مقالات
من يشفع شفاعة حسنة
قال تعالى : {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}[النساء : 85] .
« من يشفع شفاعة حسنة » قيل فيه أقوال ( أحدها ) إن معناه من يصلح بين اثنين « يكن له نصيب منها » أي يكن له أجر منها « و من يشفع شفاعة سيئة » أي يمشي بالنميمة « يكن له كفل منها » أي إثم منها عن الكلبي عن ابن عباس ( و ثانيها ) إن الشفاعة الحسنة و الشفاعة السيئة شفاعة الناس بعضهم لبعض عن مجاهد و الحسن قال ما يجوز في الدين أن يشفع فيه فهو شفاعة حسنة و ما لا يجوز أن يشفع فيه فهو شفاعة سيئة قال و من يشفع شفاعة حسنة كان له فيها أجر و ثواب و إن لم يشفع لأن الله قال « و من يشفع » و لم يقل و من يشفع و يؤيد هذا قوله ( اشفعوا تؤجروا ) و قوله ( من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في ملكه و من أعان على خصومة بغير علم كان في سخط الله حتى ينزع ) ( و ثالثها ) إن المراد بالشفاعة الحسنة الدعاء للمؤمنين و بالشفاعة السيئة الدعاء عليهم عن أبي علي الجبائي قال لأن اليهود كانت تفعل ذلك فتوعدهم الله عليه ( و رابعها ) ما قاله بعضهم إن المراد بالشفاعة هنا أن يصير الإنسان شفع صاحبه في جهاد عدوه فيحصل له من هذه الشفاعة نصيب في العاجل من الغنيمة و الظفر و في الآجل من الثواب المنتظر و إن صار شفعا له في معصية أو شر حصل له نصيب من المذمة في العاجل و العقوبة في الآجل و الكفل الوزر عن الحسن و قتادة و هو النصيب و الحظ عن السدي و الربيع و جميع أهل اللغة فكأنه النصيب من الشر « و كان الله على كل شيء مقيتا » قيل في معنى المقيت أقوال ( أحدها ) أنه المقتدر عن السدي و ابن زيد ( و ثانيها ) الحفيظ الذي يعطي الشيء قدر الحاجة من الحفظ عن ابن عباس ( و ثالثها ) الشهيد عن مجاهد ( و رابعها ) الحسيب عنه أيضا ( و خامسها ) المجازي عن أبي علي الجبائي أي يجازي على كل شيء من الحسنات و السيئات .
تفسير مجمع البيان