وتبقى لاؤه
شَحَذَ الخُطى حينَ اشتهتهُ سماؤهُ *** وهـجـاً، تُـعـفِّـرُ خدَّها أضواؤهُ
لم يَـعـنـهِ الـعـمرُ المقرَّحُ، هـمُّـهُ *** وجـهُ الـحـبيبِ وقد دنت أفياؤهُ
عَبَرَ السنينَ مـرفـرفـاً بـيـقـيـنهِ *** مـن فـرطِ نـشـوتـها تسيلُ دماؤهُ
غدقًا تـشـرّبـهـا الـفراتُ فأزهرت *** فـي كـلِّ بـيـتٍ عَـبرةً أرزاؤهُ
مـا لـقـلـقَ الـموتُ استواءَ قرارِهِ *** أنّـى يـرومُ ولـوّحت زهراؤهُ؟
الذلُّ طأطأ يـسـتـمـيـحُ وما جثا *** حـتّـى تـمـخّـضَ بالإبـاءِ ولاؤهُ
ومضى يـلـقّـنُـهـا الـعقولُ رشادَها *** نـهـجـاً تُـمـاطُ بـنورهِ ظلماؤهُ
لم يـكـتـرث عـطـشًا وجازَ بأهلهِ *** سُـبُـلَ الـمـنـيّةِ غـوثُهُ حوراؤهُ
وهَـبَـتهُ قـلـبـاً لا يـلـيـنُ لـغـاشـمٍ *** بَـذَلَ الـعـفـافَ، عــبـاؤهُ لأواؤهُ
تـمـشي على الأعباءِ تبسطُ صَبرها *** لـلـظـامـئـيـنَ رجالُهُ ونساؤهُ
ركْبٌ نـجـابـتـهـم تُـقـطّرُ عِزّةً *** ومــروءةً فـاضـت بـهـا أظـمـاؤهُ
لـثَـراهُ عِـطـرٌ ثـائـرٌ يـسـتـنـهـضُ الـجــســدَ الـعـليلَ، دواؤهُ وشـفاؤهُ
أعـيت مناقبُهُ الخصومَ فأُركِست *** يـسـمو إلى قِمَمِ العصورِ بقاؤهُ
هو صوتُ حُزنِ الأنـبـيـاءِ وآيـةُ الإنـسانِ فـي كـنـفِ الـعُـلا إرساؤهُ
ذاكَ الـحـسـيـنُ نـجاةُ كلِّ مناهضٍ *** رَكَـبَ الـسـفـيـنةَ خُلدُهُ ميناؤهُ
كـبـداهةِ الـشـجـعـانِ أثـثَ وقـتَـهُ *** لـلـمـوريـاتِ وحـتـفُـهُ نـعماؤهُ
حتّى إذا خـمـدَ الـتـمـاعُ العزمِ في *** أفُـقِ الـكـفـاحِ تـلألأت أمداؤهُ
شُطِبت سطورُ الخوفِ من قِرطاسهِ الموتُ حتّى النصرِ صاحَ نداؤهُ
هذا الـوفـاءُ عـلامـةُ الـغـرقـى بـحـبِّ اللهِ، طـوبـى لـلـغـريـقِ وفـاؤهُ
مـا قـالَ لا، إلاّ لـيـنـصـرَ ديـنَـهُ *** فـلـتـخـسـأ الـدنـيـا وتـبقى لاؤهُ
هديل الدليمي