مقالات

أعمالنا رصيد يُعرض على أهل البيت (عليهم السلام)

لقد جعل الله سبحانه للبشر سادة وقادة, اختارهم وفضّلهم على العالمين, وجعلهم حججا على العباد وأمناء في البلاد, وواسطة الفيض الأكبر والوسيلة إليه تعالى, ونصّ عليهم في آي الذكر الحكيم فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ), وكذلك فقد أمرنا بالتمسّك بحبل أهل البيت (عليهم السلام) المتين وعروتهم الوثقى,

وصرّح تعالى أيضا في العديد من المناسبات بأنهم عليهم السلام شهداء علينا في أقوالنا وأفعالنا, قال تعالى (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) ,

وقال أيضا (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) , وأشارت الأحاديث عن أهل العصمة (عليعم السلام) لتلك الآيات بالتوضيح والتفسير, بأن أعمالنا تُعرض عليهم جميعها صغيرة وكبيرة, سواء في ذلك ما اكتسبناه من الخيرات, أو اجترحناه من السيئات, فيفرحون بحسناتنا ويدعون لنا بالتوفيق والمزيد, تسوؤهم سيئاتنا وما نرتكبه من الذنوب فيسألون لنا الله بالمغفرة والسماح, فعن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:( سمعته يقول: ما لكم تسؤون رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟, فقال له رجل: كيف نسوؤه؟, فقال: أما تعلمون أن أعمالكم تُعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسرُّوه) , وأيضا عن عبد الله بن أبان الزيات وكان مكينا عند الرضا (عليه السلام), قال: (قلت للرضا (عليه السلام): أدع الله لي ولأهل بيتي فقال أو لست أفعل ؟, والله إن أعمالكم لتعرض عليّ في كل يوم وليلة، قال: فاستعظمت ذلك, فقال لي: أما تقرأ كتاب الله عز وجل (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) قال: هو والله عليّ بن أبي طالب) عليه السلام)), وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن أعمال العباد تُعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلّ صباح أبرارها وفجّارها، فاحذروا فليستحِ أحدكم أن يعرض على نبيه العمل القبيح) , وكما نرى فإن الروايات صريحة في ما أشير إليه لا تقبل التأويل أو تفسيراً آخر, ولعل إحدى الغايات المتوخاة من العرض على أهل البيت (عليهم السلام) هو اطلاعنا وعلمنا بذلك بهدف تصحيح السلوك وتقويمه من كلّ اعوجاج وانحراف, واستحياؤنا من سيّء الأعمال وشينها, حيث يطّلع على قبائح أعمالنا الأئمة المعصومون, فيرون السيئات في كل يوم, وفي كل صباح ومساء, مضافا إلى ذلك أنها ستُعرض يوم العرض الأكبر وبمشهد من الثقلين, فينبغي علينا المبادرة إلى التوبة وتصحيح السلوك والتزود بزاد التقوى, فأعمالنا رصيد مذخور في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم, والى هذا يشير أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله (فاتقوا الله الذي أنتم بعينه، ونواصيكم بيده، وتقلبكم في قبضته، إن أسررتم علمه، وإن أعلنتم كتبه، وقد وكّل بذلك حفظة كراما، لا يسقطون حقا، ولا يثبتون باطلا) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى