مقالات

الإسلام الأمريكي والإسلام القرآني


إن أمريكا تريد إسلاماً يتفّق مع الفهم الأمريكي للدين ، فالعقل الأمريكي لا يدرك معادلة الوحدة بين الدين والسياسة (الدولة).
وشرف القرآن الكريم أنّه يبني الروح ” قد أفلح من زكاها ” ويبني السياسة والدولة ” ولا تنسَ نصيبك من الدنيا ” .
إنّ الفساد السياسي لا يعالجه إلاّ التدين والخوف من الله والتخلّق بصفات الله من الرحمة والعدل ، ولا يمكن تقليم أظافر الحكّام الظلمة إلّا عبر التخلّق بأخلاق الله والأخذ بهدى الله ؛ لأن دين الله هو الذي يُراقب الحاكم ويمنعه من الاستبداد والاستعباد للناس ، ويردعه من الفساد السياسي والفساد المالي .
من هنا وضع القرآن الكريم الخطط الصريحة في آياته البيّنة التي تمنع الحاكم من الفساد السياسي والفساد المالي وتردعه من الظلم والجور ، ولأجل ذلك بيّن القرآن الكريم بأنّ الحكّام الظلمة كانوا قتلت الرُسل والأنبياء ، وكان مطلب الحكام الظلمة من الرُسل والأنبياء هو ذات الشعار الأمريكي ما شأنكم وشأن السياسية وأمور الدولة ؛ لأنّ الحكّام الظلمة مطلبهم الأساسي أنْ تكون الساسية (الدولة) في خدمة مصالح الحكام الظلمة .
ولا يزال حكام الجور يشعرون بأنّ القرآن الكريم يقف أمام شهواتهم الجامحة ويجهض أهواءهم الطافحة ونكّس من فسادهم السياسي وفسادهم المالي .
ومن هنا ليس غريباً أنْ تخاف أمريكا من القرآن الكريم ، ونحن نعرف اليوم أنّ أمريكا أنّما تحارب الإمام السيد العظيم علي الخامنئي وتقف في وجه السيد القائد العظيم عبد الملك بدر الدين الحوثي ؛ لأنهما رفعا مسار الإسلام القرآني ووقفا أمام مشروع الإسلام الأمريكي .
وهنالك في مسار الإسلام القرآني توثيق الرابطة بين الدين والدولة (السياسة) ، ودلالات القرآن القريبة والبعيدة كما تقوم على التوحيد بين روح الإنسان وجسمه ، تقوم كذلك تلك الدلالات القرآنية على التوحيد بين دين الإنسان وسياسته ودولته ، ولكن يعجز العقل الأمريكي أنْ يرى الجمع بين التديّن والتسيّس .
وبسبب ذلك التناقض الحاد بين الدين والسياسة لدى العقل الأمريكي .. كان ذلك العقل الأمريكي – ولا يزال – يعجب ويندهش من حياة نبي الإسلام (ص) كيف جمع بين التعبّد في غار حراء ومسجد المدينة المنوّرة ، وكان عابداً زاهداً تقياً صائماً متهجداً وبين ما جاء في سيرته (ص) أنّه كان يحتفظ بتسعة سيوف وثلاثة رماح ، وثلاثة تروس وأسلحة أخرى ، وكان قائداً عسكرياً ، وكان سياسياً محنكاً ، وكان مقاتلاً شرسا .
إنّه لا قيمة في القرآن لأي دولة تقوم هنا وهناك بعيدة عن التديّن بأخلاق الله ؛ لأنّ الحاكم إذا لم يتصف بصفات الله من الرحمة والعدل ، سوف يتصف بصفات الطواغيت من الظلم والاستبداد ، وترشيد الحاكم السياسي لا يتم إلّا حين يتم ربطه بصفات ربّه والسير على هداه ، ولو كان حكّام أمريكا اتصفوا بصفات الله لما نزعت منهم الرحمة ولما سقطوا في براثن الظلم للشعوب المستضعفة في العالم .
إنّ حكام الجور – في كلّ زمان ومكان – هم دعاة الفصل بين الدين والسياسة ؛ لأنّ الدين يقف حجر عثرة أمام جورهم وظلمهم وفسادهم السياسي والمالي .
واليوم نجد حكّام الجور في أمريكا يرفعون شعار ” إعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ” ، لأنّ حكّام أمريكا عزلوا دين الله وصفات الله عن الحكام وعن الدولة ، ويريدون ديناً خاملاً لا يملك دولة ولا قوة ولا سلاح ، ولا يقف أمام الحاكم الجائر ، ولا يدافع عن المستضعفين في الأرض ، ولا يتصدّى للمستكبرين ، يريد حكّام أمريكا ديناً يديره الملوك الجبابرة الفراعنة ، ولا يريد حكام أمريكا ديناً يقيم دولة يحكمها الأتقياء الصالحون من أمثال محمد (ص) ومن أمثال سليمان (ع) .
عصام العماد
مدينة قم العلمية
15 – أغسطس – 2019م

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى