يا أيها الجرحُ السفير
إلى سفير النور مسلم بن عقيل (عليه السلام)
للكوفةِ الحمرا لِمــــــــــــــــا أنا أنتمي *** لترابِها المصبوغِ مـــــن دمِ مسلمِ
للعابرينَ على جســــــــورِ الموتِ والـــــــــــــمتربصينَ بكــــــــــلِّ حتفٍ يرتمي
للجاعلينَ من البطــــــــــــــــولةِ سُلَّماً *** نحو الخلودِ كصــــــــــاعدينَ بسُلَّمِ
كبساطةِ الأشيـــــــــــــــاءِ إثرَ عُلوِّهمْ *** يتملكونَ مكــــــــــــــــــانةَ المتقدمِ
بالكبريـــاءِ بغرَّةِ النـــــصـــرِ المقدَّسِ *** بالفـــــــــــــــــداءِ بما وما لمْ نعلمِ
شطبوا حدودَ المــــــوتِ لا خوفٌ ولا *** فالموتُ صـــــــارَ كأيِ فردٍ مُعدمِ
ولمسلمٍ والســــــــــــائرينَ على خطاهُ *** البــــــــــــــاذلينَ نفوسَهمْ كالدرهمِ
أهبُ القوافي الغافيــــــــاتِ على فمي *** أهبُ القوافي المرسلاتِ على فمي
لتفزَ بركاناً من الثوراتِ في الساحاتِ *** في الصـــــــــلواتِ في أرضِ الدمِ
يقفُ القتيـــــــــلُ على نزيفِ جراحهِ *** يتلو الدماءَ بنـــــــــــــطقهِ المُتلعثمِ
يا قائداً من قبلُ كــــــــــــــــانَ المُلهِمَ *** الصوتَ المفززَ كلَّ صـــوتِ مُلهَمِ
وكأنَّ فرســـــــــــــــــــاناً تُقابلُ سيفَهُ *** يتواعدونَ على شفـــــــــــيرِ جهنَّمِ
يا أيها الجـــــــــــــرحُ السفيرُ سلامةً *** مـــــن كلِّ موتٍ مُحْدقٍ بكَ يحتمي
صغناكَ من أيتـــــــــــامِنا من دمعِهمْ *** بصــــــــــراً نقدمُهُ إلى زمنٍ عمي
يا أيها الممــــــــــــــلوءُ حدَّ الإرتواءِ *** بسيِّدِ الشهــــــــــداءِ والنهرِ الظمي
لمْ تكترثْ بـالمـــــــوتِ قلبُكَ للحسينِ *** يضجُّ من ألمٍ عليــــــــــــــهِ مُحوِّمِ
الهمُّ أنْ تُبـقي عليــــــــــــــــــهِ حياتَهُ *** للهِ قلبُكَ من حبيـــــــــــــــبٍ مُغرمِ
ذاوٍ بــلا شفتينِ أفصـــــــــــحُ ما شدا *** ثغرُ الشجاعِ بحِبــــــــــــكةِ المُتكلِّمِ
لمْ يتــركْ العطشُ المــــــــريعُ بثغرهِ *** غيرَ الدِّماءِ فيا لظــــــــــــــامٍ مُفعمِ
المــاءُ كانَ بكــــــــــفِّ طوعةَ رحلةً *** عَرَجتْ بهِ للطــــــــــــائفين بزمزمِ
ومشــى غريباً في مــــــــدينةِ مَنْ لهُ *** لجأ الغريـــــــــــــبُ المُطعمِ المُتلثِّمِ
المرتـــضى وأبي اليتــــامى والأميرِ *** العادلِ المُتصـــــــــــــــدِّقِ المُتختِّمِ
حَرَبـــوا له جيشاً ومن نِعــــمِ الخلودِ *** بأنَّهُ من جيشـــــــــــــــــهم لمْ يسلمِ
صـــعـدوا بهِ نحو الخرابِ لقـصرِهم *** ورموهُ للعليـــــــــــــاءِ مثلَ الأنجمِ
فتلوا الحبالَ ليسحبوا بظـــــــــلامهمِ *** قمرينِ مشتعليـــــــــــنِ لونَ العندمِ
والكوفةُ الثكـــــــــــــلى تحنَّت بالدما *** من جثتينِ لهـــــــــــــــانئٍ ولمسلمِ
حضنتهما ورعتـــــــــهما قبرينِ من *** طيـــــــــبٍ كما يهبُ الكريمُ لأكرمِ
سبحانك اللهمَّ صارا مقــــــــــصدينِ *** بمرقدينِ كفرقديــــــــــــــــنِ بمعْلمِ
في مصعدِ الدعواتِ مختصرِ السماء *** طريقِ حاجاتِ العبــــــــــادِ الأسلمِ
في مسجدٍ صلى النبيـــــــــون الهداةُ *** وضمَّ ذكــــــــــــــــراهمْ كأيِّ متيَّمِ
قلْ للذي قد مـــــــــــــرَّ فوق رمالِها *** الحمراءَ من شـــــــــادٍ ومن مُترنمِ
عانقْ وقبِّلْ كوفةَ الشـــــــــمسِ التي *** لبستْ ضيـــــــــــاها بعد ليلٍ مظلمِ
وسام الحسناوي