يا بني: إنك كما تزرع تحصد وكما تعمل تجد.

يا بني كن لليتيم كالأب الرحيم وللأرملة كالزوج العطوف.

يا بني: الجار ثم الدار.

يا بني: الرفيق ثم الطريق.

يا بني: الوحدة خير من صاحب السوء.

يا بني: الصاحب الصالح خير من الوحدة.

يا بني: نقل الحجارة والحديد خير من قرين السوء.

يا بني: شاور الكبير ولا تستحي من مشاورة الصغير.

يا بني: إياك ومصاحبة الفسّاق، هم كالكلاب إن وجدوا عندك شيئا أكلوه وإلا ذموك وفضحوك، وإنما حبهم بينهم ساعة.

يا بني معاداة المؤمنين خير من مصادقة الفاسق.

يا بني: ابدأ الناس بالسلام والمصافحة قبل الكلام.

يا بني: لا تكالب الناس فيمقتوك ولا تكن مهينا فيذلوك، ولا تكن حلواً فيأكلوك، ولا تكن مراً فيلفظوك.

يا بني: إياك والتجبر والتكبر والفخر فتجاور إبليس في داره.

يا بني: دع عنك التجبر والكبر ودع عنك الفخر واعلم أنك ساكن القبور.

يا بني: ويل لمن تجبر وتكبر كيف يتعظم من خلق من طين وإلى طين يعود، ثم لا يدري إلى ماذا يصير، إلى الجنة فقد فاز أو إلى النار فقد خسر خسرانا مبينا وخاب.

كفى بالقناعة عزاً

يا بني: صاحب مائة ولا تعاد واحدا ….

يا بني: تعلّم من العلماء ما جهلت ، وعلّم الناس ما علمت

يا بني: كيف يتجبر من قد جرى في مجرى البول مرتين ….

يا بني: لا تأكل شبعاً على شبع، فإنك إن تلقه للكلب خيرٌ من أن تأكله.

يا بني: إياك والدَّين، فإنه ذلُّ النهار همّ الليل.

يا بني لا تتخذ الجاهل رسولاً، فإن لم تصب عاقلاً حكيماً يكون رسولك فكن أنت رسول نفسك.

يا بني اعتزل الشر يعتزلك.

يا بني كن أميناً تعش غنياً.

يا بني لا تحقرن أحداً بخلقان ثيابه، فإن ربك وربه واحد.

يا بني املك نفسك عند الغضب حتى لا تكون لجهنم حطباً.

يا بني الفقر خير من أن تظلم وتطغى.

يا بني إياك وأن تستدين فتخون في الدين.

يا بني إياك أن تستذل فتخزى.

يا بني: كذب من قال: إن الشر يطفأ بالشر، فإن كان صادقاً فليوقد نارين، ثم لينظر هل يطفأ إحداهما الأخرى؟ وإنما يطفىء الخير الشر كما يطفئ الماء النار.

محمد طاهر الصفار

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

…………………………………………………………..

 الهوامش

1 ــ المعجم الكبير للطبراني ج 11 ص 159 / تفسير السيوطي ص 625

2 ــ تهذيب الأحكام للطوسي ج ٦ كتـاب الجهاد حـديث رقم ٦ ص ١٧٠

3 ــ جامع أحاديث الشيعة للسيد حسين البروجردي ج 24 ص 675 رقم الحديث ٣٥٩٩٢

4 ــ العلم والحكمة في الكتاب والسنة لمحمد الريشهري ص ٤٣٦

5 ــ بحار الأنوار للمجلسي ج ١٣ ص ٤١١

6 ــ تفسير الثعلبي  ج 7 ص 312 .

7 ــ مجمع البيان  ج 8 ص 439

8 ــ بحار الأنوار ج ١٣ ص ٤٠٩ ــ 410

9 ــ التفسير الصافي للفيض الكاشاني ج ٤ ص ١٤٣

8 ــ التفسير الصافي للفيض الكاشاني ج ٤ ص ١٤٣

10 ــ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي ج ١٣ ص ٣٩ ــ 40

11 ــ البداية والنهاية  ج 2 ص 124 ، تفسير ابن كثير  ج 6 ص 337 

12 ــ البقرة 269

13 ــ آل عمران 164

14 ــ تاريخ كزيده

15 ــ الكنى والألقاب ج 2 ص 74

16 ــ الغارات للثقفي ج 1 ص 177 ، بحار الأنوار  ج 10 ص 123

17 ــ بصائر الدرجات للصفار  ص 18 ، بحار الأنوار  ج 22 ص 331

18 ــ  اختيار معرفة الرجال  ج 2 ص 458

19 ــ معجم البلدان ج 4 ص 19

المصدر : العتبة الحسينية المقدسة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى