أخلاق ودعاءمقالات

اخلاق النبي واهل بيته صلوات الله عليهم (1)

من وصاياهم عليهم السلام لشيعتهم وأصحابهم

بسم الله الرحمن الرحيم

۱ ـ ما في تعاليم رسول الله صلّى الله عليه وآله لأبي ذرّ الغفاري رضوان الله عليه ، جاء فيه : ـ
« … يا أبا ذرّ احفظ ما أوصيك به تكُن سعيداً في الدُّنيا والآخرة …
يا أبا ذرّ إذا أصبحت فلا تحدّث نفسك بالمساء ، وإذا أمسيت فلا تحدّث نفسك بالصباح ، وخُذ من صحّتك قبل سُقمك ، وحياتك قبل موتك ، فإنّك لا تدري ما اسمك غداً …
يا أبا ذرّ إنّ شرّ الناس منزلةً عند الله يوم القيامة عالمٌ لا يَنتَفِع بعلمه ، ومن طلب علماً ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنّة …
يا أبا ذرّ … إنّ المؤمن ليرىٰ ذنبه كأنّه تحت صخرةٍ يخاف أن تقع عليه ، وإنّ الكافر ليرىٰ ذنبه كأنّه ذبابٌ مرّ على أنفه …
يا أبا ذرّ دَع ما لستَ منه في شيء ، ولا تنطق فيما لا يعنيك ، واخزن لسانك كما تخزن ورقك …
يا أبا ذرّ إخفض صوتك عند الجنائز ، وعند القتال ، وعند القرآن …
يا أبا ذرّ الحقّ ثقيلٌ مرّ ، والباطل خفيفٌ حلو ، رُبَّ شهوة ساعةٍ تورث حزناً طويلاً …
يا أبا ذرّ حاسِب نفسك قبل أن تُحاسَب فهو أهون لحسابك غداً ، وزِنْ نفسك قبلَ أن توزن ، وتجهّز للعرض الأكبر يوم تُعرض لا تخفى على الله خافية …
يا أبا ذرّ مَثَلُ الذي يدعو بغير عمل كمثَل الذي يرمي بلا وَتر ..
يا أبا ذرّ ما من شابٍّ يدع لله الدُّنيا ولهوها ، وأهرم شبابه في طاعة الله إلّا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صدِّيقاً …
يا أبا ذرّ كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكلّ ما سمع …
يا أبا ذرّ لا يزال العبد يزداد من الله بُعداً ما ساء خُلقه …
يا أبا ذرّ من لم يبال من أين اكتسب المال ، لم يُبال الله عزّ وجلّ من أين أدخله النار …
يا أبا ذرّ من لم يأت يوم القيامة بثلاث فقد خسر.
قلت : وما الثلاث فداك أبي واُمّي ؟
قال : ورعٌ يحجزه عمّا حرّم الله عزّ وجلّ عليه ، وحلمٌ يردّ به جهل السفيه ، وخُلق يداري به الناس.
يا أبا ذرّ إن سرّك أن تكون أقوى الناس فتوكّل على الله ، وإن سرّك أن تكون أكرم الناس فاتّق الله ، وإن سرّك أن تكون أغنى الناس فكُن بما في يد الله عزّ وجلّ أوثق منك بما في يديك …
يا أبا ذرّ من صمت نجا ، فعليك بالصدق ، ولا تخرجنّ من فيك كذبة أبداً …
يا أبا ذرّ سباب المؤمن فُسوق ، وقتاله كفر ، وأكل لحمه من معاصي الله ، وحرمة ماله كحرمة دمه …
يا أبا ذرّ إيّاك وهجران أخيك ، فإنّ العمل لا يتقبّل من الهجران …
يا أبا ذرّ من مات وفي قلبه مثقال ذرّةٍ من كبر لم يجد رائحة الجنّة …
يا أبا ذرّ طوبى لمن تواضع لله تعالى من غير منقصة ، وأذلّ نفسه من غير مسكنة ، وأنفق مالاً جمَعهُ من غير معصية ، ورحِمَ أهل الذلّ والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة.
طوبى لمن صلحت سريرته ، وحسنت علانيّته ، وعزل عن الناس شرّه.
طوبى لمن عمل بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله … » (۱۳).
۲ ـ ما في وصايا أمير المؤمنين عليه السلام لكميل بن زياد النخعي رضوان الله عليه : ـ « يا كميل لا تأخذ إلّا عنّا تكن منّا …
يا كميل أحسِن خُلقك ، وابسط جليسك ـ أي سُرّه ـ ، ولا تنهرَنَّ خادمك.
يا كميل البركة في المال من إيتاء الزكاة ، ومواساة المؤمنين ، وصلة الأقربين وهم الأقربون لنا …
يا كميل لا تردّ سائلاً ، ولو بشقِّ تمرة ، أو من شطر عنب …
يا كميل حُسن خلق المؤمن من التواضع ، وجماله التعفّف ، وشرفه الشفقة ، وعزّه ترك القيل والقال.
يا كميل إيّاك والمراء ، فإنّك تغري بنفسك السفهاء إذا فعلت ، وتُفسد الإخاء …
يا كميل جانب المنافقين ، ولا تصاحب الخائنين …
يا كميل لا تُريَنَّ الناس افتقارك واضطرارك ، واصطبر عليه احتساباً بعزٍّ وتستّر …
يا كميل ومن أخوك ؟
أخوك الذي لا يخذلك عند الشدّة ، ولا يغفل عنك عند الجريرة ، ولا يخدعك حين تسأله ، ولا يتركك وأمرك حتّى تُعلمه فإن كان مميلاً ـ أي صاحب مال ـ أصلحه …
يا كميل إنّما المؤمن من قال بقولنا ، فمن تخلّف عنّا قصّر عنّا ، ومن قصّر عنّا لم يلحق بنا ، ومن لم يكن معنا ففي الدرك الأسفل من النار …
يا كميل قُل عند كلّ شدّةٍ : « لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم » تكفها.
وقُل عند كلّ نفحةٍ الحمدُ لله تُزد منها ، وإذا أبطأت عليك الأرزاق فاستغفر الله يُوسّع عليك فيها.
يا كميل إذا وسوس الشيطان في صدرك فقُل : ـ
« أعوذ بالله القويّ من الشيطان الغويّ ، وأعوذ بمحمّد الرضيّ من شرّ ما قُدّر وقُضي ، وأعوذ بإلٰه الناس من شرّ الجِنّة والناس أجمعين » ، وسلّم ، تُكفىٰ مؤونة إبليس والشياطين معه ، ولو أنّهم كلّهم أبالسة مثله …
يا كميل إنّ الأرض مملوّةٌ من فخاخهم ، فلن ينجو منها إلّا مَن تشبّث بنا ..
يا كميل ليس الشأن أن تصلّي وتصوم وتتصدّق ، إنّما الشأن أن تكون الصلاة فُعلَت بقلبٍ نقيّ ، وعملٍ عند الله مرضيّ ، وخشوعٍ سويّ ، وإبقاءٍ للجدّ فيها …
يا كميل اُنظر فيمَ تصلّي ، وعلى ما تصلّي ، إن لم تكن من وجهه فلا حِلَّ ولا قبول …
يا كميل إنّما يتقبّل الله من المتّقين …
يا كميل قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لي قولاً ، والمهاجرون والأنصار متوافرون يوماً بعد العصر ، يوم النصف من شهر رمضان ، قائماً على قدميه ، فوق منبره : ـ
عليٌّ منّي ، وإبناي منه ، والطيّبون منّي وأنا منهم ، وهم الطيّبون بعد اُمّهم ، وهم سفينةٌ من ركبها نجىٰ ، ومَن تخلّف عنها هوىٰ ، الناجي في الجنّة ، والهاوي في لظىٰ … » (۱٤).
۳ ـ ما في تعليم فاطمة الزهراء عليها السلام لبعض النساء : ـ
« أرضِ أبوَي دينِك محمّداً صلّى الله عليه وآله وعليّاً عليه السلام ، بسخطِ أبوي نسبكِ.
ولا تُرضِ أبوي نسبكِ بسخط أبوَي دينك.
فإنّ أبوي نسبك إن سخطا أرضاهما محمّد صلّى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام بثواب جزءٍ من ألف ألف جزءٍ من ساعةٍ من طاعاتهما.
وإنّ أبوَي دينك إن سخطا لم يقدر أبوا نسبك أن يرضياهما ، لأنّ ثواب طاعات أهل الدُّنيا كلّهم لا تفي بسخطهما … » (۱٥).
٤ ـ ما في كلام لمولانا الإمام الحسن المجتبىٰ عليه السلام : ـ
« يا ابن آدم عُفّ عن محارم الله تكُن عابداً ، وارضِ بما قسم الله سبحانه تكن غنيّاً ، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً ، وصاحِب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عدلاً.
إنّهم كان بين أيديكم أقوامٌ يجمعون كثيراً ، ويبنون مشيداً ، ويأملون بعيداً.
أصبح جمعهم بواراً ، وعملهم غروراً ، ومساكنهم قبوراً.
يا ابن آدم لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن اُمّك ، فخُذ ممّا في يديك لما بين يديك ، فإنّ المؤمن يتزوّد ، والكافر يتمتّع.
وكان عليه السلام يتلو بعد هذه الموعظة : ـ
( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ) (۱٦).
٥ ـ ما في توصية مولانا الإمام الحسين عليه السلام لابن عبّاس : ـ
« لا تتكلّمنَّ فيما لا يعنيك فإنّي أخاف عليك الوزر.
ولا تتكلّمنّ فيما يعنيك حتّى ترى للكلام موضعاً ، فرُبّ متكلّمٍ قد تكلّم بالحقّ فعيب.
ولا تمارينَّ حليماً ولا سفيهاً ، فإنّ الحليم يقليك ، والسفيه يؤذيك.
ولا تقولنّ في أخيك المؤمن إذا توارىٰ عنك إلّا ما تحبّ أن يقول فيك إذا تواريت عنه.
واعمل عمل رجلٍ يعلم أنّه مأخوذٌ بالإجرام ، مجزى بالإحسان ، والسلام » (۱۷).
٦ ـ ما في وصيّة مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام لبعض بنيه : ـ
« يا بُني اُنظر خمسةٌ فلا تصاحبهم ، ولا تحادثهم ، ولا ترافقهم في طريق.
فقال : يا أبه مَن هم ؟
قال عليه السلام : ـ إيّاك ومصاحبة الكذّاب فإنّه بمنزلة السراب يقرِّب لك البعيد ، ويبعّد لك القريب .
وإيّاك ومصاحبة الفاسق فإنّه بايعك بأكلة أو أقل من ذلك.
وإيّاك ومصاحبة البخيل فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه.
وإيّاك ومصاحبة الأحمق فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك.
وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب الله » (۱۸).
۷ ـ ما في وصيّة مولانا الإمام الباقر عليه السلام لجابر الجعفي وجماعة الشيعة : ـ
« قال جابر : دخلنا على أبي جعفر عليه السلام ، ونحن جماعة ، بعدما قضينا نسكنا ، فودّعناه وقلنا له أوصنا يا ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال :
ليُعن قويّكم ضعيفكم ، وليعطف غنيّكم على فقيركم ، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه ، واكتموا أسرارنا ، ولا تحملوا الناس على أعناقنا ، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به ، وإن لم تجدوه موافقاً فردّوه ، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شُرح لنا.
فإن كنتم كما أوصيناكم ، لم تعدْوا إلى غيره فمات منكم ميّت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً ، وإن أدرك قائمنا فقُتل معه كان له أجر شهيدين ، ومَن قَتَلَ بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهيداً » (۱۹).

 

السيد/علي الحسيني الصدر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى