مقالات

لماذا يُقتل الولي وينجو الشقي ٣


التاريخ نهر عباب فيه الماء الزلال، وفيه كل أنواع وأشكال الحياة، والزبد يظهر على سطحه وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، كما في الآية الكريمة التي تتحدث عن الماء..
فماء العلم – إذا صحَّ التشبيه – هو التاريخ، ومَنْ لم يحسن قراءة التاريخ لن يكون له دور في الحاضر، وربما لا وجود في المستقبل، لأن الحضارات البشرية تصنعها أيدي الأنبياء، والأولياء، والعلماء ويخطفها النصابون والدجالون والجهال..
فالحضارة على مرِّ التاريخ لها جانبان هما؛ مادي، ومعنوي..
جسد وروح..
مظاهر وجواهر..
فالمظاهر من صنع البشر وأما الجواهر فهي كالأرواح نفخة أو نفحة إلهية بامتياز لأن البشر قاصر عن معرفتها فكيف عن التحكم بها أو إعطائها لمَنْ يريدها..
فالتاريخ يخبرنا عن الحضارة – أي حضارة – انها تنطلق عندما تنطلق على أسس رصينة، وأفكار بناءة، ويقودها أمناء وعلماء، فيرسخوا البنيان ويعلوا الجدران على قواعد فكرية صحيحة، وسليمة وقوية، فروح الصلاح ترفعها، وأيدي الصالحين تجمعها لخير الإنسان، ورفعة شأنه في هذه الحياة، ليتكامل روحياً ويسمو معنوياً..
ولكن لكل إنسان عمر محدد وهو قصير نسبياً بالنسبة لعمر المجتمعات البشرية، فما أن يغمض النبي أو المصلح عينيه حتى يقفز إلى الواجهة أصحاب المصالح والمتربصين به، الذين ينتظرون الوثبة عندما يرونها مناسبة لهم، ليقطفوا الثمرة ويتسلطوا على الأمة والشعب بغير حق، ولا استحقاق، بل بهوى النفس وحب السيطرة ورغبة في الجاه والمال وغيرها..
فالتاريخ هو تاريخ الأنبياء وليس الشياطين..
والحضارات هي حضارات إنسانية لا حيوانية بهيمية.. وهي للبناء لا للدمار والفناء..
لأن الأنبياء رسل الله الخالق لإنقاذ البشر والطغاة مطية الشيطان لإغوائهم، وحربهم وفنائهم..
فعلينا أن ندرس تاريخنا جيداً، ونأخذ منه العبرة الحق، وندع العصبية الجاهلية المقيتة التي دمرتنا، فصرنا مضرب مثل في الغباء في أمم الأرض وشعوبها الآن، ونحن (خير أمة أخرجت للناس)..
فالتاريخ الحق هو الذي يخبرنا عن الحق وأهله، أما آن لنا أن نعرفهم ونرجع إليهم لتعود لنا كرامتنا، وعزتنا، وشموخنا، وسؤددنا وبالتالي حضارتنا ولا أقل نعود إلى مسرح الحضارات العالمية كقوة أساسية فيها..
فرسول الله(ص) قالها منذ قرون: «عليّ مع القرآن، والقرآن مع عليّ».
و«عليّ مع الحقّ، والحقّ مع عليّ».
و«عليّ مع الحقّ والقرآن، والحقّ والقرآن مع عليّ».
و«عليّ على الحقّ؛ من اتّبعه اتّبع الحقّ، ومن تركه ترك الحقّ».
ومازلنا نقتل الحق، والقرآن، وعلياً في كل يوم تحت راية معاوية بن أبي سفيان، وبسيف ابن ملجم المرادي، أما آن لهذه الأمة أن تعرف معاوية وعظيم جرمه وخطره على هذه الأمة المنكوبة به وبأمثاله؟؟
أيها الناس؛ يا أمة الحبيب المصطفى؛ علي هو الماء لكم ولحضارتكم، وكل ما عداه زبد وغثاء..
حضارتنا تليدة، ولكن أمتنا مريضة، فالمرض معاوية وأهله من بني أمية الطلقاء اللعناء، والدواء علي وأهل البيت الأطهار الأبرار(ع)، وعلينا أن نختار فإما الجنة أو النار..
وفي النص المتواتر: (علي قسيم الجنة والنار)..

الحسين كريمو

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى