يقولون عنك كلاما كثيرا
إلى سيدي أبي الفضل العباس
يقولونَ عنكَ كلاماً كثيراً
ولكنّهُ يا حبيبي قليلْ..
يقولونَ في يوسفٍ من جمالِكَ بعض الجمالِ ..
وأنتَ الجميلْ..
يقولون أنت الشّجاعُ ..
وليس الشجاعة إلّا رداءً تفصّلَ من أجل أن ترتديهِ
ولكنهُ رُغم هذا ضئيلْ..
أردتُ لوصفِكَ شعراً بهيَّاً نقياً أصيلْ..
ولكنَّ كلُّ القوافي تضيقُ عليكَ
وكل البحور تغيضُ وميزانها لكَ ..منكَ .. يميلْ..
فيا فارساً كمْ تخيفُ الفوارسَ حين تلُوحُ يصخُ الصليلْ ..
ويخشعُ بين يديكَ الصقيلْ..
تُموّجُ في الحربِ حتى الجهاتْ ..
فهذا اليمينُ أزاحَ اليسار..
وللخلفِ سارَ الأمامُ برعبٍ يريدُ الرحيلْ.
تقلّبها بين مدٍّ وجزرٍ
وحولكَ كفُّ المنايا تكيلْ..
تدكُّ الميادينَ حتى تخرُّ إليكَ انصعاقاً ..
وتبتلعُ الخيلُ صوتَ الصهيلْ..
فطالوتُ في بسطةِ الجسمِ والعلمِ كادَ يضاهيكَ
لولا كمثلكَ ما من مثيلْ..
وحينَ البلاءُ بنهرٍ تراءى الفراتُ إليك ..
يُراودُ منكَ الظما كدتَ ترشفُ منه ولكنْ تجلّت وجوهُ العطاشى
وشفّكَ صبرُ الحسين..
حقولٌ من الوردِ تنتظرُ الماءَ فوق الشفاهْ..
سماواتُ شوقٍ تحدِّقُ أنجمُها في مداكَ
تريقُ اللجين..
ورجعُ بكاءٍ تسرَّبَ من داخلِ القربةِ المشتهاةِ
وحلمٌ يمازجهُ الزنجبيل..
ينادي: أيا عمُ أين الرواءُ ..
ظماءٌ ..ظماءُ
ومن ثَمّ أُهرِقَ صمتٌ طويلْ..
رمى الماءَ .. !
كيف رمى الماءَ ؟
ما زال هذا السؤالُ عَصِيّا عليّ..
عليكم ..
على المستحيلْ..
يقولونَ عنكَ كلاماً كثيراً
ولكنه يا حبيبي قليلْ..
يقولونَ لولا القضاءُ محوتَ الوجودَ
وماكنتَ يوماً تكون القتيل..
يقولونَ حين هويتَ استدارَ الفراتُ إليكَ
وصارَ يُهرولُ حولكَ مثل المجانينِ ينعى ..إلى يومِنا
لو أصختَ إليهِ سمعتَ العويلْ..
وبين جراحِكَ يُزهر كونُ ملائكةٍ
وفراديسُ حبٍّ وظلٌّ ظليلْ..
وزنديكَ حولهما يتمرّعُ روضُ دعاءٍ
وفاكهةٌ من هيامٍ
وأبٍّ وبوحُ نخيلْ
يقولونَ حين رأيتَ السبايا
أردت تُلّوحُ لكنّ كفيكَ صارا جناحينِ قمتَ تُحلق فوق الهوادجِ تحرسهم
حيث أنتَ الكفيل..
يقولونَ حين تُنادَى تجيبُ
ولو من مكانٍ بعيد..
بعيد..
“دخيلكَ ساقي العطاشى”.. “أيا سلسبيلْ”..
ألا أروِ بوصلِكَ شوقَ القناديلِ للضوءِ في سادرِ الغيِّ نادى أوامُ الفتيلْ..
وخذ بيديّ أبا الفضلِ ضاعَ دليلي
ألستَ فديتكَ أنتَ الدليلْ..